المقدمة
يستخدم بعض البلدان الأساليب المركزية في إدارة النشاط الاقتصادي على جميع المستويات الإدارية للوحدات والقطاعات الاقتصادية، وذلك لغرض تبني برامج وخطط تنموية مركزية شاملة، وعادة ما يتحقق هذا النهج الاقتصادي من خلال استخدام وسائل مادية تنفيذية, يقع في مقدمتها المحاسبة كنظام للمعلومات الذي يستخدم في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية والإدارية الرشيدة.
غير أن المشكلة الرئيسية التي كانت تواجه هذا النوع من البلدان هي مدى الاختلاف ما بين المحاسبة الجزئية (Micro-Accounting) المطبقة في الوحدات الاقتصادية والمحاسبة الكلية (Macro–Accounting) التي تصف النشاط الاقتصادي للمجتمع ككل. لذلك سعت هذه البلدان إلى إيجاد شكل من أشكال التوافق المحاسبي ما بين النوعين من المحاسبة, ودعت تلك البلدان إلى التوحيد المحاسبي بغية تحقيق هدف التخطيط المركزي ومتابعة تنفيذ البرامج والخطط، فما كان إلاّ أن تم اكتشاف وتصميم نظم محاسبية موحدة لتحقيق هذا الهدف الجوهري.
يعتبر النظام المحاسبي الموحد من النظم المحاسبية الشاملة التي تتكون من مجموعة أجزاء مترابطة بعضها مع البعض الآخر ابتداء من مدخلاته ثم عملياته التشغيلية المتمثلة بالمعالجات المحاسبية والتسويات الحسابية والمحاسبية وانتهاء بالمخرجات المتمثلة بالقوائم والتقارير المالية التي تعبر عن ناتج العمل المحاسبي.
في الواقع يمثل تصميم النظام المحاسبي الموحد أول خطوة من خطوات نظم المعلومات المحاسبية التي صممت من قبل الجهات العليا في الدول المتطلعة للتوحيد المحاسبي مثل فرنسا وألمانيا ومصر وغيرها لغرض الاستفادة المباشرة من مزاياه وخصائصه، وأصبح هذا النظام في حقيقته يمثل الأداة المحاسبية والاقتصادية والإحصائية التي تربط بيانات الوحدات الاقتصادية ببيانات المحاسبة القومية من خلال توحيد المفاهيم والأسس والاجراءات المحاسبية والاقتصادية ودمج بعضها مع البعض الآخر, بحيث أصبحت خصائص واهداف ومعالجات هذا النظام للعمليات والأحداث المالية داخل الوحدات الاقتصادية تصب بشكل رئيسي في خدمة أغراض المحاسبة القومية.
كذلك يعد النظام المحاسبي الموحد احد نظم المعلومات المحاسبية التي تعتمد في مدخلاتها وعملياتها التشغيلية ومخرجاتها على مجموعة من الأسس والمبادئ والقواعد والأحكام والطرق المحاسبية المقبولة قبولا عاما. إذ أن هذا النظام يستخدم المبادئ المحاسبية والقواعد والطرق في إثبات المعاملات المالية ومسك السجلات وإعداد الحسابات والقوائم الختامية والتقارير للشركات والمؤسسات والمصالح التي تقوم بتطبيقه. ولذلك يوصف هذا النظام بأنه محاسبي، كما هو الحال في وصفه بأنه موحد، وذلك لأنه يؤكد على مجالات التوحيد في المفاهيم والمصطلحات والأسس والقواعد وتوحيد السنة المالية والدليل المحاسبي والحسابات والقوائم المالية الختامية.
يعد النظام المحاسبي الموحد من المقررات المحاسبية المهمة, وذلك لان هذا النظام يطبق حاليا في الشركات العامة والمختلطة والسياحية منذ عام 1972م, فضلا عن إمكانية تطبيقه في شركات القطاع الخاص بمختلف أشكالها القانونية.
وان تطبيق هذا النظام لا ينحصر فقط في جمهورية العراق وإنما يجري تطبيقه في بلدان عربية أخرى مثل مصر وسوريا واليمن, وذلك لان هذا النظام كان قد صدر من جامعة الدول العربية ( المكتب الإحصائي) عام 1968م وكان مخطط له أن يطبق في كافة البلدان العربية وذلك للاستفادة من مزاياه وخصائصه العديدة التي تم استخلاصها من تجربة ونتائج تطبيق النظم المحاسبية الموحدة في العالم مثل النظام المحاسبي الفرنسي والألماني والمصري منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي.
يتضمن هذا الكتاب ثمانية فصول تناولت نظريا وعمليا المواضيع الآتية:
– الفصل الأول: الإطار النظري للنظام المحاسبي الموحد
– الفصل الثاني: حسابات الموجودات
– الفصل الثالث: حسابات المطلوبات
– الفصل الرابع:حسابات الاستخدامات
– الفصل الخامس: حسابات الموارد
– الفصل السادس: القوائم المالية والحسابات الختامية في النظام المحاسبي الموحد
– الفصل السابع: محاسبة التكاليف في ظل النظام المحاسبي الموحد.
– الفصل الثامن: حسابات الوحدات الاقتصادية والحسابات القومية
بالإضافة إلى وجود ملحقين في هذا الكتاب يتضمن الملحق الأول تعليمات ونسب الاندثار والثاني يتضمن الدليل المحاسبي الموحد بكامله ، كذلك يتضمن هذا الكتاب مجموعة كبيرة من الأسئلة والتمارين المحلولة والمطروحة للحل ، نأمل من الأخوة التدريسيين والمحاسبين والممتهنين لمهنة المحاسبة والمتدربين وأبناءنا الطلبة أن يستفيدوا مما عرض في هذا الكتاب من مواضيع محاسبية ذات أهمية كبيرة في الجانب العلمي والعملي. نسال الله العلي القدير التوفيق للجميع خدمة للمسيرة العلمية في بلدنا العزيز ….
والله ولي التوفيق،،،،
المؤلف
1440هـ / 2020م