المقدمة
الحمد لله الأول قبل الأحياء والأشياء، العليم الذي لا ينسى ذكره، ولا ينقص من شكره، ولا يخيب دعاء من دعاه ولا رجاء من رجاه، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وبعد:
خلق الله الأرض وما عليها تسخيرا للإنسان وخلافة له عليها، فأمره سبحانه وتعالى بالنظر والبحث فيها، والضرب في مناكبها والتمتع بجمالها واستثمارها واستصلاحها والمحافظة عليها، ولكن للأسف الشديد ومع ظهور التطورات الحديثة، وكثرة الحروب والصراعات والصناعات الحربية والكيميائية ظهر من الفساد والملوثات في بيئتنا اليوم ما لم تكن معهودة من قبل، فظهر التلوث في الماء والهواء والتربة، وظهر التصحر والاحتباس الحراري وندرة المياه وكثرة الأمراض وغيرها من الأعراض الدالة على الحاجة للتصدي لهذه المشكلات والتي يكاد أن يقال عليها كوارث على الإنسانية، فكان لزاما على العقلاء في العالم والمهتمين بصحة الإنسان وتنميته وصحة الأرض والكائنات التي تحيا عليها المناداة والتحذير وتسليط الضوء على المشكلات الحاصلة في البيئة، كل حسب مجاله وتخصصه، وكان لمجال علم النفس نصيبا من هذا الخير، وتمثل ذلك في فرع من فروعه وهو موضوع هذا الكتاب (علم النفس البيئي)، الذي يهدف أساسا إلى دراسة العلاقة بين الإنسان والبيئة المحيطة، وكيفية المحافظة عليها وحمايتها وتجميلها وتحسينها.
إذ يهدف هذا الكتاب إلى تسليط الضوء جملة من المواضيع المعنية بالعلاقة بين الانسان وبيئته، التي أصبحت تزاد أهمية يوما بعد يوم، فقد عمدت المؤلفة إلى الكتابة في هذا المجال لندرة من كتب فيه على حد علم المؤلفة، حيث يعد من الكتب المنهجية التي تدرس في أغلب أقسام علم النفس في العالم العربي، ويحتوي هذا الكتاب على ثمانية فصول، تناول كل فصل منها جانبا من جوانب علم النفس البيئي بشئ من الشرح والتفصيل، إذ تناول الفصل الأول مفهوم علم النفس البيئي ونشأته، وتعريف البيئة وأقسامها، وأهداف علم النفس البيئي ومجالاته، وبعض المواضيع الأخرى المتعلقة بالبيئة، أما الفصل الثاني فقد تناول مفهوم النظام البيئي وخصائصه، والعوامل التي تؤدي إلى اختلال التوازن البيئي، وأهمية الحفاظ على التوازن البيئي، بالإضافة إاى الآثار الناجمة عن الاختلال البيئي، أما الفصل الثالث فقد تناول موضوع العصر (التلوث) تعريفه، وأنواعه والآثار الناجمة عنه وطرق علاجه، أما الفصل الرابع فقد تناول آفة العصر(التدخين)، وقد تم فيه توضيح مفهومه و أنواعه وأسبابه وأضراره، وأخيرا طرق علاجه، ثم جاء الفصل الخامس ليشرح مفهوم حماية البيئة ومحددات السلوك البيئي، بالإضافة إلى تعديل السلوك البيئي والوعي البيئي، ودور الأجهزة الرقابية في حماية البيئة، أما الفصل السادس فقد تناول مشروع التدوير البيئي بمفهومه وأهدافه وأنواعه وطرقه وأهميته، وأخيرا جاء الفصل السادس الذي تناول فيه الكتاب مناهج البحث في علم النفس البيئي، والنظريات التي طرحت في هذا المجال.
ويمكن أن يستفيد من هذا الكتاب الفئات التالية:
-أقسام علم النفس التي تعتمد هذه المادة كمقرر دراسي.
-أقسام البيئة في كليات الآداب المختلفة على مستوى العالم العربي.
-قسم الجغرافيا بما يحتويه من مواضيع مشتركة بحماية البيئة، وخاصة الجغرافيا السلوكية.
-مرجعا لكل المهتمين بقضايا التلوث، والحفاظ على البيئة وحمايتها وتجميلها وتحسينها.
ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، ونحمده تعالى أن وفقنا لإنجاز هذا الكتاب، وقد بذلنا جهدنا كي يخرج هذا العمل يهذا الشكل، ونرجوا من الله أن تكون رحلة ممتعة وشيقة للقارئ، وأن يكون قد نال إعجابكم.
المؤلفة