مناهج البحث العلمي في الإسلام

مقدمة الكتاب
باسمه تعالى عليما حكيما له أسماؤه الحسنى ، وحمدا له حمدا أبدياً ، والصلاة والسلام على رسوله على رسوله النبي الأمي رسول الهدى ، وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
قال تعالى في كتابه الكريم : ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ﴾.
أولى آياته القرآنية تتعلق بالعلم ، والتعلم ابتدأ بها الإله قرآنه بالتنزيل ، مؤصلا بها شريعة الإسلام ، شريعة العلم ، والهداية في التناول ، والاطلاع ،والإلمام ، وفي البحث والتقصي لحقائق العلوم ، ودقائق المعارف ، وفي مختلف الميادين العلمية الروحية ، والأمنية ، والتطبيقية، و النظرية .
وتؤصل شواهد التاريخ الإنساني مساهمات المفكرين والعلماء المسلمين في ميادين الفكر الإنساني علماً ، ومنهجاً .
ولعل شواهد الغزارة العلمية لعلماء المسلمين تنقلنا الى التدليل بأصالة الفكر العلمي الإسلامي في تأصيله لقواعد ،وأصول مناهج البحث العلمي ، القائم على الاستدلال ، أو الاستنباط ، أو الاستقراء أو الاسترداد ،أو الملاحظة .
والمفكرون المسلمون هم الذين أرسوا قواعد البحث العلمي في المنهج القائم على الملاحظة ، والتجرية ، والتأمل العقلي ،والتحديد الكمي .
ولقد أضفى علماء المسلمين على اهتماماتهم العلمية في الحفز ، والتناول ،والأسلوب ضرورات الإلتزام بالتقيد بمنهج علمي ثابت ، وواضح أصلوا قواعده ، ومبادئه ، وخطواته ، يلتزم بها الباحث في التحري لأية حقائق علمية ، شعاره التقيد بالموضوعية في الدراسة ، والنقد ، والكتابة ، والصياغة ، والتقييم ، واستخلاص النتائج ، وبعيداً عن مؤثرات العاطفة، والتجردات الشخصية ، والأهواء .
ولذا تقتضي شعارات الموضوعية إلمام الباحث بقواعد المنهج العلمي ، وخطواته في الإعداد ، والصياغة ، والإخراج ، وعلى اعتبار أن منهج البحث يعني في حد ذاته قانون المحاولات الدراسية ، والإعدادية ، والتقيمية ، وعلى أسس ، وقواعد موضوعية ، وشكلية سليمة ، ومتعارف عليها ، وضمن إطار العلوم الإنسانية النظرية ، والتطبيقية . وضمن أصول وقواعد هادية ،ومنظمة للفكر ، والعقل في التناول ، والصياغة ، وفيما يعرف بالمنهج العلمي السليم في البحث .
وعلى اعتبار أن النشاط الذهني في البحث العلمي هو أهم وأعقد أوجه النشاطات الفكرية في ميادين العلوم ،والمعارف ، فقد تبنت الجامعات ممارسة هذه النشاطات بتقريرها ضمن أنظمة الدراسة فيها ، تدريبا للطلاب فيها على كيفية القيام بمثل تلك النشاطات ، وعلى رأسها إعداد البحوث العلمية ،أثناء وطيلة سنوات الدراسة الجامعية ، وفيما يعرف بالبحث الصفي يدرب عليه الطلاب أثناء الدراسة الجامعية ، أي في مرحلة ماقبل التخرج ، وفيما يعرف ببحث الماجستير ،أو بحث الدكتوراه أثناء مرحلة الدراسات العليا ، أي في مرحلة ما بعد تخرج من الجامعة .
وتهدف الجامعات الى تكوين المهارات البحثية لدى طلابها ،بتنمية قدراتهم البحثية في التفكير ، والاطلاع ، والتحليل ، والتبحر ، والجمع ، والتعبير ، والاستنتاج ، والقدرة على التقييم ، والنقد ، وإصدار الأحكام . وكل ذلك ضمن التبصر ، والالتزام بقواعد المنهج العلمي المناسب ، والأسلوب العلمي المتبع .
ومن هنا فقد دأبت الجامعات السعودية ،ومنها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الى تأصيل هذه الأفكار ،وتحقيق تلك الأهداف بتقرير مادة مناهج البحث العلمي ضمن مواد الدراسة الجامعية . وقد حاولنا بقدر الإمكان إعداد هذا الكتيب ليكون شاملا للمادة المقررة في منهاج البحث ،مركزين على الموضوعات التابعة لها والمتفرعة عنها ، والتي ينص عليها نظام التعليم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ،وفي نفس الوقت أقر تدريسها .
ولعل ما أسعفني في الإحاطة بموضوعات مادة منهج البحث المقررة أنني كلفت بتدريسها ولا أزال ، ولعدة سنوات في جامعة الإمام ، حيث استرشد بخبرتي التدريسية لهذه المادة ، داعيا الله عز وجل أن يعيننا على تحري الدقة ، وتوخي الفائدة المرجوة ، وأن يتحقق النفع المنشود .
وقد ضمنت هذه الدراسة ستة أبواب هي :
الباب الأول _ الإسلام والعلم
الباب الثاني _ منهج البحث العلمي
الباب الثالث _ البحث العلمي
الباب الرابع _ المخطوطات
الباب الخامس _المكتبة في الإسلام
الباب السادس _ دراسة تعريفية لبعض المصادر والمراجع
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
المؤلف
أ. غازي عناية