المقدمة
إن القدرة على التمحيص في ما هو كائن في دراسة ظاهرة أو موضوع لهو أمر في غاية التبسيط، بيد أن القراءة المتتبعة لتأسيس الفهم في الإطار الجمعي لدراسات تشترك فيها الظاهرة الدينية وما يتخللها من رؤى وأفكار مع الواقع الوضعي يجعل الأمر غاية في التعقيد.
لقد زاد الشأن الذي حظي به التطبيق الإسلامي في نواحي الحياة الاقتصادية، ومنذ أن ظهرت البنوك في عالمنا الإسلامي وهي تزداد أهمية يوماً بعد يوم، وذلك لان البنوك اليوم أصبحت ميزان التقدم الاقتصادي للدول، فكلما ازدادت إمكاناتها ونشاطاتها المالية انعكس ذلك على النظام الاقتصادي، ولذا تسعى دول العالم جاهدة لمراقبة المؤسسات المالية والبنوك التابعة لها ووضع النظم والسياسات التي تكفل الحماية لها وضمان تحقيقها لأهدافها والأهداف العامة للنظام المصرفي.
ونظراً لان البـنوك دخيلة على العالم الإسلامي اذ لم تختبر المجتمعات الإسلامية هذا النشاط الاقتصادي في شكله المعاصر إلا في العصر الحديث، ولخضوع النشاط المصرفي للفكر الغربي الذي يُعِدٌّ الفائدة النشاط الأساسي لعمل البـنوك، ولما كان هذا النوع من المعاملات يعد محرماً في الشريعة الإسلامية، أدى ذلك إلى ظهور البـنوك الإسلامية حيث شهد الربع الأخير من القرن العشرين ميلاد البنوك الإسلامية، التي ظهرت إلى الواقع العملي تلبية لرغبة قطاع عريض من المسلمين الذين كان لديهم حرج شديد في التعامل مع البنوك التقليدية، والتي عملت جاهدةً لتخليص المعاملات البنكية من المعاملات المحرمة شرعاً فقد أدت الحاجة إلى البحث عن بدائل إسلامية للمصارف التجارية التقليدية ، تهدف إلى تخليص المعاملات البنكية من المعاملات المحرمة شرعاً.
ومنذ نشوئها أخذت البنوك الإسلامية تتسابق إلى تقديم تشكيلة متنوعة من الخدمات المصرفية لعملائها، في وقت تطلع المسلمون إليها تأخذ بأيديهم إلى ربط معاملاتهم المالية وأنشطتهم الاقتصادية بالشريعة الإسلامية. بناءً على هذا الأساس ومن أجل تحقيق تلك الغاية قامت وانتشرت الخدمات المصرفية الإسلامية في العديد من البنوك التقليدية.
وتأتي أهمية دراسة المضاربة الشرعية من كونها أداة تمويل إسلامية يمكن أن تعتمد عليها البنوك الإسلامية المعاصرة كما كانت هذه الأداة ركيزة أساسية للحياة الاقتصادية في صدر الإسلام وما تلاه.
ونتيجة لتطور الحياة الاقتصادية وبروز العديد من المتغيرات اصبح من الصعب تطبيق المضاربة بالشكل المبين في المؤلفات الفقهية، لذلك فقد قامت العديد من المحاولات لتطوير هذا العقد ليلائم التغيرات العصرية وخاصة فيما يتعلق بطبيعة عمل المؤسسات المصرفية ويحقق في الوقت نفسه مزايا الأسلوب ألربوي ويتجنب مضارة الشرعية.
وفي ضوء تلك المحاولات كانت البدايات الأولى لحركة تنظير فكرة البنوك الإسلامية تتمثل في تغيير العلاقة القائمة بين المودعين والبنك من( دائن ومدين) إلى علاقة مقارضة يكون فيها البنك شريكاً ووكيلاً للمودعين في استثمار أموالهم، اما المقترضون فتتغير علاقتهم مع البنك من (دائن ومدين) لتصبح قائمة على القراض حيث يصبح البنك شريكاً مقارضاً معهم أي(رب مال).
وانطلقت تجربة البنوك الإسلامية معتمدة على هذا التصور النظري وبصورة أساسية على أسلوب المضاربة في تعبئة المدخرات وتوظيف مواردها، كبديل شرعي لنظام الفائدة السائد في البنوك التقليدية
الا ان العمل المصرفي لم يخل من إشكاليات حين نجد ان تطبيق عقد المضاربة في البنوك الإسلامية جاء مغايراً للتصور النظري بسبب المساس بطبيعته وإخراجه عن أسسه الشرعية، اذ لم يحتل الا أهمية ثانوية لتوظيف موارد البنوك، في حين ابتعدت بعض البنوك عن تطبيقه، وذلك بسبب العديد من المعوقات المتمثلة بطبيعته وطبيعة البنوك الإسلامية، وكذلك المتعاملين معها، والتي حالت دون تطبيق هذه الصيغة وسببت ذلك الانحراف عن الإطار النظري لهذا العقد.
