المقدمة
منذ منتصف القرن الماضي والعالم يسير حثيثاً نحو الانفتاح بين الأمم.. وبدأت التكنولوجيا الحديثة تكسر الحواجز والحدود التي أدت إلى انغلاق بعض الأمم على بعضها الآخر.. ولقد وصلت قمة الانفتاح.. أن يكون العالم قرية صغيرة يحس المرء القابع في أقصى الصين بما يحس به الذي يعيش به في مجاهل أفريقيا أو في الأرجنتين أو في القطبين..
كانت السينما وكاميرات الأخبار أولاً.. ثم دخل الكومبيوتر وأعقبه الإنترنت.. ولا زال العمل يسير حثيثاً نحو انفتاح أكثر – وإن حصلت هزات وتأثيرات جانبية إلا أن ذلك الانفتاح يتسع..
ودراسات الأديان العالمية في زمن كثرت فيه العلوم وانشغل الناس بالكثير في الأمور التي قد لا تشجعهم على غور عالم الأديان.. إلا أن الأديان والمعتقدات هي جزء مهم من عالم الانفتاح العالمي والذي تحسسه الرسول (×) قبل أكثر من ألف وخمسمائة عام حين قال “من تعلم لغة قوم” أمن بأسهم (أو شرهم)” وقال “أطلب العلم ولو كان في الصين” والصين كانت أبعد محطة قد يصلها المسلم في ذلك الوقت..
وتعلم الأديان ومعرفتها يجعل أتباعها قريبين من بعضهم ويجلي الغموض الذي يحيط ببعض الأمم.. فإن كنا قد وصلنا إلى معرفة بسيطة بطبيعة معتقدات تلك الأمم.. فما بالك إذن بحقوق تلك الأمم.. سواء أكانت حقوق أمة بكاملها أم حقوق أفرادها في زمن كثرت فيه الندوات والمؤتمرات الباحثة عن حقوق الإنسان في كل مكان..
وقد تعمقنا في عالم الأديان ونحن نستنبط حقوق أتباعها في عالم يحارب من أجل حقوق الإنسان..
لقد جاءت تلك الأديان مطالبة بحق ” الإنسان ” منذ نشأتها وخاصة إن كان معينها واحداً كالأديان السماوية.. أو تلك الأديان الوضعية التي كانت تسعى لحماية أتباعها ومعتنقي أفكارها ومبادئها..
لقد اكتشفنا أن هناك حقوقاً للإنسان في كل معتقد وكل دين. وذلك ما حاولنا أن نسطره في كتابنا هذا.. في أسلوب مبسط مفهوم بعيد عن التعقيد أو الغموض..
وكان أن وجدنا في مصادر بحثنا سعياً حثيثاً لبيان موقف الإسلام من حقوق الإنسان.. والإسلام كما هو معروف من أكثر الأديان التي اهتمت بالإنسان وبحقه في الحياة.. وقد عقدت الكثير من الندوات والمؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان في الإسلام خاصة في وقت بدأ اللغط فيه من الغربيين.. بأن الإسلام تنقصه الكثير من الإشارات إلى حقوق الإنسان وخاصة حق حرية الاعتقاد وحق المرأة في المساواة وغير ذلك.. وقد أرفقنا نتائج وقرارات المؤتمرات التي طالبت بإجلاء الصورة الإسلامية وإظهار الحقيقة التي تعزز مواقف الإسلام من حرية الإنسان وحرّية المرأة وحقها في المساواة والتي إن انتقصت.. فإنها تنتقص بسبب الممارسات الجاهلة من بعض التجمعات البشرية.. إذ أن الممارسة غير الفكر بعض الأحيان.. والمطّلع على الملاحق المرفقة يجد إشارات عميقة إلى ما يحتويه الإسلام من مبادئ تؤكد حقوق الإنسان واهتمام الشريعة الإسلامية بها قبل المناداة بها في العصر الحاضر..
ولم نأل جهداً في استعراض تلك الحقوق في الفصل الخاص بحقوق الإنسان في الإسلام مقارنين ذلك بفصول حقوق الإنسان في اليهودية والنصرانية كأديان ومعتقدات بنيت عليها مجتمعات ودول وانعكس تأثيرها على البشر الذين ينتمون إليها..
إن هذا الكتاب سفر مهم من أسفار الأديان التي لا بد من التعرف عليها وسبر أغوارها. نرجو أن يستفيد منه المطلعون ويجعلونه مصدراً من مصادر بحوثهم في عالم حقوق الإنسان.
والله الموفق
المؤلفان
2007