القيادة والإدارة التربوية

مقدمة
عندما راودتني فكرة القيام بتأليف كتاب في الإدارة والقيادة التربوية، شعرت أن في الأمر تحديا كبيرا، وسألت نفسي هل يمكن إنجاز هذه المهمة بنجاح، لا سيما أنها تحتاج إلى وقت وجهد ونحن نعيش في زمن السرعة، والعمل المضني ويوم العمل الطويل، والاجتماعات، واللقاءات، والالتزامات الوظيفية، والأسرية الكثيرة، وأن أي جهد إضافي، أو عمل جديد قد يؤثر على الأعمال اليومية، وعند القياس في ميزان الربح والخسارة، وجدت أن تأليف كتابٍ يكون فيه إضافة للمكتبة العربية، يستحق مثل هذا العناء، وسيكون صدقة جارية في الحياة وبعد الممات، فقررت الاستمرار في التحدي مع نفسي، ولا بد من الاعتراف أنه قد راودتني في بعض الأوقات، وفي خضم زحمة العمل، وضيق الوقت، وضغطه، فكرة التوقف، والاستسلام لكن كان دائما هناك حافزٌ يشجعني أن مثل هذا العمل يستحق مزيداً من المثابرة، وكنت كلما وجدت كتبا عربية، أو أجنبية، يمكن الاستفادة منها في مشروعي، زاد إيماني بأهمية العمل الذي أقوم به، والإصرار على إنجازه، والاستمرار به حتى النهاية، وأشكر الله تعالى الذي أعانني على ذلك، والشكر موصول بعد الله لأفراد أسرتي الذين شغلني تأليف هذا الكتاب عنهم بعض الوقت، وكان لصبرهم، وتشجيعهم، حافزا لمزيد من الجهد، والمثابرة، والسهر ، لتحقيق هذا الجهد المتواضع الذي هو اليوم حقيقة واقعة بين أيديكم.
وسيتم تقسيم الكتاب إلى عشرة فصول: سيتناول الفصل الأول فيه المفاهيم العامة في الإدارة التربوية، والتعليمية، والمدرسية، والفكر الإداري، ثم يتطرق الفصل الثاني منه إلى المركزية، واللامركزية في الإدارة التربوية مع التعريف بكل منهما، وإيجابياتها، وسلبياتها، في الإدارة بشكل عام، وفي المؤسسات التربوية على وجه الخصوص، ثم يتطرق الفصل الثالث إلى التخطيط التربوي، كونه الأساس في نجاح المشروعات التربوية، ولا بد للمؤسسة التربوية التي تنشد النجاح من التخطيط السليم، وكثير من المشروعات التربوية فشلت لفشل التخطيط، ثم يتطرق الفصل الرابع إلى القيادة التربوية، كون مؤسساتنا التربوية العربية هي أحوج ما تكون إلى قيادات تربوية قادرة على تذليل الصعاب، وتمهيد الطريق لإعداد قيادات تربوية، مستقبلية، تكون قادرة على التعامل مع المستجدات، والظروف بعينٍ حصيفةٍ، وفكرٍ متوقدٍ، وذهنٍ متفتحٍ، وفي الفصل الخامس سيتم التطرق إلى الاتصال في الإدارة التربوية، وهو العملية التي لا يمكن لأي عمل إداري، أو إنساني، أن يتم إلا بالاتصال، والذي يسميه البعض “قلب الإدارة النابض”، ويتناول الفصل السادس اتخاذ القرارات في الإدارة التربوية، فقيادة المؤسسة التربوية تتخذ يوميا كما هائلا من القرارات، بعضها روتينية، والبعض الآخر استراتيجي، يتعلق برؤية المؤسسة التربوية، ورسالتها، ثم يتطرق الفصل السابع إلى إدارة الوقت، وهو المورد الهام في الإدارة التربوية الذي لا يخزّن، ولا يسترجع، ولا يتكاثر، وعليه تعد عملية إدارة الوقت، وإعادة ترتيب الأولويات، الشغل الشاغل للإدارات التربوية، لا سيما من يشغلون المراكز المتقدمة فيها، وسيتطرق الفصل الثامن إلى إدارة الجودة الشاملة، المطلب الرئيس، والهام لنجاح المؤسسات التربوية، وإداراتها، ثم يتطرق الفصل التاسع إلى إدارة المعرفة، والتي أصبحت ضرورة لديمومة أية مؤسسة عامة، أو تربوية، وفي الفصل العاشر سيتم التطرق إلى العولمة، وتحدياتها في الأنظمة التربوية، فالحدود أصبحت وهمية، وانتقال المعلومات، والأفكار، والمعارف، أصبح عبر الفضاء، ولا يعترف بالحدود الجغرافية للدول، فأصبحت المؤسسات التربوية أمام مسؤولياتها في تنوير النشء، للتمييز بين الغث والسمين، بين النافع والضار، بين الإيجابي والسلبي، فيما يتعرضون له بشكل يومي في حياتهم العملية؛ فأصبح لزاما على المؤسسات التربوية تحصينهم من أخطار العولمة، وتعليمهم كيفية توظيفها في التعليم، والتعلم الإيجابي.
وسوف يحرص هذا الكتاب بإذن الله على الاستفادة من المكتبة العربية، والمكتبة الأجنبية، والتركيز على الكتب ذات العلاقة، والحديثة منها، وأحمد الله أنه تم الحصول على مراجع حديثة، وفي صلب موضوع البحث، الأمر الذي يعين بعد الله على إنجاز هذا الكتاب.
وختاما نأمل من كل من يقرأ هذا الكتاب أن يتجاوز لي إن وقعت في هفوة هنا، أو خطأ هناك، فالعمل الإنساني دوما يشوبه النقص، وإن أصبت فبتوفيق من الله، وإن أخطأت فمن نفسي، وأملي من الجميع تزويدي بأية ملاحظات إملائية أو طباعية أو نحوية أو منهجية أو مقترح من شأنها تطوير هذا العمل، وأعدهم بأخذها بعين الاعتبار، إذا ما كتب لهذا الكتاب أن يرى النور من جديد، في طبعة جديدة، والله تعالى الموفق إنه نعم المولى، ونعم النصير.
المؤلف
د. محمد بن عبدالله اللحيدان
المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة تبوك