تكنولوجيا الاتصال التربوبوي

المقدمة
أضحى الاتصال في الميدان التربوي ضرورة ملحة.. غذ تاثرت التربية كغيرها من العلوم بالتطورات العلمية والتطبيقية في مجال الاتصال وتكنولجيته الحديثة. وتتميز المجتمعات المعاصرة بانتشار وسائل الاتصال (الإعلام) وإقبال الناس عليها لما لهذه الوسائل من دور تربوي كبير باعتمادها على العلم والفن والآلة المتطورة، جعلها عظيمة التأثير في العقول والعواطف البشرية، فانتقال الفكرة والخبرة من مكان إلى مكان بسرعة، أدى إلى زيادة الرصيد الثقافي للأفراد والجماعات وجعلها تعكس عناصر الثقافة العامة للمجتمع على جانب كبير من التنوع والكثرة..لا تستطيع أي قوة من القوى الثقافية القيام بها.
إن العلاقة بين الاتصال ووسائله التكنولوجية، والتربية.. علاقة وطيدة لدرجة ذهب البعض إلى القول بأن العملية الاتصالية في بعض جوانبها عملية تربوية وأن العملية التربوية في بعض جوانبها عملية اتصالية، وقيل أن التربية في جوهرها (عملية اتصال) وأن الوظائف المشتركة بينهما كلاهما يتعامل مع المجتمع ويهدف إلى خدمته.
أي أن التربية والاتصال..كلاهما أداة لتوصيل رسالة ما… لـ مستقبل (ما)… بوسيلة (ما)…. وكلاهما وجد مصيصاً من أجل الإعلام أو التعلم..
ولما كان التعلم أحد وظائف الاتصال ونعرفه بأنه (عملية أساسية في الحياة يسير معها ويمتد بامتدادها ومن كل فرد يكتب الأنماط السلوكية التي يعيش فيها) عن طريق التعلم القائم على الاتصال المباشر وغير المباشر.
ويذكر “وارين” في معجمه…بأن التعلم…
 عبارة عن عملية اكتساب لقدرة معينة التي تتيح للكائن الحي أن يستجيب لموقف سبق له أم لم يسبق له أن عاشه.
 التعلم عملية تجميع للاستجابات الحركية الأولية في كل حركة يقوم بها الفرد ولا يقصد بالتجميع هنا (الكل الإضافي) وإنما المقصود الكل العضوي من حيث هو وحدة كلية لها انتظامها البنيوي.
 التعلم هو عملية تثبت للعناصر في الذاكرة بحيث يمكن استعادتها والتعرف عليها أن التعلم كما قلنا أحد الوظائف الأساسية للاتصال…حيث تقوم تلك الوسائل التقليدية والتكنولوجية، بدور رئيس في عمليات التعليم والتعليم التي تحدث داخل المدرسة أو خارجها وكلاهما (التربية والاتصال) يؤديا إلى فهم جيد لأن وسائل موصل جيد بين المرسل والمتلقي، فالمعلم بفنه ووسائله، والمذيع والصحفي بأدواته وتكنولوجيته، والاهتمام بالتفهم جزء من هدف كل منهما.
لقد أفادت التربية من هذا النوع من الوسائل الاحتمالية، ومنذ القدم…فعندما ظهرت تكنولوجيا الطباعة…سارعت التربية فأفادت منها وطبعت الكتب المدرسي والخرائط وغيرها في الحال.. وعندما ظهرت السينما والآلات العاكسة…حاولت التربية أن تفيد منها بقدر ا استطاعت هذه الوسائل أن تعطي… وبقدر ما استطاعت التربية أن تأخذ وعندما ظهرت وسائل الاتصال المتقدمة كالإذاعة والتفزيون.. لم تقتصر التربية في محاولة الانتفاع بقدر ما استطاعت هي أن تستوعب وبقدر ما أراد أصحاب الاتصال أن يعطوا.
فإذا أردنا أن نحول التربية إلى صناعة ثقيلة… وإلى نتاج كبير… لا بد أن نلحق بركب. التكنولوجيا في استخدامها في ميدان العلم… أي أن تلجأ التربية إلى تكنولوجيا أدوات مرئية ومسموعة، وإلا بقيت عاجزة عن أداء رسالتها، ولا تملك أن تبقى التربية صناعة يدوية بعد أن أدركت التكنولوجيا كل نواحي الحياة الإنسانية.
