المقـدمـة
الحق و الباطل، العدل والجور، السلم والحرب مصطلحات متناقضة في صراع دائم منذ الأزل إلى اليوم. وقد عمل القانون الدولي على نشر السلم والأمن الدوليين لتحقيقهما، والتعاون بين كل أعضاء المجتمع الدولي من أجل خدمة الإنسانية وتحقيق السلام.
كما عمل القانون الدولي الإنساني على تطوير الأحكام القانونية المتعلقة بتجريم الحرب، وكل الجرائم ضد الإنسانية ، وضد السلام وكل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان باعتبار هذه الحقوق من أهم المسائل التي تولد مع الإنسان، وتستقل عن دولته، و لا يمكن لأحد أن يوقفها، مهما كانت سلطته.
إن كل سلطة في القانون تملك امتيازات، تقيدها التزامات ،لردع كل من تخول له نفسه انتهاك هذه الحقوق عن طريق المحاكمة العادلة. وعلى المستوى الدولي نجد محاكمات طوكيو ونورمبورغ، ثم المحاكم المؤقتة في كل من رواندا ويوغسلافيا ، والتي توجت بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بروما. فالعدالة الجنائية الدولية لم تعد ذات منظور إقليمي أوداخلي ، يقتصر على ما تقوم به أجهزة العدالة الجنائية الداخلية التي تطبق تشريعاتها الوطنية فحسب ، بل تعدى ذلك إلى النطاق الدولي من خلال نظم ومحاكم قضائية دولية جنائية تختص بمقاضاة الأشخاص المتهمين مهما كانت سلطتهم بارتكاب جرائم دولية محددة على سبيل الحصر .
لكن رغم محاولة مجلس الأمن حفظ السلم والأمن الدوليين، الذي يعد الإختصاص الأصيل له من خلال ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدت إلى ظهور مفاهيم جديدة مثل الدول المارقة ، الحرب الإستباقية، تغيير الأنظمة الحاكمة،وهو ما أدى إلى الخروج عن الشرعية الدولية. فقد تم غزو العراق تحت مبررات و أسباب عديدة ، ودون تفويض من مجلس الأمن، ليتم بعدها إلقاء القبض على رئيسها “صدام حسين” ، أثناء التواجد الأجنبي بالدولة ثم محاكمته عن جرائم دولية، أمام محكمة أثارت شرعيتها العديد من الاختلافات القانونية والفقهية، رغم تطور العدالة الدولية الجنائية.
فهل أرست هذه المحاكمة أساسا لبناء دولة القانون ، تحولت فيها علاقات السياسة،إلى علاقات مؤسسية! محكومة بضوابط وقواعد تحترم القانون والعدالة!!.
أهمية الدراسة
تبرز أهمية هذه الدراسة أولا في اعتبار محاكمة رئيس دولة أثناء الإحتلال سابقة فريدة من نوعها، أثارت جدلا فقهيا بالنظر لمدى خطورتها واستنكار الرأي العالمي لها.
كما تتميز بكونها تخص رئيس دولة عربية،يحاكم عن جرائم دولية، أمام محكمة داخلية تم إنشاؤها إبان الإحتلال الغربي. والمسلَّم به أن البلد الخاضع للاحتلال، حتى وإن اتّسمت قوانينه المحلية بالكمال، فإنها تبقى موْضِع شك ، لأنها لا يمكن أن تعلو قوانين الاحتلال، كما أنها لا تنفَّذ إلا برضا هذا الأخير.
وتظهر أهمية الدراسة أيضا عند مناقشة مدى إمكانية تحقق محاكمة عادلة لرئيس دولة واقعة تحت الإحتلال، من خلال دراسة القانون الذي طبقته ،والضمانات التي جاء بها هذا الأخير لتحقيق محاكمة عادلة، ثم الحكم الذي أصدرته ،ونفذته . خاصة وأن دولتا الإحتلال هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا،والدولة المحتلة هي دولة مسلمة وعربية لها خلفيات تاريخية معهما.
أسباب اختيار موضوع البحث
هناك أسباب ذاتية و أخرى موضوعية .
