قوانين حماية البيئة العربية

المقدمـة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وعلى آله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن اقتفى أثرهم واختط سبيلهم قولاً وعملاً في مقارعة الظلم ونصرة المظلوم إلى يوم الدين، أما بعد …
تعد قوانين حماية البيئة من القوانين الوضعية الوليدة، نظراً إلى أن مشكلات تعدي الإنسان على البيئة والوسط الذي يعيش فيه مع غيره من الكائنات الحية قد تفاقمت وازدادت، ونتيجة لاكتشاف النفط في النصف الثاني من القرن العشرين، وما تلى ذلك من تقدم علمي وصناعي وتقني، برزت إلى الوجود أخطار بيئية نتجت عن تعامل الإنسان مع البيئة تمثلت في تلوث الهواء والمياه والتربة وغيرها من عناصر البيئة. الأمر الذي أثار اهتمام المجتمع الدولي ومناداته بضرورة التدخل لحماية البيئة من خطر التلوث. وقد تجسد هذا الاهتمام في شكل قوانين صدرت في مختلف الدول تعالج مشكلات تلوث البيئة.
فازداد تفاقم الملوثات على البيئة بسبب التقدم الصناعي ومختلف صور الإجرام التي كانت سبباً في تغير قيمة البيئة من حيث أنها كانت مصدراً للراحة والاستمتاع بمواردها إلى مصدر للأوبئة والأمراض بسبب الفساد الذي طرأ على عناصرها الطبيعية من ماء وهواء وتربة وغذاء. وإدراكا منها بهذه المخاطر فقد عمدت كل دولة في نطاق سيادتها الإقليمية على إصدار تشريعات وقوانين لحماية البيئة ومكافحة التلوث
وبعد، فهذا الكتاب يتضمن مجموعة من التشريعات البيئية العربية حيث تم تخصيصه لقوانين حماية البيئة السعودي والمغربي والسوري والأردني والسوداني والكويتي.
نضع هذا الكتاب أمام القارئ العربي لكي يطلع عليها وتزداد معرفته الثقافية والقانونية بها، حيث يشتمل هذا الكتاب على معظم التشريعات البيئية العربية المعمول بها في الدول العربية.
نأمل من هذا الكتاب توجيه رسالة تشريعية عظيمة الأثر إلى المشرع العربي مفادها إمعان النظر في تشريعات أمته العربية ليتخير من بينها قدر الإمكان ما يفي بغرضه ويحقق مطلوبة، وبذلك يتسنى له وأد وقطع دابر الاختلاف بين التشريعات البيئية العربية والتمهيد الجاد والسعي الحقيقي إلى تشريع بيئي عربي موحد، أما الاتجاه إلى التشريعات الأجنبية وحدها فلن يكون له من أثر سوى تعميق الاختلاف وتكريس الفرقى.
وأخيراً فإني لا أدعي الكمال، فان الكمال لله وحده وإن ما كتبته إن أصبت فيه الحق فهو هدي من عند الله وإن لم أوفق فمن تقصيري وعجزي والله أسأل أن ينعم علينا بعفوه ورضائه. وقد اعتذر عنا جميعاً العماد الأصفهاني عندما قال (إني رأيت أن لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده لو غير كذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل) وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر.
والله أسأل لنا ولكافة المسلمين السداد والتوفيق لما يحب ويرضى وحسن الختام.