المقدمة
بحث التربويون قديماً ولا زالوا السلوك الإنساني القائم على التربية الخلقية، لتأثيرها الاجتماعي، والتي تشكل الركائز الأساسية لضمير المجتمع ووجدانه، فهي تنظم حياته، وتحفظ هويته واستقراره وأمنه ليتماسك وينهض ويرقى. ما من أمة أرست قواعدها الأخلاقية إلا استطال بنيانها وظهر شأنها، وأصبح لها فكرها وحضارتها التي تميزها عن غيرها. فالأخلاق تنظم مسيرة النظم الاجتماعية الأخرى أيضاً كالاقتصاد، والسياسة، والعلم. وإذا ما اختلّت مسيرة الأخلاق ظهر ذلك جلياً في أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية وتربوية، وهو ما يقصد بعبارة أزمة أخلاقية (Moral Crisis)، لذا تزايد الاهتمام بسلوك الناس وأفعالهم، إذ يوجه انتباهنا فلاسفة التربية وعلماء الأخلاق بأن ما أصاب العالم من هزات اجتماعية، وسياسية، وصحية، واقتصادية، التي يتسم بها العالم المعاصر مرجعها تردي الأخلاق، ويبرز هذا واضحاً فيما تشير إليه وسائل الاتصال كافة، وشبكات المعلومات والدراسات العلمية إلى أن هناك تزايد في أشكال السلوك المنحرف كالجرائم بكل أشكالها الفردية أو المنظمة في طريقتها، وأهدافها، معلنها وخفيها، وجرائم انتهاك حقوق الآخرين قياساً إلى ما موجود في قواعد الأديان، أو ما تعارف عليه الناس منذ القدم من ثوابت أخلاقية مرغوبة، فالأخلاق مجالها المثل دائماً. لذلك أصدرت قوانين رعاية حقوق الإنسان في المواثيق الدولية في اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسة السبع المعنية بحقوق الإنسان، وما بينته في العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والثقافية (1971)، وكذلك في المواثيق الإقليمية لا سيما إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر عن مؤتمر وزارة خارجية دول المؤتمر الإسلامي عام (1990) والميثاق العربي لحقوق الإنسان (المعدل) الذي اعتمدته القمة العربية في تونس عام (2004).
كل ما سبق ما هو إلا نتيجة لما أصاب المجتمعات من آفات أخلاقية هزت الثوابت، وبات الإنسان قلقاً لا أمن ولا استقرار في حاضره، وضبابياً مستقبله. و”هو الإنسان الواعي الذي يتعلم ويتطبع بحسن الخلق تجعله أصدق حكماً وأحسن تقويماً، سيما إذا كانت الأخلاق مؤسسة على الوحي الإلهي، أما إذا كانت مؤسسة على اجتهادات العقول غير المسترشدة بنور إلهي، فلا يمكن أن تثمر هذه الأخلاق خبرة أخلاقية ثابتة صائبة مطردة” (الشرقاوي، 1990، ص10).
يضم القرآن المجيد منهجاً للتربية القويمة، وقد وصف الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم (صلى الله علية وسلم) هو أنموذج لكل إنسان، على أساس كونه مختاراً من الله سبحانه، كاملاً في سلوكه الخلقي، قدوةً لمن اتبعه، فقال سبحانه: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم، 4). هذا يعني أنه يمكن لشعوب أقطار الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث من أن تبني لنفسها تربية أخلاقية تشتق مبادئها من القرآن العظيم دليلنا ومنهجنا ودستورنا في الحياة، فالتربية الخلقية المنبثقة عنه تلهم المربين وصف السلوك مع الآخرين في المجتمع الإنساني من خلال مجالاته الرئيسة الثلاثة، وهي: الذات، والآخرون، والعلاقات الداخلة بينهما. فعملية نمو الفرد وتطبيعه بأخلاق مجتمعه والانصياع للمعايير الاجتماعية المنبثقة عن القرآن، وبالأسلوب والطرائق المناسبة، تحقق أهدافها المطلوبة إذا ما كان هناك المنهج الأخلاقي الذي يسلك المتعلم من خلاله ويتطور في المجال الخلقي الذي يرقى به وبمجتمعه.