فأما الذاتية فتكمن في كون سقوط بغداد هز كياني، واعتقال رئيسها دمر أحلامي، لأني دوما حلمت بوحدة العرب والإسلام، تتحقق بوطنية و عروبة الرئيس صدام، ولما اتهم بأنه مجرم الحرب الجاني، شعرت بالذل والهوان، وخاصة عندما سمعت الكل مرخي اللسان، ومندهش ومنقسم لغرب وإسلام، فكنت مكبلة اليدين في ذاك الزمان، ثم كثر الجدل حول محاكمة الرئيس ووضعه القانوني، وإمكان تطبيق عقوبة الإعدام. فتهت في متاهات الظلال، ولم أعرف للحق من عنوان .
لكن شاء الله أن أدرس القانون الدولي الإنساني، فناداني ضمير الواجب الإنساني، لأعرف الحق وأكشفه لكل إنسان. فآمنت عندها أني سأصل بإذن الله لما لم ير للعيان، من خلال مذكرة تحت هذا العنوان. وأيقنت أنها الأفضل لي على كل حال، علني أخطو بها خطوة إلى الأمام، وأقدم ما بإمكان للعرب والإسلام.
أما الأسباب الموضوعية فتتمثل في كون محاكمة رئيس دولة موضوع حديث، إضافة إلى أن هذه المحاكمة تمت إبان الاحتلال، مما يجعلها سابقة فريدة من نوعها في كل جانب من جوانب دراستها.
مما يستلزم بحث العديد من النقاط الجد هامة، بدءا بالاحتلال الذي تم دون تفويض من مجلس الأمن، ثم الوصف القانوني لمركز رئيس الدولة المعتقل من طرف قوات الإحتلال، إضافة إلى قيام مسؤوليته من عدمها، وكذلك تحديد مدى شرعية المحكمة، و المبادئ التي طبقتها، ومدى عدالتها، حيث أن كل جزئية من المحاكمة تطرح إشكالا قانونيا قائما بحد ذاته، أثار جدلا ونقاشا كبيرين.
الصعوبات التي واجـهت الباحثة:
من أهم الصعوبات التي واجهت الباحثة هي:
– تداخل الطبيعة السياسية للموضوع مع طبيعته القانونية، فالقضية محل الدراسة تشتبك فيها السياسة كثيرا مع القانون، إذ يدور حول العدالة الجنائية الاستثنائية أثناء الاحتلال، وحول متابعة رئيس دولة عن جرائم دولية أمام محكمة داخلية منشأة إبان الإحتلال الأجنبي.
– الموضوع محل الدراسة يعتبر سابقة دولية فريدة من نوعها، لم يتم التطرق إليها من قبل، إضافة إلى تشعب وتشابك الموضوعات التي يثيرها فكان من الأهمية بمكان مناقشة وبحث كل جزئية على حدا.
الإشكالـية :
يثير موضوع البحث إشكالية رئيسية تتعلق بمدى شرعية وعدالة محاكمة رئيس دولة إبان الإحتلال؟والذي تتفرع عنه إشكاليتين أساسيتين هما :
– مدى شرعية إنشاء محكمة لمحاكمة رئيس الدولة الواقعة تحت الإحتلال إبان هذا الأخير ؟
– مدى عدالة هذه المحاكمة من حيث الإجراءات وإصدار الأحكام وتنفيذها ؟
حيث تثير الإشكالية الفرعية الأولى بحد ذاتها عدة تساؤلات قانونية. بدءا بتكييف الوضع في العراق، و الذي يتم من خلاله إعطاء الوصف القانوني الصحيح لصدام حسين، وتحديد قيام مسؤوليته من عدمها، كما تثير إشكالية تحديد السلطة المختصة بسن قانون لمحاكمته عن الجرائم الدولية المتهم بها ،خاصة باعتباره رئيس دولة تم اعتقاله إبان الاحتلال، وتمت محاكمته بمحكمة داخلية عن جرائم دولية ومن ثم إشكالية مدى شرعية إنشاء هذه المحكمة.
أما الإشكالية الفرعية الثانية فبدورها تتفرع عنها العديد من الإشكالات القانونية التي تتعلق بإجراءات التقاضي،ومدى تطبيق ضمانات المحاكمة العادلة من حياد واستقلالية وحق الدفاع من جهة. و من حيث اختصاصات المحكمة، وشرعية العقوبات المنفذة فيها صدور الحكم وكيفية تنفيذه من جهة أخرى .
