مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله- خالق الخلق، ومنشئ السحاب الثقال، نحمده سبحانه على حسن توفيقه وعظيم رعايته وبعد،
فقد نفذت الطبعة الأولى من كتابنا: طرق تدريس القرآنيات والإسلاميات ولذا قمت بقراءة الطبعة الأولى قراءة مستأنية صححت ما فيها من أخطاء مطبعية، وأوضحت ما وجدته غامضا لبعض عباراتها أو أفكارها وأبرزت بعض عناوينها، ثم أضفت إليها موضوعات جديدة وجدت أنه لا بد منها، فيها إرشادات ونصائح إلى معلمي التربية الإسلامية، والأهم من كل ذلك أنني غيرت العنوان كله ليصبح “طرق تدريس الدراسات القرآنية والإسلامية” لأن بعض الإخوة ظن أن كلمة القرآنيات توحي بوجود أكثر من قرآن كريم، والحقيقة أنهم حملوا المعنى ما لا يحمل لأن مفرد كلمة “قرآنيات” هو “قرآني” وهذا يشمل كل ما ينسب إلى كلمة “قرآن” فالتفسير مثلا قرآني، والتلاوة قرآني والتجويد قرآني وحفظ القرآن الكريم قرآني وجمعها قرآنيات.
وعلى الرغم من ذلك فقد غيرنا العنوان إرضاء للجميع ولأننا لم نجد غضاضة في ذلك.
إن الأمر الأهم هو أن نعمل بعد أن نقرأ ونتدبر ونعي وأن نسير سيرة طيبة نابعة من كتاب الله –سبحانه-، وسنة رسول صلى الله علية وسلم لا أن تختلف ونتناقش حول كلمة من هنا وعبارة من هناك، فما من ورقة إلا وفيها مجال للنقاش، ولا من كتاب إلا وفيه مجالات عديدة للاتفاق والاختلاف.
اللهم انفعنا بالقرآن وفقهنا فيه واجعلنا من الذين يتخذون رسول الله صلى الله علية وسلم قدوة ينهجون منهجه ويسيرون على سنته.
اللهم اجعلنا من المدافعين عن دينك والمنافحين عن عقيدتك، الراعين لحقك، المخلصين في عبادتك.
اللهم إن كتبت لنا طول العمر فأبعدنا عن طريق الحسد والطمع وعداوة الناس، ومعاداتهم، اللهم حبب إلينا الإيمان وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم إنا نسألك الرحمة والرزق الحلال.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
رسول البشرية محمد النبي الأمين
د. فؤاد حسن حسين أبو الهيجا
كلية المعلمين بالجوف
مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله بارئ الخلق، والمنعم المتفضل عليهم بنعم لا تعد ولا تحصى، نحمده حمد الشاكرين ونتوب إليه توبة الصادقين، والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي حمل الأمانة فأداها في أحسن صوره وأكملها إلى يوم الدين.
وبعد،،،
فإن مقدرة المعلم على حمل أمانة التعليم والإخلاص في أدائها هي من أهم صفاته وأوجب واجباته، ومعلم الدراسات القرآنية والإسلامية ألزم الناس بذلك لأنه يحمل في صدره كتاب الله سبحانه وتعالى، وتنير سنة رسول الله فؤاده فيلهج بهما لسانه بليغاً فصيحاً واضحاً. وفي تقصيره في تأدية واجبه ضرر كبير وفي فساده خطر عظيم على الناشئة في الأبناء، ذلك أن عيون الصغار معلقة بسلوكه فعلاً وقولاً: إنهم ينظرون إليه معجبين، فالصحيح ما صدر عنه والباطل ما تعارض مع فعله وقوله، وفي هذا يقول علي بن أبى طالب كرم الله وجهه: (قصم ظهري رجلان : عالم متهتك وجاهل متنسك، والجاهل يغرّ الناس بتنسكه والعالم يغرهم بتهتكه).
إن المدارس بكل مراحلها تعاني من نقص شديد في معلمي الدراسات القرآنية والإسلامية وقد نجد معلمين قد تخرجوا من كليات الشريعة وأصول الدين وغيرها ولكننا لا نجدهم قد أعدوا الإعداد الكافي لتدريس مادة التخصص، ذلك أن المعلم بحاجة إلى الكفاية العلمية وإلى الكفاية المهنية والكفاية التربوية فضلاً عن الكفاية الثقافية. والأخطر من ذلك أن مادة التربية الإسلامية تسند إلى معلمي اللغة العربية أو إلى معلمين من تخصصات أخرى تكملة لجداولهم، وبالتالي فإنهم لا يعطونها العناية الكافية والاهتمام المطلوب بل إنّ منهم من يحول حصصها إلى تخصصه، ويطلبون من تلامذتهم دراستها عن طريق التعلم الذاتي لأنها مادة سهلة لا تحتاج إلى عناء في الفهم ولا إلى شرح وعند الامتحان يمنحونهم الدرجات جزافاً، فيتخرج الطالب من الثانوية وهو لا يجيد الوضوء ولا الصلاة ولا يعرف أبسط أحكام دينه وأمور دنياه.
