مقدّمة
اسمحوا لي بدايةً أن أبدأ بتعريف نفسي ، واستعراض سيرتي الذاتية، ليس لغرورٍ مني أو لغاية سوى معرفة حقيقتي في هذا العصر الذي أصبح كل شيء مشكوك فيه.
أنا لست متشائمة .. وعلى العكس من ذلك ..فأنا دومًا كنت وما زلت متفائلة.. وصاحبة نيّة سليمة وطيّبة في آن.. أوصلتني إلى خسارات كبيرة .. كانت حصيلتها هذه الخبرات.. فأنا مواطنة عاديّة ..أردنيّة .. وإن كنت لا أنسى أبدًا موطن آبائي وأجدادي الذي أعتز به.. فلسطين الجريحة.. الذي ما زال جرحها ينزف برغم السنين الطويلة..
كان رضا والديّ علي ّ ومحبتهم لي كبيراً، فقد كانت والدتي طوال حياتها رحمها الله، تذكر لي إحدى القصص عني في طفولتي المبكرة جدّاً، أفخر بها، أنني كنت مثالًا للهدوء الذكي، فقد كانت تقول لي دومًا أنني ملاكٌ أرسله الله لي كهديّةٍ في سلّةٍ من السماء ، تخيّل مقدار الأسلوب التربوي الهائل الذي كانت تتمتع به.
وبالمقابل فإن احترامي لهم وحبي فوق العادة.
وضعتنا والدتي أنا وأخوتي وبمباركة من والدي في مدارس الراهبات الوردية في مدينة إربد في الأردن عندما كنت في سن الثلاث سنوات وحتى دخولي الصف الأول الابتدائي، حيث كان والدي يعمل مرشدًا لوقاية النباتات في وزارة الزراعة في الخمسينيات وما بعدها، وكانت والدتي تعمل مشرفة اللغة العربية في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وقد أثار اهتمام والدتي بمدى التزامنا بموعد الباص حين يأتي لينقلنا إلى المدرسة حيث نكون في انتظاره أمام باب البيت على رصيف الشارع وليس بداخل البيت في الطابق الأول، وكذلك الترتيب والنظافة الفائقة التي كنا نتمتع بها ، والأكل النظيف الشهي الموضوع فيما يسمى “السفرطاس” والذي كنا نحمله معنا، أثار إعجاب الراهبات أنفسهن، حيث عبّرن لوالدتي عن ذلك في أكثر من موقف، مشيدين بمدى قدرتها على التنسيق بين وظيفتها وواجباتها تجاه أطفالها وبيتها بحيث يظهرون بأفضل مظهر وأكمله ودون تذمر منها أو ضجر.
تعلمت دراستي الابتدائية والإعداديّة والثانويّة في المدارس الحكوميّة الأردنيّة، وتفوقت فيها، كما توضّحه شهاداتي التاريخيّة التي ما زلت أحتفظ بها ، وكنت وما زلت سعيدة بهذا التفوق، وفخورةً به، وحيث كان للعلامة قيمة ومعنى، وحيث كانت تمثل المجهود الشخصي والفردي للطالب ذاته، دون أي محاولات للاستعانة بأية مصادر أخرى، وكنت على صلة ممتازة بمدرساتي وزميلاتي في المدرسة، وكما توضحه ملاحظات معلماتي في خانة الملاحظات في شهاداتي، ومدى التزامي بالدوام المدرسي، وهذا التفوق في صغري، والصلة الإيجابية بيني وبين زميلاتي وصديقاتي في المدرسة انعكس على العلاقة بيني وبين والديّ وأخوتي، حيث كنت مصدر فخرٍ دائم لوالديّ، وحيث كان له، مع رضا والديّ الدائم عني في جميع مراحل حياتي التي عايشوها الأثر الأكبر في تشكيل شخصيتي، وزرع الثقة الكبيرة في نفسي، والتفاؤل، والمرح.
