مقدمة
في التخطيط للتنمية الاقتصادية، في كثير من بلدان العالم؛ يؤخذ اعتبار كبير للاحتياطي من رأس المال البشري المؤهل بدنيا وعقليا. فكلما أمكن تحويل الطاقات البشرية إلى الاتجاه الإنتاجي السليم، كلما أصبح أكثر قدرة على النمو، وأكثر استجابة لمتطلبات الحياة المتطورة.
ولهذا؛ فقد حظيت الخدمات الصحية بمكان بارز في خطط التنمية القومية لجميع بلدان العالم، حيث خصص لها النصيب الوافر من الموارد البشرية والتكنولوجية، على أساس أن النمو الاقتصادي المرتبط بزيادة الإنتاجية، يمثل منحنى متصاعدا مع المنحنى الهابط للمرض وسوء التغذية ونسبة الوفيات من الأطفال. وهو ترجمة لما أعلنه دستور منظمة الصحة العالمية قبل أكثر من خمسين عاما؛ من ان الحكومات مسئولة عن صحة شعوبها، وان التمتع بأعلى مستوى من الصحة، هو احد الحقوق الأساسية لكل إنسان.
ولهذا نرى، بان الاستثمارات الموجهة نحو الخدمات الصحية في خطط التنمية القومية تتزايد باستمرار، مع الإضطراد في التقدم الطبي والاتجاه نحو التكنولوجيا.، الحديثة في علاج الإمراض والوقاية منها . وهو ما تشير إليه النسب المئوية المتصاعدة للأنفاق العام على الصحة في الميزانيات السنوية لدول العالم؛ والتي تراوحت ما بين 3-5% من الناتج القومي في الدول النامية، و5-9% في الدول الغنية؛ وهو ما تشير إليه سنويا إحصائيات منظمة الصحة العالمية .
ان مشكلة ندرة الموارد في قطاع الخدمات الصحية؛ مع ارتفاع تكاليف تقديم هذه الخدمات عاما بعد آخر؛ يعد من أهم محددات عملية التخطيط الصحي. ولذا، فان الحاجة تدعو، وبشكل متزايد، إلى اعتماد الأساليب العلمية لتوفير البيانات الدقيقة عن مدى فعالية تخصيص هذه الموارد، لتعطي أفضل المخرجات من المعلومات. ولاشك في أن اعتماد نظام لمحاسبة التكاليف في قطاع الخدمات الصحية، يعد من أفضل الأساليب العلمية، واهم روافدها لتوفير هذه البيانات والمعلومات الصحية اللازمة لترشيد قرارات الإدارة العليا العاملة في شتى مواقع العمل، والمتمثلة في المستشفيات والمراكز العلاجية الأخرى، لتقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين، وبأقل تكلفة ممكنة. وهي الاتجاه الذي سعى إليه المؤلف من خلال تأليفه لهذا الكتاب .
وقد تضمن الكتاب ثلاثة من الأبواب الرئيسية، يضم كل منها ثلاثة فصول، بيانها كما يلي:
الباب الأول: وهو المدخل لتصميم نظام لمحاسبة التكاليف في المستشفيات؛ بصفته المدخل نحو تأسيس نظام للمعلومات الصحية، أساسه المخرجات التي يقدمها هذا النظام مستمدة من شتى مواقع العمل في المستشفيات .
الباب الثاني : ويتضمن المقومات الرئيسية لتصميم نظام لمحاسبة التكاليف في المستشفيات، من خلال تحديد عناصر تكلفة الخدمات الصحية، ومراكز النشاط ( او التكلفة ) التي تتجمع فيها هذه العناصر، لغرض حساب تكلفة وحدة الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين. وكذلك لأغراض الرقابة وتقييم الأداء.
الباب الثالث : ويبحث في أساليب قياس تكاليف الخدمات الصحية من خلال اعتماد المجموعة المستندية والدفترية التي تستخدمها مراكز النشاط في المستشفيات، حيث يضم هذا الباب أيضا الكيفية التي يتم فيها تطبيق نظام التكاليف على أساس الأنشطة، لغرض التحميل السليم لعناصر التكاليف على وحدات الخدمة الصحية، لأغراض التسعير والرقابة واتخاذ القرارات .
المؤلف