وهو ما فتح باباً شديداً من النقد عليها: سواء من الفقهاء الذين وجدوا في ذلك النشاط خرقاً لبعض الضوابط الشرعية، او من جانب الاقتصاديين والمصرفيين الذين وجدوا فيها انها دخيلة على العمل المصرفي.
لقد ظهرت الحاجة الملحة لتأسيس الحلول الناجعة إزاء ملابسات أشكال التمويل والتي اشتملت على صيغ عدة كالمتاجرة والمرابحة والمضاربة. وبالنظر إلى أهم تلك الأشكال وجد الباحث نفسه إزاء بديلين، أما العمل في سياق مماثل مما اختطه الدارسون وان يجري انتخاب إحدى هذه الأشكال وبحثها تقليديا كأسلوب للدراسة، وهو ما يضع الباحث في طريق التكرار غير المجدي ما قد يوفره من سهولة في المعنى المراد، أو النظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة وهي تقييم ما توصل إليه المنظرون في هذا المجال مع اعتبار مهم وهو اعتماد التبسيط الذي يدني المراد إلى الذهن بقدر يشتد فيه ما يمكن فهمه بدلا من التلويح والاستدارات والاختيارات اللفظية، فبالرغم مما قد يثيره من نقد إلا انه سيدفع بالالتباسات جانبا ويجعل الهدف الأساس من الدراسة وما تريد بلوغه واضحا للعيان.
لذلك تسعى الدراسة إلى بلوغ عدد من الأهداف منها:
1- التعرف على الأبعاد الفقهية لعقد المضاربة وأراء المذاهب الإسلامية فيه وتحديد أركانه وشروطه الأساسية
2- رصد اتجاهات تطور البنوك الإسلامية والتعرف على مساهماتها التمويلية والتنموية، لرصد دورها في الاقتصاديات التي تنشط فيها.
3- التعرف على معوقات تطبيق عقد المضاربة في البنوك الإسلامية سواء تلك التي ترتبط بالبنوك نفسها او تلك التي ترتبط بالبيئة الاقتصادية التي تعمل في ظلها.
4- مناقشة اتجاهات تطور عقد المضاربة من خلال مساهمات الفقهاء والمنظرين لتلافي اشكالياته الفقهية والعملية .
وبغية الوصول إلى أهداف الدراسة فقد تم عرض خطتها العامة عبر ثلاثة فصول.
يتعرض الفصل الأول للإطار النظري في تحليل مضمون عقد المضاربة الإسلامية عبر مبحثين، تضمن الأول مفهوم المضاربة في الفقه الإسلامي، بينما تناول المبحث الثاني شروط وطبيعة عقد المضاربة.
يلقى الفصل الثاني الضوء على البنوك الإسلامية (النشأة والتطور وصور التمويل فيها)، وينقسم هذا الفصل إلى مبحثين، خصص الأول منه للنظر في بواكير النشوء في المصرفية الإسلامية وما واكبها من مراحل في التطوير على المستوى التطبيقي،وتضمن المبحث الثاني دراسة أهم الأشكال الرئيسة في التمويل المصرفي الإسلامي.
أما الفصل الثالث الذي حمل عنوان (المضاربة وقيود الاستخدام المصرفي: المشكلات ومحاولة للحل)، فقد جاء هو الآخر في مبحثين؛ أولهما ويتناول أهم المعوقات التي تعترض التطبيق الإسلامي لصيغة المضاربة في البنوك الإسلامية، أما المبحث الثاني فقد جاء في وضع قالب فكري لتصور ممكنات الحل في مشهد سمي بـ(نحو تطوير عقد المضاربة في المصارف الإسلامية).
تم إضافة “مدخل الى علم الاقتصاد المنزلي” إلى سلة مشترياتك. عرض السلة
Back to products

العقار ومواد البناء - دليل اختيار الأرض والتصميم والتنفيذ
$17.50 السعر الأصلي هو: $17.50.$15.00السعر الحالي هو: $15.00.
عقد المضاربة في المصارف الإسلامية – الإشكال والتطبيق
$15.00
عدد الصفحات: 214
سنة الطبع: 2016
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 1
لون الطباعة: ابيض
القياس (سم): 17×24
الوزن (كغم): 0.330
الباركود: 9789957181819
الوزن | 330 جرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
رمز المنتج:
9789957-18-181-9
التصنيفات: الاقتصاد, العلوم الادارية
الوصف
منتجات ذات صلة
أثر الاستثمار في النمو الاقتصادي
$12.50
أصول تدقيق الحسابات وتطبيقاته على دوائر العمليات في المنشأة
$20.00
إدارة العمليات المصرفية
$27.50
الرياضيات المالية
$18.00
المكاتب الأمامية
$10.00
دراسات الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات – تحليل نظري وتطيقي
$17.50
مدخل إلى الأعمال الدولية
$17.50
منهج الجودة الياباني – الكايزن في تطوير وتحسين الانتاجية
$20.00