المقدمة
بدأ اهتمام الدول المتقدمة بالبحث العلمي منذ فترة زمنية بعده نسبيا ، وقامت بتدريسية في كلياتها وجامعاتها كمادة أساسية في معظم التخصصات وذلك إيمانا منها بدوره الفعال في عمليات التطوير و التنمية بكافة أشكالها ومجالاتها .
أما في الدول النامية ، ومنها الدول العربية ، فقد بدأت تهتم بالبحث العلمي مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين ، وقد استفاد الدول المختلفة من نتائج البحث العلمي في تطوير واقعها الصناعي و الزراعي و التجاري و التربوي و الثقافي و الصحي و الإداري وحتى في المجال العسكري بشكل واضح .
وتزخر المكتبة العربية بعدد كبير من الكتب المنهجية العامة و المتخصصة، بل وان التأليف العربي في هذا المجال يقدم من أوسع مجالات التأليف، فالكتب تتوالى عاما بعد عام، ويندر أن يمر عام دون أن يؤلف فيه كتاب أو تعاد طبعة أخرى .
وهذه ظاهرة صحيحة، وإدراكا من علماء المنهجية لأهمية إعداد باحثي المستقبل إعدادا علميا متكاملا لا يقف عند حد تلقينهم المعرفة وإنما يتجاوزه إلى معرفة كيف يستقيها بنفسه، بل كيف يقدم حلا علميا لمشكلة تواجه مجتمعه .
ومن هنا بدأت المؤسسات التعليم العالي على إقرار مقررين متتاليين، مقرر في الجانب النظري، في النظرية و المبادئ والأسس المنهجية، ومقرر آخر يتكون في التطبيق وتكوين المهارات البحثية لدى ألطلبه .
والبحث التربوي والعلمي متطلب أساسي في جميع مراحل الدراسة الجامعية، ويمثل في مجمله دراسة تطبيقيه يقوم بها الطلبة و العاملون في العمل الأكاديمي للتحقق من اكتسابهم لواحدة من الكفايات الأساسية الضرورية لتأدية عملهم .
وقد اعد هذا الكتاب ليكون مادة تعليمية مع المؤلفات الأخرى للطلبة في مختلف الاختصاصات العلمية الجامعية و للباحثين في مختلف العلوم .
ويعالج هذا الكتاب مفهوم البحث العلمي الناجح ومظاهره الرئيسية المتمثلة في أبعاده الرئيسية الأربعة وهي المدخلات، العمليات، و المخرجات، والضوابط التقيمية، ويأخذ هذا الكتاب في الاعتبار المعلومات التتبعية الواردة في البحث العلمي وما تحويه من فصول متتابعة .
ويودي المؤلف أن يشير في هذا المجال إلى أن هذه ليست خطوات نهائية لحطة البحث العلمي، وإنما هي خطوات مقترحة لبناء خطة بحث علمي، عمد المؤلف فيها إلى تقديم بعض الأمثلة لكل خطوة من خطوات الكتاب دون أن يقدم تفسيرا لكثير من الخطوات تاركا المجال للدارسين و الباحثين لمساعي البحث في تقديم الرأي السديد والاجتهاد فيه حتى تتضح الصورة أمام المشاركين في هذا البرنامج .
وحرصا من المؤلف على أن يشكل هذا الكتاب حاله تربوية جديدة، فقد التزم في إعداده وكتابته بأسس علمية، حيث قسم الكتاب إلى عدة فصول يمثل كل فصل فيها وحده متكاملة في موضوع محدد من موضوعات البحث العلمي بحيث تتبع في تنظيمه الشكل التنظيمي للبحث العلمي . فقد اشتمل الفصل الأول بالمبادئ و المفاهيم الأساسية المتعلقة في العلم و البحث العلمي ومتغيراته وكذلك اشتمل على مفاهيم عنوان البحث ومقدمته وكيفية إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه الباحث وفروض البحث وأهدافه، وكما تضمن الفصل الثاني على كيفية استخدام المصادر و الاقتباس من المراجع العربية، باعتباره من الأسس المهمة . وفي الفصل الثالث اشتمل بالحديث عن أساليب و مناهج البحث العلمي المتنوعة بمختلف أشكالها و كيفية العمل بموجبها . ففي فصل أخر اشتمل على أدوات البحث العلمي من الملاحظة، الاستبانة و المقابلة والاختبارات، وفي فصل أخر تضمن مفاهيم الأساسية في الإحصاء وطرق عرض البيانات وتفسيرها وفي الفصل الأخير اشتمل على كيفية كتابه تقرير البحث سواء كانت أوراق بحثية أو رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه في مثال عملي يجيد البحث العلمي كنظام بمدخلاته وعملياته ومخرجاته وتعميمه .
وفي الأخير لا بد من الإشارة بإيجاد للدافع الأساسي الذي دفعني إلى المضي في هذا الطريق رغم إدراكي لطوله وما يقتضيه من تبعات ومعناه ذات أشكال متعددة , فمن خلال تدريسي لعدد من المواد المنهجية النظرية والعملية وكذلك من خلال الإشراف على بعض الرسائل البحثية أو مناقشة بعض الرسائل العلمية أحسست بوجود مشكلة يعاني منها الطلبة على مستوى الإعداد المنهجي لباحثي المستقبل , وما ألف لها من كتب تركز غالبا على الجوانب النظرية وتمهل الجانب العلمي مما جعل مخرجاتها لا تتفق إطلاقا مع مدخلاتها، وهذا ما سبب ضعف في مستوى كتابه البحوث وهذا ما استهدفت تحقيقه وسعيت للوصول إليه عبر سلسلة طويلة في سبيل إعداد هذا الكتاب .
وأتمنى أن أكون قد وفقني الله سبحانه وتعالى في انجاز وتقديم هذا الجهد المتواضع لطلبة الدراسات الأولية والدراسات العليا مقرر منهاج وأساليب البحث العلمي، وان يشكل هذا الكتاب إضافة حقيقية إلى المكتبة العربية والعراقية التي ما زالت بحاجة إلى المزيد من المصادر والمراجع والعمل في البحث العلمي .
ولا يسعني وقد اكتمل انجاز هذا الكتاب، إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير وعظيم الامتنان لكل الإخوة في جامعة القادسية وفي مقدمتهم الأستاذ الدكتور عماد ألجواهري رئيس الجامعة ما يقدمه من جهده العلمي والإداري في خدمة الحركة العلمية في الجامعة وكذلك إلى الأستاذ الدكتور عبد الله حسين اللامي عميد كلية التربية الرياضية ما يقدمه من الدعم المادي والمعنوي لكل الباحثين من التدريسيين والطلبة في خدمة الحركة العليمة في الكلية والى جميع الإخوة التدريسيين في الكلية،
والله ولي التوفيق
الأستاذ الدكتور
عبد الجبار سعيد حسن