وهكذا يشب التلميذ وهو لا يعي أمور دينه ولا يفقه أحكام الدين الشرعية ولا يميز بين أوامر الله ونواهيه. وإذا ما خرج من بيئته المحلية وقع فريسة سهلة أمام مغريات الحياة المادية وزخارفها ومتعها، بل وقع صيدا ضعيفا أمام أفكار التيارات الحديثة ومظاهر الحضارة الغربية بكل إغراءاتها وملذاتها فكم من شاب غادر بلده إلى بلاد الغرب، فلم يعرف باب الجامعة ولم يدخلها وعاد إلى أهله مصطحبا أول فتاة غربية قابلها، وهو لا يعرف سلوكها ولا يدري عن ماضيها وحياتها وأهلها شيئا.
إننا ندعو القائمين على أمر التعليم في كل مكان إلى عدم إعطاء مادة التربية الإسلامية إلا للمتخصصين في هذه المادة أو أحد فروعها بل إلى الأتقياء منهم والمدربين التدريب الكافي على تدريسها، لأن المدرس الذي لا يملك الكفايات التدريسية قد يكون عضواً منفراً، بل ولربما كان عضوا فاسدا وبفساده يفسد الناشئة، يقول ابن تيمية رحمه الله: ثلاثة يفسدون الدنيا: نصف طبيب يفسد الأبدان، ونصف فقيه يفسد الأديان، ونصف نحوي يفسد اللسان، ونقتبس من كلامه فنقول: ونصف معلم يفسد الأبدان والأديان واللسان، لأن المعلم هو في الأصل طبيب وفقيه وعالم، طبيب يراعي نفسيات طلابه ويعالجها وفقيه يعلمهم أمور دينهم ودنياهم وعالم يعلمهم علوم الدنيا وما استجد منها ولهم فيها خير.
لكل هذا وذاك نضع بين أيدي معلمي التربية الإسلامية خاصة المبتدئين منهم هذه الصفحات آملين أن يقرأها بحرص وعناية ويستوعبوا ما جاء فيها من أساليب وطرق قد تفيدهم ولهم بعد ذلك أن يجددوا ويجتهدوا في الأداء لأننا نهدف مما كتبناه إلى إضاءة الطريق أمامهم وغرس الثقة في نفوسهم.
لقد سجلنا في هذه الصفحات موضوعات عدة ولعل من أهمها موضوعا يدور حول صفات معلم الدراسات القرآنية والإسلامية ومسئولياته وواجباته وضرورة تدريبيه وألحقنا به موضوعا آخر يتضمن الأسس العامة لتدريس القرآن الكريم والتربية الإسلامية الأخرى ثم موضوعا ثالثا يختص بالأهداف السلوكية مع أمثلة على مجالاتها الثلاثة ومسؤولياتها المختلفة وطرق إعداد الدروس المختلفة والتخطيط لها. ثم أضفنا موضوعات خاصة بالدراسات القرآنية كمبادئ التعليم والتعلم في القرآن الكريم وطرق التعليم التي وردت فيه ثم خصصنا فصلا كاملا لطرق تدريس فروع القرآن الكريم الأربعة: التلاوة والتفسير والحفظ والتجويد.
ثم ألحقنا موضوعات خاصة بطرق تدريس فروع التربية الإسلامية الأخرى كالتوحيد والفقه والحديث الشريف والسنة النبوية.
كما خصصنا فصولاً لموضوعات تثرى تحسن طرق التعليم وأساليبه ومن ذلك موضوعاً يدور حول النشاط الديني اللاصفي في القرآنيات والإسلاميات وموضوعاً آخر يتحدث عن وسائل الإيضاح وثالثاً حول التقويم وأنواعه ونماذج عليه.
وقد رجعنا في جمعنا لهذه الموضوعات إلى كتب متخصصة منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث، وركّزنا على الحديث منها لأنّ وزارات التربية والتعليم بدأت تهتم بالأهداف السلوكية منذ زمن قصير قد لا يتعدى خمسة عشر عاماً ولذلك بدأت الكتب الحديثة تصدر بعد هذا التاريخ بينما كانت كتب طرق التدريس في السابق تركز على الأهداف العامة والأهداف الخاصة، وهكذا أصبح التخطيط للدرس اليومي أو الحصة يقوم على الأهداف السلوكية وارتبطت خطوات إعدادها ارتباطاً وثيقاً بهذه الأهداف فالتمهيد والعرض والربط والتقويم والواجب المنزلي كلها مبنية على الأهداف السلوكية (المعرفية والوجدانية والنفس حركية) وتعمل على تحقيقها خلال الحصة المقررة.
ومن المراجع التي استفدنا منها كثيراً كتاب نظام تصنيف الأهداف التربوية لبلوم وكتاب طرق تدريس التربية الإسلامية لعابد توفيق الهاشمي وكتاب طرق تدريس مواد العلوم الشرعية في المرحلة الابتدائية للدكتور زين محمد شحاتة وعبدالله محمد الجغيمان وكتاب النظرية التربوية في تدريس الحديث الشريف ليوسف محمد صديق وكتباً أخرى كثيرة أوردناها في فهرس المراجع وأشرنا إليها في مواضعها في الفصول المكتوبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لخدمة أبناء الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، لأن خدمة هؤلاء الشباب وتعليمهم أمانة في أعناق العاملين في هذا المجال وغيره ومن يقصر في أدائها عامدا فهو آثم قلبه.
اللهم إنا نسألك الثواب لا نسأله من غيرك فإنك أنت المولى وأنت الخالق البارئ
وإنك أنت الرحمن الرحيم ، وبك نستعين،،
د. فؤاد حسن حسين أبو الهيجا
كلية المعلمين بالجوف
