محاسبة المؤسسات المالية

المقدمة
تلعب المؤسسات المالية سواء كانت في مجال النشاط المصرفي، أو في مجال شركات التأمين دوراً هاماً وبالغ الأهمية والخطورة في زيادة معدلات التنمية بالمجتمع، بما توفره من مصادر تمويلية هائلة تصب في روافد اقتصاديات الدول، وذلك من خلال تفاعل الآليات والأدوات التي تستخدمها المؤسسات المالية لتفعيل دورها ومهامها المتنامية لتحقيق وزيادة رفاهية المجتمعات.
ورغم السمات المشتركة التي تجمع بين البنوك وشركات التأمين باعتبارهما من المؤسسات المالية المتخصصة وأنها ذات ثقة مالية، تقوم بعملية إدارة الأموال في شكل مدخرات، ثم تقوم باختيار منافذ لاستخدام ما تجمع لديها من أموال بما يحقق أهدافها والمهتمين بها فضلاً عن أهداف المجتمع.
وعلى هذا فإن مهمة النظام المحاسبي أساسا تتمثل في الإمداد بالمعلومات المحاسبية والتي يتم استخدامها سواء عن طريق الإدارة أو عن طريق الجهات الخارجية، ومن ثم فإن النظام المحاسبي في مجال النشاط المصرفي أو في مجال التأمين ما هو إلى تطبيق للفروض والمبادئ والقواعد المتعارف عليها في المحاسبة المالية، حيث يعني هذا النظام بدراسة النشاط الذي تقوم به الوحدات المحاسبية في أشكاله المتعددة وقياس الآثار التي تترتب على ذلك النشاط وعرض نتائجه في فترات دورية منتظمة.
وتأسيا على ما سبق فإن المنشآت المالية تتفق مع المنشآت التجارية والصناعية في كونها وحدة اقتصادية تقوم باستخدام كمية من الأموال من مصادر مختلفة واستثمارها بغية تحقيق عائد مناسب على هذه الأموال، ولكن تنحصر أهم الفروق بين المنشآت المالية والمنشآت التجارية والصناعية في النقاط التالية:
أولاً: هيكل رأس المال
تعد المنشآت المالية بأنها وحدة اقتصادية تحصل على أموالها مثل المنشآت التجارية والصناعية من مصدرين أساسيين هما:
1- المصادر الذاتية (الداخلية): وهي تتمثل أساساً في رأس المال والاحتياطيات والأرباح غير الموزعة.
2- المصادر غير الذاتية (الخارجية): وهي المصادر التي تتمثل في الحسابات الجارية والودائع بأنواعها المختلفة وأموال المأمنين.
وتعتمد المنشآت المالية على المصادر غير الذاتية (الخارجية) والتي تتمثل في أموال المودعين والمأمنين وهي تمثل المرتبة الأولى وتمثل نسبة مرتفعة من هيكل تمويل رأس المال، بينما تكون المصادر الذاتية(الداخلية) والتي تتمثل في نسبة أموال أصحاب المنشآت ضئيلة نسبياً.
وتحتل نسبة المصادر الذاتية (الداخلية) في المنشآت التجارية والصناعية المرتبة الأولى وتكون مرتفعة، بينما المصادر غير الذاتية (الخارجية) تمثل نسبة قليلة نسبياً.
ثانياً: نوع المنتج
تكون المنتجات التي تقدمها المنشآت المالية منتجات غير ملموسة وهي في صورة خدمات وقد تكون خدمات حالية أم خدمات آجلة.
بينما تمتاز المنتجات التي تقدمها المنشآت التجارية والصناعية بأنها منتجات مادية ملموسة في شكل سلع ومنتجات.
ثالثاً: طرق توظيف الأموال
تعتمد المنشآت المالية في تمويل الجزء الأكبر من عملياتها على أموال المودعين والمأمنين بالإضافة إلى مصادر الأموال الداخلية بينما تعتمد المنشآت التجارية والصناعية في تمويل جزء كبير من عملياتها على أموال أصحاب المنشأة أي رؤوس الأموال والاحتياطيات والأرباح المحتجزة.
رابعاً: هيكل الأصول
تختلف المنشآت المالية عن المنشآت التجارية والصناعية من حيث نوعية وطبيعة الأصول التي تستحوذ عليها وتقتنيها، حيث أن المنشآت المالية وخصوصاً البنوك –فإن الجزء الأكبر من أصولها يتمثل في نقدية حاضرة الاعتبارات السيولة، وجزء قليل نسبياً في الأصول الثابتة كالمباني والأثاث والتجهيزات المختلفة، أي أن نسبة السيولة في المنشآت المالية تكون أكبر مما هي عليه في المنشآت التجارية والصناعية، ومن ثم يكون حجم الأصول المتداولة أكبر من حجم الأصول الثابتة.
