المقدمة
هناك مظاهر للتفرقة بين الجنسين (الذكور والإناث) في المجتمعات العربية في الخصائص الشخصية، وتوزيع الوظائف، وحرية الحركة والتصرف، والمنزلة الاجتماعية، والسلطة والمسؤولية، والحقوق، تتمثل بوجود تحيز للذكور على حساب الإناث كعدّ الذكور جنس أرقى وأفضل من جنس الإناث في الجسم والعقل والشخصية، وتركز دور المرأة في شؤون الأعمال المنزلية وتربية الأطفال والمكوث في البيت، وتمتع الذكر بحرية الحركة والتصرف أكبر من الإناث، وتمتع الذكور بمركز اجتماعي يفوق الإناث، وتمتع الذكور بسلطة ومسؤولية أكبر من الإناث، وتمتع الذكور بحقوق أكثر من الإناث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وتبين أن هناك بعض المتغيرات أو الأسباب التي من المحتمل جداً أن تفسر لنا معظم أسباب التحيز للذكور في مجالات التفرقة الستة. ومن بين هذه المتغيرات يُذكر متغير الثقافة العامة وتراكمها، المتضمن للقيم والمعتقدات والأعراف والعادات والتقاليد الأبوية والقبلية والعشائرية والإقطاعية، والمتغير الديني، والمتغير الجغرافي الريفي، والمتغير الاقتصادي الاجتماعي وحراكه، ومتغير الخصائص الشخصية لجنس الفرد، ومتغير الصراع بين الرجل والمرأة من أجل البقاء والتفوق، ومتغير السعي نحو الهيبة والمكانة الاجتماعية والقوة وحفظ النسل، ومتغير البيئة الخارجية كالاحتلال ومحاولة نشر ثقافته ودينه، ومتغير التنشئة الاجتماعية المتأثر والمؤثر في جميع هذه المتغيرات. وظهر أن لمظاهر وأصل التفرقة بين الجنسين في مجالات الدراسة الستة أبعاداً سياسية، كابتعاد المرأة عن العمل السياسي والتركيز على الأعمال المنزلية، واكتسابها منزلة سياسية متواضعة، وتقيد حريتها وحركتها السياسية، وعدم حصولها على قدر كافي من السلطة السياسية في الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية، واحتكار الذكور للحقوق السياسية، وتراجع الإناث في مجال الثقة السياسية والإدراك والمعلومات والوعي والكفاءة السياسية والاهتمام بالسياسية، واتسامها بالمحافظة السياسية والاغتراب السياسي، وضعف قدرتها في إدارة العمل والمعارك السياسية واتخاذ القرارات السياسية والتأثير على الآخرين والخطابة والإقناع مقارنة بالرجل، وظهر وجود تشابه بين مجتمعات الدراسة في مظاهر التفرقة بين الجنسين وأسبابها وأبعادها السياسية.
