المقدمة :
لقد بقيت النظرة التربوية التي تصحبها الممارسة للذكاء على أنه قدرة واحدة، وظلت هذه النظرة سائدة لفترة طويلة حيث ركزت على تحديد مستوى الذكاء لدى المتعلمين من خلال تقييم قدراتهم اللغوية والحسابية والتي احتلت مساحة كبرى في المنهج المدرسي. وبناء على ما أفرزته الدراسات الحديثة حول الاهتمام بتفكير المتعلم واستثمار طاقاته العقلية وتنميتها، وما قدم الباحثون والمنظرون من براهين تشير إلى أن الذكاء ليس قدرة واحدة بل مجموعة قدرات، لذا فإنه بات من الضروري إعادة النظر في البرامج والمناهج المدرسية لتتمكن من تنمية ذكاءات المتعلمين وصقل شخصياتهم، والاهتمام بالنمو الشامل المتكامل لهم للحصول على مخرجات تتسم بالجودة والأصالة يمكنها من مواكبة التطور الهائل الذي يشهده العالم في شتى المجالات. ويعد رأس المال البشري الأساس في تطور الأمم ورقيها، وعليه فإنه ينبغي استثماره بشكل متقن وذلك من خلال ما تقدمه المدارس من برامج ومناهج تهدف إلى تنمية الذكاءات المتعددة لدى المتعلمين وتوظيفها بشكل فاعل ليتمكنوا من التعامل مع المواقف الحياتية المختلفة بنجاح وبمهارة. ويتناول هذا الكتاب نظرية هاوارد جاردنر للذكاءات المتعددة، والعلاقة بين الذكاء وبعض المتغيرات كالموهبة، والإبداع، والتفكير الناقد، وحل المشكلات، كما يطرح كيفية توظيف هذه الذكاءات في المنهج المدرسي وذلك لشحذ قدرات المتعلمين، وإكسابهم المهارات المختلفة في مجالات التفكير والإبداع، ومن ثم لاستثمار طاقاتهم العقلية والاستفادة منها ما أمكن.
