المحاسبة الدولية

المقدمة
Introduction
دعت الحاجة الملحة والمتزايدة خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين حالة إلى وجود نظام للمحاسبة الدولية. وقد تجلت هذه الحاجة في المنافع والفوائد الناجمة عن استخدام المحاسبة الدولية بوصفها أداة لتنظيم وترتيب وقياس المعاملات التجارية الدولية الكثيرة والمتعددة ومن ثم الإفصاح عن المعلومات المحاسبية وإيصالها إلى الجهات ذات العلاقة. الأمر الذي دفع العديد من الباحثين والمفكرين من خلال البحث والدراسة بالتوجه إلى إيجاد الأطر العامة للمبادئ والمعايير التي يتضمنها هذا النظام وتطبيقاته العملية، بحيث أصبح نظام المحاسبة الدولية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يشكل فرعا مستقلا كباقي الفروع الأخرى في المحاسبة بعد أن كانت معالجات المحاسبة الدولية تشكل جزءا لا يتجزأ من المحاسبة المالية والمحاسبة الإدارية، لا بل أصبح نظام المحاسبة الدولية من المواد الدراسية المستقلة التي تدرس في غالبية المؤسسات التعليمية في دول العالم.
ينظر إلى نظام المحاسبة الدولية بأنه عبارة عن مجموعة من المبادئ والمعايير والقواعد والطرق التي تطبق على حد سواء في بلدان العالم المختلفة. وحينما يطرح نظام المحاسبة الدولية بوصفه موضوع محاسبي مستقل في الأدبيات المحاسبية يلاحظ أن هنالك أكثر من وجهة نظر فيما يتعلق بطريقة عرض مواضيع المحاسبة الدولية، فالبعض يتناول المحاسبة الدولية باعتبارها مجموعة مبادئ محاسبية دولية يتعين شرحها وتفسيرها نظريا وعمليا ، والبعض الآخر يرى أن مواضيع المحاسبة الدولية تتوزع بين كل من المحاسبة المالية والمحاسبة الإدارية ، وهنالك فريق آخر يرى أن تقسيم مواضيع المحاسبة الدولية يتم ما بين إنتاج بياناتها من جانب واستخدام هذه البيانات من الجانب الآخر .
لقد استخدمت مناهج عدة للبحث في المحاسبة الدولية، يتمثل اغلب هذه المناهج في المنهج المقارن والمنهج التخصصي والمنهج الشامل والمنهج الفني. لكن يمكن جمع هذه المناهج في منهجين رئيسيين هما المنهج المقارن والمنهج العملي ( المنهج الواقعي ). فالمنهج المقارن يقوم على أساس دراسة أسباب اختلاف المبادئ المحاسبية من بلد لآخر . أما المنهج العملي فيساعد على دراسة المشاكل المحاسبية الناجمة عن تطبيق المعايير المحاسبية الدولية وإيجاد الحلول العملية المناسبة لها وعرض الصعوبات والمشاكل التي تواجهها الشركات متعددة الجنسيات.
تأسيسا على ما تقدم فان تأليف كتاب المحاسبة الدولية أنجز من خلال اطلاع المؤلف على العديد من الكتب العربية والأجنبية المنشورة بعد عام 1990م في مجال المحاسبة الدولية لغرض تحديد مجموعة من المواضيع المنهجية ذات الاهتمام المشترك في هذه المؤلفات على وفق المنهج الشامل المشار إليه. وقد تم اختيار قائمة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك التي يمكن اعتبارها فصولا لهذا الكتاب وهي كالآتي:-
الفصل الأول: الإطار النظري للمحاسبة الدولية
الفصل الثاني : أسعار صرف العملات النقدية
الفصل الثالث: مخاطر أسعار الصرف
الفصل الرابع: المحاسبة عن المعاملات بالعملات النقدية الأجنبية
الفصل الخامس: تحويل وترجمة القوائم المالية
الفصل السادس : أسعار التحويل في المحاسبة الدولية
الفصل السابع: النظم الضريبية في المحاسبة الدولية
الفصل الثامن: نظم وقواعد توحيد القوائم المالية
الفصل التاسع: الاستثمارات الدولية
الفصل العاشر: التحليل المالي وتقييم الأداء في المحاسبة الدولية
الفصل الحادي عشر: المحاسبة الدولية عن التضخم الاقتصادي
الفصل الثاني عشر: القياس والإفصاح في المحاسبة الدولية
يعتبر هذا الكتاب ثمرة الجهود العلمية في البحث عن الحلول المطروحة للتساؤلات من خلال تشخيص بعض المشاكل العملية الناجمة عن تطبيق المعايير المحاسبية الدولية في مختلف بلدان العالم، فضلا عن تشخيص المحتويات والمضامين الفكرية والمنهجية المستخدمة في مجال المحاسبة الدولية.
وعليه فان هذا الكتاب يتناول بشكل أوسع مجال دراسة المشاكل العملية التي تواجه الأعمال الدولية والشركات متعددة الجنسيات وإيجاد المعالجات المحاسبية المناسبة في ضوء ما تطرحه المعايير المحاسبية الدولية من قواعد نظرية وفكرية قابلة للتطبيق من قبل الجهات المستخدمة والمستفيدة.
نأمل أن يساهم هذا الكتاب بصورته المتواضعة في رفد المكتبة العربية بالمواضيع المعاصرة المعززة بالجوانب العملية الغزيرة خدمة للباحثين والدارسين والمهنيين والمهتمين ودعما للمسيرة العلمية في وطننا العربي بشكل عام وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والرفعة والارتقاء ……….
والله ولي التوفيق .
د. سعود العامري