المنهـج المتـبع:
نظرا لخصوصية الموضوع محل الدراسة الذي يتعلق بدراسة حالة ، تم اعتماد عدد من المناهج أهمها :
-المنهج الوصفي : لدراسة الظواهر القانونية التي تثيرها الدراسة و لإعطائها الوصف القانوني الصحيح ،من خلال الاعتماد على جمع المعلومات لتحديد الجوانب القانونية التي تثيرها محاكمة رئيس دولة إبان الاحتلال، من خلال إعطاء الوصف القانوني الصحيح للوضع في العراق ، ثم لصدام حسين ، ومن ثم تكييف المحكمة التي حوكم أمامها.
-المنهج التحليلي: من خلال الجمع بين النظرية والتطبيق ،واستخدام التحليل النقدي وأسلوب المقارنة لاكتشاف الأخطاء ، وتقصي الحقائق بتحليل الوثائق القانونية من قرارات مجلس الأمن وأوامر سلطات الإحتلال وكذلك قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا.
-المنهج التاريخي: للكشف عن أسباب القضية والمحاكمة، وذلك بربطها بما قبلها وبما عاصرها من أحداث والكشف عنها، و بالتعرف على المحاكمات السابقة.
-المنهج المقارن : لإبراز استثنائية محاكمة الرئيس صدام حسين من خلال مقارنته بمحاكمات سابقة، وكذلك مقارنة قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا ، بنظم المحاكم الدولية، والمدولة ، والداخلية.
-المنهج الجدلي : للبحث عن الحقيقة من الداخل بدءا بمعرفة الأسباب الحقيقة للإحتلال،وإعطاء الوصف القانوني لرئيس الدولة الواقعة تحت الإحتلال ، إلى أن يتم الوصول إلى شرعية المحاكمة وإجراءاتها و عدالتها .
تقسيـم البحـث:
تم تقسيم البحث إلى فصلين ، يتناول الأول الحيثيات القانونية لمحاكمة الرئيس صدام حسين في مبحثين ، يعرض الأول لتكييف الوضع في العراق ،ثم إعطاء الوصف القانوني لوضع صدام حسين ، والثاني يتناول مدى شرعية إنشاء المحكمة الجنائية التي حوكم بها ، والمبادئ التي طبقت عليها.
أما الفصل الثاني فيعرض لإجراءات محاكمة الرئيس صدام حسين ومدى عدالتها ، وذلك من خلال مبحثين ، يتناول الأول إجراءات المحكمة ، والثاني ضمانات المحاكمة العادلة، وقد تم اختتام البحث بخاتمة تضمنت النتائج والتوصيات.
-13%



نفحة حدث - 35 عاماً على معركة الأمعاء الخاوية
$12.50 السعر الأصلي هو: $12.50.$7.50السعر الحالي هو: $7.50.
محاكمة رئيس دولة إبان الاحتلال – دراسة حالة صدام حسين
$20.00 السعر الأصلي هو: $20.00.$17.50السعر الحالي هو: $17.50.
عدد الصفحات: 308
سنة الطبع: 2017
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 1
لون الطباعة: ابيض
القياس (سم): 17×24
الوزن (كغم): 0.538
الباركود: 9789957186098
الوزن | 538 جرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
رمز المنتج:
978995-18-609-4
التصنيف: الصحافة و الإعلام
الوصف
منتجات ذات صلة
إعداد البرامج الوثائقية
$17.50
الإعلام المعاصر
الإعلام الجديد والمشاركة السياسية
$15.00
الإعلام والإتصال البيئي والسكاني
$12.50
البيئة والتلفزيون ..كيف نبني برنامجا تلفزيونيا بيئيا؟
$15.00
القضايا العامة في المواقع والمنتديات الشباشبية – دراسة تحليلية ميدانية مقارنة
$17.50
دور الصحافة والإعلام في بناء الطفل
$15.00
نظريات الاتصال والاعلام في البيئة الرقمية
$30.00