مقدمة
لعل فكرة هذا الكتاب لم تكن مقصودة في البدء لكنها ما لبثت أن اتسمت بالقصدية بعد أن بدا لي وأنا أهمُّ بالكتابة نقداً وتأويلاً على نصوص شعرية ونقدية أن هناك ريادة شعرية أكيدة بمسربيها الورقي والرقمي كان قد أيقظها إبداع الدكتور مشتاق عباس معن، إذ استطاع بمشروعه الإبداعي أن يؤجج الإهتمام الشعري والتفاعلي لدى النقاد بعد أن أخذت طروحات البناء الشعري والتجديد تتحرك بخطى حثيثة نحو التماسك الشكلي والموضوعي للتشظي الفني والتشتت الإبداعي.
ولا يخفى أن الشعر العربي ما زال يشكل جنساً أدبياً غير مستقل البنية، فأجناس الشعر أو أنواعه محط الإهتمام الجمالي، بدءاً من الإختلال الناجم عن تسمية شعر التفعيلة بالشعر الحر ومروراً باللاعتراف بقصيدة النثر جنساً شعرياً ووصولاً إلى إشكاليات قصيدة الشعر.
وكثير من النقاد العرب يبدون وجهات نظر إزاء هذه الإشكاليات إلا إنها لا تحل المسألة من الناحية الإصلاحية.
ولا غرو أنَّ توليف نص شعري على منهج جديد من الناحية النظرية قد يكون مقاربة حداثية، لكنه من الناحية العقلية تمرد عصري قد يحتاج إلى مزيد من التنقيح والتشبث؛ فالظاهرة الشعرية تبقى محكومة بمدى محايثتها للبنية الجمالية والثيمة الموضوعية لشعر الحداثة.
وعلى الرغم من أن هذا مجرد حدس استقر في ذاتي – ربما يكون جزافاً او تعجلاً وقد يكون عن شك أو بينة؛ إلا إنني لا أبارح مسلمة مهمة هي أننا من أجل الإمساك ببنية الشعر لا ينبغي أن نشطر بنية الذات ولا أن نقيم بنية الذات على حساب بنية الشعر، بل نريد منهما أي الذات / الشعر أن يكونا متلازمين في توليفة فنية يكون فيها بناء الذات وبناء النص على وتيرة واحدة ضمن بوتقة إبداع متحدة.