لقد تناولت في كتابي تكنولوجيا الاتصال في التربية الحديثة هذه الأفكار، وقاربت بين مفهومي التربية والاتصال ووظفت التكنولوجيا في أداء العملية التربوية إذ وزعت هذه المقاربات في الفصول التالية:
الفصل الأول: التربية وعناصرها… فقد ورد مصطلح التربية اللغوي والاصطلاحي وخصائصها والتغيرات التي رافقتها… تبعاً للتاريخ واتساع النظرة إلى مفهوم التربية وكيف فسرتها المدارس القديمة والمعاصرة… ومميزات كل مرحلة.. أما عناصر التربية (الأدوات) فتختلف في الأسرة.. المفتاح الأول للتربية الصحيحة.. المدرسة.. باعتبارها ملتقى الأجيال والخلية الحية في المجتمع العام ودورها في الحفاظ على التراث والحضارة.. وظائفها التربوية. المجتمع: باعتبار التربية ضرةرة اجتماعية، هدفها إعداد الفرد تربويا ليصبح عضواً ناقصاً في المجتمع، ودور المجتمع في تلبية احتياجات التربية وضرورة تحقيق شعار (التربية والتعليم للجميع).
الفصل الثاني: مبادئ الاتصال.. وما يتعلق بمفهومه.. والآراء الكثيرة التي تناولته وشرحنا العملية الاتصالية من خلال عناصرها المعروفة..المرسل-الرسالة-الوسيلة-المستقبل ودور كل منهما في إنجاح هذه العملية.. بالتغذية المرتدة (رجع الصدى) وحسب مستويات الاتصال..(الذاتي الشخصي –الوسيطي –الجماهيري) ومقومات كل مستوى، وكيف فسرت النماذج الاتصالية في أداء الاتصال وكيف وظف الاتصال في خدمة المجتمع والتربية.
الفصل الثالث: الاتصال والتربية (الاتصال التربوي) وفيه مقاربة بين مفهومي الاتصال والتربية إذ يشكلان معاً (عملية اتصالية تربوية) لها عناصرها (مرسل/معلم) خصائص المعلم الناجح.. (المستقبل) (التلميذ) أنماط المتعلمين… تفاعل المعلم والتلميذ (الرسالة المادة التعليمية)… وهي مجموعة من المفاهيم والمعلومات المبرمجة والموصوفة في منهجية وحسب خطة مدروسة يراد إيصالها إلى المتعلم. مقومات الرسالة التعليمية الناجحة والمنهج.. وأسسه العامة، تصنيفاته… والوسائل التعليمية.. إحدى الضروريات الأساسية لنجاح العملية التربوية.. وتتمثل في (أداة تعليمية – أو جهاز) يستخدمه المعلم للوصول بتلاميذه إلى الفهم والعلم بأسرع وقت وأقل جهد.. واختتم الفصل بالإجابة على دور الاتصال ووسائله وكيفية تحقيق مهامه في العملية التربوية والقيم التربوية لتلك الوسائل التعليمية.
أما الفصل الرابع: الوسائل التكنولوجية واستخدامها في التعليم… فقد استعرضنا دور التكنولوجيا (مفهومها.. كيف تطورت… كيفية أدائها…في التربية والتعليم) في المبحث الأول.
أما المبحث الثاني.. تكنلوجيا الاتصال في العملية التربوية..فقد تناولنا فيه..تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستعرضنا أهم الوسائل الاتصالية واستخدامها في مجال التربية والتعليم وهي:
أ- الصحافة المدرسية.
ب- الإذاعة المدرسية.
ج- التلفزيون المدرسي.
د- الحاسوب المدرسي.
هـ -الإنترنت المدرسي.
لقد حاولنا توظيف هذه الوسائل الاتصالية في العملية التربوية والتعليمية.. وجعلنا تلك الأدوات الجماهيرية.. أدوات اتصالية تربوية مصغرة…تخدم الإدارة التعليمية.. في توجيهها واتصالها في التلاميذ..داخل المدرسة (المجتمع التربوي المصغر) لتكتمل العملية الاتصالية التربوية.. وبذلك يكتمل الكتاب عسى أن يقدم خدمة اتصالية (إعلامية وتربوية) في آن واحد.
والله الموفق
مجد الهاشمي