الفيزياء التطبيقية في عالمنا المعاصر

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه أجمعين
إن هذا الكتاب فيه جانب مهم من جوانب الفيزياء أسميته (الفيزياء التطبيقية في عالمنا المعاصر) ، وقد جاء هذا الكتاب استجابة لرغبة ظلت حاضرة في ذهني منذ فترة طويلة عن دور الفيزياء في عمل الأجهزة المختلفة في المجالات الطبية والصناعية وكذلك في الحفاظ على نظافة البيئة. إضافة لى ما كنت ألاحظه من حيرة لدى طلبة الصفوف المنتهية المكلفين في إعداد بحوث تخرجهم حيث يجدون صعوبة في الحصول على مواضيع باللغة العربية ، فأردت من خلال هذا الكتاب أن أعرض مجموعة من الأفكار التي تصلح أن تكون مواضيع تستحق البحث والدراسة ولعلي اكون قد وفقت إلى ذلك .
من خلال مراجعاتي للعيادات الطبية والاطلاع على الأجهزة المستخدمة فيها وجدت أن للفيزياء دوراً كبيراً في عمل تلك الأجهزة ، لا يبدو واضحاً حتى للذين يعملون على تشغيلها أو الإشراف عليها من أطباء وفنيين ، أو لنقل أنهم لا يعرفون الدور الحقيقي للفيزياء في عمل تلك الأجهزة . فأردت إبراز ذلك الدور ، وقد شجعني في ذلك بعض الأطباء الذين وجدت لديهم الرغبة الكبيرة للتعرف على الأسس العلمية التي تعمل عليها تلك الأجهزة .
وأول جهاز استوقفني هو جهاز الرنين المغناطيسي النووي ، وهو جهاز تشخيصي آمن يعمل على خصائص النوى التي يحتويها جسم الإنسان بسبب امتلاكها حركة مغزلية باتجاه عقارب الساعة او عكسها . ومن أهم هذه النوى هي نواة ذرة الهيدروجين التي يحتويها الماء والموجودة في جسم الإنسان . وقد تم توضيح الأسس الفيزيائية التي يعمل عليها والتطبيقات المهمة لذلك الجهاز في الباب الأول من الكتاب.
أما الجهاز الثاني الذي جلب انتباهي فهو جهاز السونار (جهاز الموجات فوق الصوتية) الذي يستخدم من قبل الأطباء في التشخيص وبالأخص للنساء الحوامل لمشاهدة مراحل نمو الجنين ، فوجدت أن هذا الجهاز رغم أهميته إلا أن كثرة استخدامه يمكن أن تسبب أضراراً لعظام الجنين وخاصة في المراحل الأولى للحمل أي أثناء فترة تكوين العظام ، لأن هذا الجهاز يستخدم الموجات فوق الصوتية والتي هي موجات طولية ضغطية ذات تردد عالٍ اكبر بكثير من 20 كيلو هرتز أي تسبب ضغطاً كبيرا على العضو المراد فحصه . فوجدت من المناسب تنبيه بعض الأطباء لذلك ، وعدم تلبية الرغبات الملحة من قبل النساء الحوامل لكثرة استخدامه وبالأخص انه لا يسبب أي الم أثناء الاستخدام ، وقد تم شرح هذا الجهاز والأسس الفيزيائية التي يبنى عليها, وكيفية استخدامه في الباب الثاني من الكتاب .
ثم بدأت بدراسة البلازما وهي الحالة الرابعة للمادة والتي تكون على صورة غاز يحتوي على إعداد متساوية من الأيونات الموجبة الشحنة والالكترونات سالبة الشحنة ويسمى هذا الغاز بالغاز المتأين أو البلازما ، وقد بدأ استخدامه مؤخراً في الحفاظ على نظافة البيئة وذلك بتحويل المواد السامة المنبعثة من مداخن المصانع ومن عوادم السيارات مثل غاز اول أوكسيد الكبريت وأوكسيد النتريك إلى مواد غير سامة . وقد تم توضيح الأسس العلمية التي يبنى عليها تكوين البلازما وكيفية مساهمتها في الاتصالات اللاسلكية والكثير من الاستخدامات والتي تم توضيحها بالتفصيل في الباب الثالث .
وكذلك تم التطرق إلى المواد فائقة التوصيل التي لها تطبيقات متعددة في المجالات الطبية والتنقل وخاصة القطارات الطائرة التي تسير بسرعة تزيد عن 500 كيلومتر في الساعة والتي تؤمن الراحة للركاب وتحافظ على نظافة البيئة ، وكذلك الاستخدامات العسكرية مثل كاشف السكويد الذي يستخدم للكشف عن أية عيوب في أجسام الطائرات حتى ولو كانت على عمق 10 سم . وكذلك في الدراسات الجيولوجية والدراسات المتعلقة بالنفط والكشف عنه .
والكتاب هو بداية لأفكار متلاحقة لأية حالة أو ظاهرة فيزيائية لها مساس بحياتنا المعاصرة ، لتسليط الضوء عليها وتوضيحها بأسلوب سهل ومبسط لكي يكون فهمها متاحا للجميع ، وهو إضافة لذلك خير معين لطلبة المراحل المنتهية بأقسام الفيزياء في الجامعات والمعاهد حيث يطَّلعون من خلاله على مواضيع علمية متعددة تفيدهم في توسيع مداركهم وزيادة معلوماتهم العلمية وفي إعداد بحوث التخرج وباللغة العربية
د. بثينة عبدالمنعم ابراهيم