وعند ظهور نتائج الثانوية العامة، وبينما نحن نجلس مع الوالدين جلسة عائلية مريحة في حدود الساعة السابعة والنصف مساء، وإذا بالباب يدق، ويذهب أبي ليرى من الطارق، وإذا بأحد المهنئين يبشّر أبي بتفوقي في امتحان الشهادة الثانوية العامة بحصولي على المرتبة الخامسة في المحافظة وانه قد سمع ذلك في الراديو في نشرة أخبار السابعة وعلي مراجعة قسم البعثات للحصول على بعثة تقديرًا لتفوقي ونظرًا لحاجة البلد للكفاءات، وانهالت التهاني علي والقبلات وأنا غير متوقعة ذلك على الإطلاق، وكانت فرحة كبرى، لا أرى أي فرحة أخرى تماثلها.
وأعترف، وأنني في هذه المرحلة بالذات، قد أصابني شيء من الغرور المؤقت، فقد كنت أعتقد أن التوجيهي معجزة، وأنه من المستحيل على أحد التفوق فيه، وبما كنت أرى وأسمع من صديقاتي في المدرسة من كم الدراسة الهائل الذي يدرسونه والسهر الدائم، وحبوب المنبهات التي يتناولونها، والقهوة التي يشربونها، وأنا لم أكن أعرف من ذلك شيئًا، وعندما حصلت على التفوق، اعتقدت أنني يمكن أن تسير أموري بهذا النجاح دونما أي مجهود مستقبلي يذكر ممّـا كان له بعض الأثر في دراسة البكالوريوس..!!
أتممنا إجراءات تسجيل البعثة بعدها بأيام، والتحقت بالجامعة لدراسة العلوم، حصلت بعدها على البكالوريوس، ثم طُلبت للعمل في إحدى المدارس الثانوية في إربد، وعملت فيها، وحصلت على محبة وتقدير الجميع، طالبات ومعلمات ومديرة، ثم طًلبت للعمل في معهد معلمات عجلون بإلحاح شديد، ومن مسؤوليه في وزارة التربية والتعليم حينها، بناء على تقاريري السنوية المتميزة ونشاطاتي، وأخيرًا وافقت باتفاقي مع الوالدين، رغم حاجتهم الماسّة لوجودي بينهم لأنهم كانوا وحدهم، على العمل في المعهد احترامًا لمجيء مسؤولي التربية لزيارتنا في بيتنا في إربد لطلبي للعمل فيه.
وبدأت العمل في المعهد، ومضت السنين، وأنا سعيدة مع صديقاتي وطالباتي، لا أحمل همّـاً، وحين قررت الانتقال لمكان سكني مرة أخرى لكبر سن والديّ وحاجتهم لي، لم يوافَق على طلبي، وكررت الطلب سنوات متلاحقة والرفض حليفي، والحجة: الحاجة الماسة لمقتدرة مثلي!
وأخيرًا وبعد تدخل العديد من الأقارب وأصحاب الشأن، وبعد مرور إحدى عشرة سنة، تمت الموافقة على نقلي إلى مركز سكني في إربد، وفي هذه الأثناء، وخلال عملي في المعهد سجلت لدراسة الدبلوم العالي والماجستير في جامعة اليرموك في اربد والتي تبعد عن مكان عملي في عجلون نصف ساعة تقريبًا، حيث كنت أسافر نصف أيام الأسبوع مساءً لحضور محاضراتي، وأمر للاطمئنان على والديّ، أو للنوم عندهم والعودة إلى مقر عملي في اليوم التالي في الصباح الباكر، وتوجت جهودي جميعها بالحصول على شهادة الدبلوم العالي في أساليب تدريس العلوم ، وبتقدير عام جيد جداً، كمتطلب سابق للماجستير في التربية، الذي تقدمت له وأنهيته بتقدير ممتاز مع جائزة التفوق العلمي.
وأستطيع أن أقول أنني كنت عصاميّة في كل ما حققته من شهادات، فلم أكلّف والداي ماديّـاً، وكنت سعيدة بذلك، لأنهم أصحاب الفضل الأوّل في توجيهي الوجهة الصحيحة، وغرس أساسيات النجاح والتفوق لدي، وهم ، وإن كانوا قد توقفوا عن المساعدة المادية بعد التوجيهي، فلم يتوقفوا عن مراقبتي ونصحي حين يلزم، ومدّ يد المساعدة المادية والمعنويّة لي، مع إعطائي الحرية الكاملة في اتخاذ ما يلزم من قرارات تتعلّق بي، وأنا الآن حين أراجع طريقتهم في التربية لي، أقول هي أفضل أساليب التربية الممكنة، و يا ليت تكون لها نظريتها الخاصة لتعميمها.