يضم هذا الكتاب ستة فصول، وكان الفصل الأول بعنوان: “مدخل إلى التربية الخلقية”، يعرض فيه الأخلاق وما تعرضت له من أزمات في عصرنا هذا، ثم يبين أهمية موضوع الأخلاق والمصطلحات التي وردت في الكتاب لتيسير الاتصال فكرياً مع القارئ، ولمعرفة مدلول المصطلح.
أما الفصل الثاني فيضم التربية الأخلاقية في الفلسفات الغربية المعاصرة، ونوع القيم الأخلاقية التي شكلوها، وأثرها على المجتمعات التي خرجت منها،وضم وجهات نظر المفكرين من أول حضارتين في التاريخ “حضارة وادي الرافدين، والحضارة المصرية”،
والفصل الثالث عرض الأخلاق في الأديان الحية الباقية إلى الآن.
والفصل الرابع بيّن الأخلاق في الإسلام وإمكانية تغييرها وشروط تغييرها.
عرض الفصل الخامس المنهج: أسسه وعناصره ونظامه، ومناهج التربية الخلقية، وهو بمثابة تصميم للمنهج المقترح.
والفصل السادس تكوّن من إجراءات البحث، وتحليل الآيات القرآنية، والوقوف على المبادئ الأخلاقية الخاصة بالمرحلة العمرية للمدرسة الابتدائية، ثم صياغة الأهداف التربوية الخاصة بمنهج التربية الخلقية المطلوب الوصول إليه.
وأخيراً الفصل السابع، وهو بناء أنموذج مقترح للصف الأول من المرحلة الأساس (الابتدائية).
إن هذا المؤلف احتوى على القيم الأخلاقية، والتي تم الاتفاق عليها تقريباً على امتداد التاريخ، وأكملها وشذبها، وأضاف اليها القرآن العظيم بما يتباسب وإنسانية البشر لتكون أهدافاً للتربية الأخلاقية التي تسعى دوماً المؤسسات التربوية في احتوائها في مناهجها، لا سيما في بداية اكتساب القيم الخلقية وفي بداية التعليم من التعليم النظامي، وتركيزه في منهج للتربية الأخلاقية للصفوف الثلاثة الأولى في التعليم الأساسي (المرحلة الابتدائية). آملاً أن يكون في هذا المؤلف ما يفيد المربين في مجال التربية الخلقية. ويسترعي انتباه المخططين لها.
والله أعلم بالمقصد والغاية.
د. ابتسام محمد فهد
بناء منهج للتربية الخلقية – في ضوء الرؤية القرآنية
$10.00
عدد الصفحات: 180
سنة الطبع: 2008
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 1
لون الطباعة: ابيض
القياس (سم): 17×24
الوزن (كغم): 0.281
الباركود: 9789957181949
الوزن | 281 جرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
رمز المنتج:
9789957-18-194-7
التصنيفات: التربية و علم النفس, المناهج وطرق التدريس
الوصف
منتجات ذات صلة
أساليب تدريس قواعد اللغة العربية
$15.00
أساليب وطرق تدريس اللغة العربية وإعداد دروسها اليومية
$12.50
أصول التربية
$20.00
الاتجاهات العالمية الحديثة في تدريس الأدب العربي والنقد الحديث
$17.50
المناهج الحديثة وطرائق التدريس
$22.50
طرائق التدريس(منهج – أسلوب – وسيلة)
$15.00
طرائق فعالة في تدريس العلوم
$15.00
متعة التعلّم – كيف تكون المدرسة مكانا محببا لأبنائنا
$15.00