أما بخصوص قيم الأصول في المنشآت التجارية والصناعية تتمثل في الأراضي والمباني والعدد، بينما جزء قليل منها يتمثل في شكل أصول متداولة، ومن ثم يكون حجم الأصول الثابتة أكبر من حجم الأصول المتداولة.
خامساً: هيكل النفقات
يتكون هيكل النفقات في المنشآت المالية في أجور الموظفين ومصاريف أخرى تتعلق بطبيعة العمل في المنشآت المالية وهي قليلة نسبياً، أما هيكل النفقات في المنشآت التجارية والصناعية يتكون من نفقات متعلقة بالمشتريات والإنتاج، ونفقات متعلقة بوظائف البيع والتوزيع والوظائف الإدارية.
سادساً: هيكل الإيرادات
تختلف الإيرادات في المنشآت المالية عن إيرادات المنشآت التجارية والصناعية، حيث تتمثل الإيرادات في المنشآت المالية في ثمن الخدمات المقدمة من البنك أو شركة التأمين، وكذلك العائد من استثمار أمواله في القنوات الاستثمارية المختلفة، بينما الإيرادات في المنشآت التجارية والصناعية تتمثل في الفرق بين ثمن بيع السلعة وثمن تكلفتها.
وعلى ضوء ما سبق فإن الحرص كان من جانبا كبيراً في الحصول على صورة واضحة ومفصلة عما تقوم به البنوك التجارية وشركات التأمين من أنشطة وما تتميز به من خصائص وسمات بغرض تصور المعالجة الصحيحة والسليمة لعملياتها وأحداثها المالية، وموضحا الكيفية التي يمكن من خلالها تجهيز البيانات المحاسبية وتوفير المعلومات المناسبة التي تخدم أغراض المهتمين بهذا النشاط.
وينقسم هذا المؤلف إلى قسمين هما:
القسم الأول: المحاسبة في البنوك التجارية.
القسم الثاني: المحاسبة في شركات التأمين.
ولا يفوت الكاتبان في أن القدر المخصص للمادة العلمية من هذا الكتاب كان سببا في أن تتجاوز عن العديد من التفصيلات لكي يتم تحديد الإطار العام لدراسة المحاسبة في المنشآت المالية سواء في البنوك التجارية أو في شركات التأمين، وبما يتوافق مع المساحة الممكنة والكيفية التي تخدم أبناءنا الطلبة في الأردن العزيز، حيث قام الكاتب الأول الدكتور محمد جمال هلالي بالمعالجة المحاسبية للمحاسبة في البنوك التجارية والكاتب الدكتور عبد الرزاق الشحادة بالمعالجة المحاسبية للمحاسبة في شركات التأمين. وقد حرصنا أن نقدم مضمون الكتاب بشكل متسلسل وميسر ومترابط دون الإخلال باستقلالية فصوله، وذلك تسهيلاً لعمليات تخطيط الدراسة والاستيعاب الكامل لموضوع الدراسة من خلال أفكار محددة ومنهجية واضحة من حيث الانتقال من مجال التنظير المحاسبي إلى المجال التطبيقي لتحقيق أهدافه بطريقة سهلة وميسرة، وأيضا الاستزادة من هذا المجال الحيوي لما له من أثر فعال على النشاط الاقتصادي للدولة.
وأخيراً يسعد الكاتبان أن يشكرا جامعة الزيتونة الأردنية ونخص بالذكر الأستاذ الدكتور/رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور/ غالب عوض صالح عميد الكلية والسيد الدكتور أحمد حلمي جمعة رئيس قسم المحاسبة الأسبق والسيد الدكتور/سليمان البشتاوي رئيس قسم المحاسبة.
هذا ولا يسعنا أن نقول الحمد لله تعالى الذي أولاني نعمة التوفيق والسداد، وأن نكون قد وفقنا في عرض المادة العلمية بطريقة بسيطة ومشوقة بحيث يجد فيها القارئ والدارس والممارس عونا ومرشداً لما يصادفه من مشاكل مهنية، كما نتمنى من الله العلي القدير أن يمثل هذا الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة العربية في مجال علم المحاسبة، مع الترحيب بأي نقد بناء فالكمال لله وحده وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نسأل الله التوفيق والهداية، كما نرجوه حسن الثواب
المؤلفان