بدأت حياتي المهنيّة كمعلمة في المدارس الثانوية أولاً، ثم معلّمة المعلّمات في معهد معلمات عجلون الذي كان يعرف بذلك وتغير اسمه فيما بعد إلى كليّة معلّمات عجلون والآن جامعة عجلون، وسارت حياتي كما يجب أن تكون، حيث أتممت الماجستير والدكتوراه كما أسلفت سابقًا إلى أن تمكنت من الانتقال بعدها إلى كليّة حوّارة وليس إربد حيث يسكن والداي، ولكنها أقرب إليهم من عجلون، وكانت قد افتتحت جديدة ككليّة مختلطة ، ورفضت الإناث من المدرسات التدريس فيها، حيث اعتبرتها فرصة للانتقال بعد الرفض المستمر ، وهكذا كان، حيث بدأت التدريس فيها، وأثناء ذلك حصلت على منحة – بحكم تفوقي في الماجستير- لدراسة الدكتوراه في التربية في جامعة الشرق الأوسط الفنيّة في أنقرة ، تركيا.
وسافرت الى تركيا بعد معاناة شديدة، وشد وجذب بيني وبين الغالي الوالد، حيث يريدني البقاء، لأسباب كثيرة أهمها الاجتماعية، وأمنيته في أن يراني أؤسس عائلة، وأخيرًا وتحت إلحاحي ورغبتي الشديدة في إكمال دراستي، وافق.
ولا يفوتني هنا أن أذكر، أنني حين حصلت على شهادة الدكتوراه، كان من أكثر الناس فخرًا وفرحًا، حيث ما فتئ يقول لكل من سأل عني: أتدرون ..لقد أصبحت دكتورة، وقد خفف عني هذا كثيرًا من شعور الذنب الذي رافقني حين سافرت للدراسة بضغطٍ مني ، بل لقد أزاله، حيث أعطاني راحـة ً نفسيّـة كبيرة.
وتفوقت كما العادة حيث حصلت على شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز ، وبفترة زمنية أقل بكثير ممّا حدّدت لنا كمبعوثين، فقد أنهيتها في مدة سنتين و6 أشهر، وقد أُعطينا فترة زمنية أولى مقدارها ثلاث سنوات، قابلة للتمديد إلى خمسة، ولكن شعوري برغبة الوالدين بوجودي عندهم دفعاني للإسراع في إنهاء متطلبات الحصول على الشهادة، وهكذا كان.
وحين توجهت إلى وزارة التعليم العالي لإبلاغهم بعودتي وحصولي على الدكتوراه للوفاء بالتزاماتي نحوهم، فوجئوا، ولم يصدقوا في البداية ، وبعد أخذٍ ورد، وإبراز المصدقة، تأكدوا من ذلك، وأنّه ليس مزحة، ، فقد تركت الشهادة لأنها تأخذ وقتًا للحصول عليها، وطلبت من المستشار الثقافي في السفارة الأردنية في أنقرة إرسالها لي حين الحصول عليها، وهكذا كان فقد استلمها، واستلمتها من خلاله مشكورًا.
عُيّنت بعدها وباحترام شديد في كليّة مجتمع إربد، ثم في جامعتيّ السابع من ابريل والفاتح في ليبيا، عدت بعدها للعمل في قسم المناهج في وزارة التعليم العالي الأردنية، ثم رئيسة قسم توجيه الطلبة في الخارج في نفس الوزارة، وهنا لا بد لي من الإشارة والإشادة بأخلاقيات المرحوم د. أحمد الحسبان الذي كان في حينها أمينًا عامّـًا لوزارة التعليم العالي (رحمه الله وأحسن إليه)، حيث لم يميّز أيّـًا من موظفيه في العمل، تحت أي معيار من المعايير، فقد كان العمل الجاد والمخلص هما معياره في التقييم، ممّا يعطي الموظفين راحة كبيرة في العمل، وإخلاص أكثر وإنتاج أغزر.
وفي خلال عملي في الوزارة، تمكنت من السفر كإعارة إلى إحدى دول الخليج للعمل في إحدى جامعاتها، وبقيت هناك فترة لا بأس بها، عدت بعدها للاستقرار والعمل في الجامعات الأردنيّة الخاصّة ، ونتيجة لضعف بعض أعضاء هيئة التدريس فيها، بدأ الكيل لي، والمكائد، وحاولت جاهدة أن أرمّم الأمور، وأن أتعايش مع هذا الجو البغيض، وبرغم تنازلاتي المستمرة، وتسامحي، مع الجميع، إلا أن حجم المكائد، والإصرار عليها، كانا أقوى مني، فانهزمت أمامها، برغم محبة الطلبة لي، واحترام أعضاء هيئة التدريس، إلا أنّه وكما هو معلوم فإن الشر هو الغالب دائمًا، وتركت العمل، ومن قمّة سعادتي واستقراري، إلى حالة القلق على ما تحمله لي الأيام، وزوال السعادة وحرماني منها والتي كان مصدرها احتكاكي بالناس، فأنا مُحبّـة لهم، وللحياة، وللعطاء المستمر من خلال محاضراتي، وتأليفي، وأبحاثي، ومشاركاتي المستمرة في المؤتمرات والندوات وغيرها، والاطلاع على آخر ما تزوّد به المكتبات من منشورات كالكتب، والدوريات، والبروشورات والأبحاث وغيرها، وما يتصل بها من مكتبات إلكترونية عالمية وكتب إلكترونية ومواقع علمية وأدبية مهمة، وهما عالمي وعشقي وحياتي، إضافة إلى مردودها المادي الذي فقدته.
كانت المكائد في أكثر من مكان عمل أكبر مني، واتهامات مفبركةٌ شتى تلاحقني، فملأتني بالتعاسة، وخسرت ما أعشق من عالم، بغير ما ذنب سوى تفوقي وقدراتي، وحقد البعض وضعفه وغيرته، وأرجو أن لا يكون كلامي هذا مصدر نفور أو سخرية أو تأويل أو استهجان من أحد، فقد كانت هذه هي الحقيقة المرّة.
حاولت أن أتعايش مع وضعي الجديد عندما لم أجد من ينصفني، فقرّرت بعد عناء شديد، أن أنحى منحىً جديدًا، ينسيني ما خسرت، وما زلت، فاتجهت إلى عالم السفر، ووجدت ضالتي فيه، يبعدني أيام ومسافات، ويسعدني ، ويشبع ما كنت أحلم به وأتمناه حين لم أكن أجد الوقت الكافي لذلك، في آنٍ واحد، بل وأكثر من ذلك فهو يضيف لي شيئًا جديدًا في كل رحلة سفر.
بدأت رحلاتي باللجوء إلى مكاتب السياحة والسفر، التي كانت أسعارها باهظة، وخاصة للفرد الواحد في الغرفة الواحدة، وسوء معاملة بعضها، وقد حاولت أن أجد رفيق سفر يؤنس وحدتي، وأتفق معه فكريّـاً واجتماعيّـًا وماديّـاً ولم أجد، فبدأت بالاعتماد على نفسي والسفر وحدي، ووجدت بعدها أن السفر بوحدةٍ ممتع، وله الكثير من الفوائد، كالتخطيط الأنسب، والاعتماد على النفس، والروحانية، واستغلال الوقت، واستخدامه بما يرغب به المسافر تمامًا.
وحين ظهرت الإنترنيت، وبالرغم من بداياتها، وعدم اعتماد الناس عليها في السفر، إلا أنني وجدت أنّها أسهل في التعامل مع المسافر، وأنّها توفّر له العديد من البدائل التي تكون في متناول يده، علاوة على أسعارها المعتدلة سواء من ناحية حجز الفنادق أو تذاكر الطائرات أو الباصات أو القطارات، وتوفر مساحةً أوسع من المناطق في العالم للسفر إليها، فاستخدمتها، ووفقت في ذلك كثيرًا، بالرغم من معارضة الكثير لذلك، واعتدت عليها، وأصبحت هي مفتاحي إلى العالم بما فيها من مواقع ذات مصداقية عالية.
ومن الرحلات التي استخدمت الإنترنيت فيها، أوّل رحلة، في عام 2003م، وحين لم يكن أحد يعرف عن الإنترنيت شيئًا، حيث كانت مغامرة كبيرة مني أن أحجز الفنادق في رحلتي إلى روما ومنها إلى فلورنسا ثم البندقية بواسطة الإنترنيت، لأنه لم يكن لدى أحد أي فكرة عن مدى مصداقية الحجز، حيث لم يحجز أحد قبلي، ولم أحصل على أي معلومة بهذا الشأن، ولكنني جازفت، ونجحت، وذهبت وعدت كما خطّطت تمامًا.
ومع الأيام كانت تنتشر الإنترنيت بسرعة أكبر، وشيئًا فشيئًا بدأت مواقع السياحة والسفر تظهر كأعمال تجارية على الإنترنيت، وأصبح هناك مجالٌ أكبر للاختيار من بينها، وللتعرف على أكثرها التزامًا ومصداقية، واحترامًا لذاته، فسرت بثقة أكبر في هذا الطريق، واستمتعت أكثر بحرية اختياري لرحلاتي دون تحكّم من أي شركة كانت.
وأما البلدان وكما تظهرها خارطة العالم المرفقة (ملحق1) والتي زرتها مرتبة حسب الأحرف الهجائية وقبل ظهور الإنترنيت فهي:
إسبانيا، وأمريكا، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وبريطانيا، وتايلاند، وتركيا، وتونس، والسعودية، وسلطنة عمان، سوريا، والعراق، وفلسطين، وقبرص، ولبنان، وليبيا، ومالطا، وماليزيا، ومصر، وهولندا.
وأما البلدان التي زرتها من خلال استخدام الإنترنيت فهي:
إيطاليا، بلغاريا، تركيا (في أكثر من رحلة)، الصين، فنلندة، النمسا، الهند، هنغاريا.
وسأتحدث في الفصول اللاحقة عمّـا شاهدته وخبرته في الرحلات التي قمت أنا بتفصيلها والمناطق التي اخترتها أنا من خلال الإنترنيت ولم يساعدني بها أحدٌ إطلاقـًا، أمـّا رحلاتي السابقة التي سافرت بها من خلال شركات السياحة والسفر فسأتركها جانبًا لأتحدث عنها مستقبلاً إذا سنحت لي الفرصة لذلك بسبب عدم قناعتي التامة بها.
وكما سأتحدث فقط عن رحلات الإنترنيت بسبب ما أحدثته بي من رغبةٍ شديدةٍ لها، وعشقٍ كبير لاكتشاف مكنوناتها، لأنني أنا التي صنعتها وبرمجتها حسب حاجتي ورغبتي ومادياتي ووقتي، وسأبدأ من حيث انتهيت من الرحلات، بمعنى أنني سأتحدث أولاً عن آخر رحلة قمت بها، ثم الرحلة ما قبل الأخيرة، وهكذا، أي أنني سأبدأ بالكلام عن الرحلة الأحدث، بحيث تكون الرحلة الأخيرة التي أتحدث عنها هي أقدم رحلة قمت بها.
ولا بد لي من الإشارة إلى أن جميع الصور من تصويري، سواء سيلفي أو عادي، ما لم يذكر غير ذلك.
والحقيقة أن هذه الرحلات قد أعادت لي ثقتي الكبيرة بنفسي، بعد أن بدأت تتأرجح نتيجة الأحداث المفتعلة التي مررت بها، وذلك من خلال ما كنت أراه من تقدير ومساعدة من كل فرد قابلته في جميع رحلاتي في مختلف الأقطار، فقد كنت أمثل لهم الفتاة الشرقية المثقفة التي يرونها لأول مرة والتي تحمل الدكتوراه وتحترم سنها وتحسن التصرف وتتفهم الآخرين برغم الفروق الموجودة بينها وبينهم.
وأخيرًا أستطيع أن أقول أن الكتاب هو مفهوم علمي جديد للرحلات، والثقافة السياحيّـة، وهو عبارة عن مزيج من سيرة حياة ذاتية للمؤلفة مع وصف لبعض رحلاتها التي قامت بها في الأقطار المختلفة.
واسمحوا لي نهايـًة أن أطلق على نفسي كما أسماني أهلي وأصدقائي ومن عرف برحلاتي، اسم: ” ابن بطوطة”.
الرحّـالة: د. سلمى زكي الناشف
