مقــدمة المترجم:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلــم تسليما كثيرا، وبعد : فإني أحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقني إلى ترجمة هذا الكتاب “الطقوس الاجتماعية: الهوية والتعليم الأدائي في المؤسسات” لمؤلفيه كريستوف وولف، بريجيت التانز، كاترين اوديم، كونستانز باوش، مايكل جولش، ستيفان ستينغ، انجا تيرفورين، مونيكا فاجنرويلي، ويورغ زفرز، والذي يعتبر من أحدث وأبرز المراجع المتوافرة باللغة الالمانية في هذا المجال.
وهنا أود أن أوضح للقارئ العربي بعض المعلومات البسيطة عن هذا الكتاب الذي يبحث في موضوع الطقوس الذي يعتبر من المواضيع البحثية الجديدة في العلوم الإنسانية. فالطقوس هي ممارسات اجتماعية تحدث نتيجة الممارسات الجماعية والفردية. وتضم ممارسة الطقوس عدة نشاطات مثل الصلوات، الاحتفالات، والاتفاقيات. ومن الطقوس الدينية نذكر المناسبات والاحتفالات مثل الزواج والولادة ، والوفاة ، وجميع طرق التواصل الحياتية. ويبحث موضوع الطقوس في قضايا انسانية عديدة منها الحاجة إلى القيم الاجتماعية، والبحث عن الهوية الحضارية والطقوس المجتمعية وهي أيضا قادرة على ترسيخ الترابط الحضاري بحكم تقديمها لبعض الممارسات المدنية مثل الجمال والأخلاق. وتعزز الطقوس الإحساس بالانتماء والهوية والأصالة في المجتمعات التي يعيش فيها البشر ويبحث موضوع الطقوس في الترابط الاجتماعي في الحياة الإنسانية في مجالات التنشئة الاجتماعية الأربعة وهي العائلة، المدرسة، البيئة الاجتماعية، والسطوة الإعلامية. كما تبنى المجتمعات عبر وسائل التواصل اللفظية وغير اللفظية, وتنشأ الطقوس الاجتماعية من خلال التدرج في الأداء ابتداءً بالترابط والألفة, ومن ثم يتولد التضامن والاندماج المجتمعي. ويعتمد تمييز المجتمعات بناء على الأفعال والسلوكيات الحضارية السائدة في مجتمع معين؛ والتي تعتبر القوام الرئيسي لتجسيد الطقوس في التعبير والاستنساخ والتخطيط للنظام المجتمعي السائد.
ومن أبرز الصعوبات التي واجهتني في ترجمة هذا الكتاب هي عدم توافر معانٍ لبعض المصطلحات في القواميس المتوافرة، وكذلك وجود أكثر من معنى للبعض الآخر، وأيضا عدم توافق ترجمة بعض المصطلحات مع سياق الجملة المترجمة مما يخل بالمعنى المقصود للجملة. لذا فقد بذلت كل ما في وسعي لانتقاء المعاني التي رأيت أنها موافقة وتعبر عن المقصود بالعبارة الأصل. وقبل الختام فإني أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى كل من ساهم في مشروع ترجمة هذا الكتاب. كما أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكـل من ساعـد في مراجعة وتحكيم وإخراج هذا الكتاب إلى الواقع. كما أسأل الله العظيم أن ينفع به طلاب العلم والمعرفة على جميع مستوياتهم الأكاديمية والعملية والثقافية.
مقدمة:
تعتبر الأنثروبولوجيا الاجتماعية العلم الوحيد في مجال العلوم الإنسانية الذي يهتم بدراسة الطقوس (Rituals)، غير ان هذا الواقع قد تغير الان وهذا انطلاقًا من إدراكنا بأن الطقوس لها دورا مهمًا في إنشاء المجتمعات والحفاظ عليه وتطويرها بشكل أكبر مما يمكن تصوره. وتسعى هذه الدراسة إلى الإسهام في توفير وعي وفهم لدور الطقوس في حياة الناس لمساعدتهم في إيجاد وجهة وطريق في الحياة. كما وسوف نشير إلى أن العديد من التفاعلات المتبادلة (Interactions) التي يتم اعتبارها طقوس هي عمليات اجتماعية معقدة ومتنوعة بشكل واسع في محتواها وبمعانيها ولذلك فإن دراستنا للحالات الطقسية تتطلب مفاهيم متعددة الأبعاد للعمل الطقوسي، الذي من شأنه إرغام الناس على الامتثال لعاداتهم وقواعدهم، أو الاضطهاد في بعض الأحيان، ولكن في أحياناً أخرى لها جودة إبداعية وهو جانب كثيرا ما تم تجاهله. كما أن الطقوس قادرة على خلق ترابط اجتماعي وتسهم في التغلب على العديد من المشكلات والتعقيدات التي تواجهها العديد من المجتمعات.
نهدف في هذا الكتاب الى إظهار ضرورة الطقوس لتنمية الشباب، باعتبارها الأكثر تأثيرا من بين أشكال التواصل والتفاعل بين البشر. نحن نعتقد أن الطقوس هي مجموعة من الأفعال ذات دوراُ أدائيا وتمثيلياً محورياً (cf. Tambiah, 1979). وبقدر ما تكون الطقوس في عوالم الأطفال الذين ينشؤون في المنزل وفي المدرسة وفي المواقف الاجتماعية هي أداء وتشريعات جسدية، فإنهم يميلون إلى أن يكون لهم وزن اجتماعي أكبر من مجرد الخطابات الكلامية. حيث يعتبر حضورهم الجسدي، إلى جانب الكلام الشفهي ذا طابع طقوسي اجتماعي يحقق لهم الاضافة. هذا العامل الجوهري يعتبر متأصلاً في طبيعة الجسد وفي الحضور المادي للإنسان الفرد.
خلال عملية أداء وتمثيل الطقوس، يتم التعامل مع العديد من الاختلافات بشكل بناء وتنشأ الفروقات الثقافية. ويمثل الشباب أنفسهم وعلاقاتهم، وهم بذلك يُنشئون علاقات اجتماعية. تُنشئ الطقوس نظامًا من الأوامر، فبعض الأنظمة الهرمية تعبر عن السلطات الاجتماعية بين الطبقات، وبين الأجيال، وبين الأجناس المختلفة. وبما أنه يتم تمثيل الطقوس والتعبير عنها من قبل الأشخاص باستخدام الجسد في طريقة معينة، فإنها تبدو طبيعية ومقبولة عالميًا. ومن خلال دعوة الناس إلى الانضمام والانخراط، فإن أداء الطقوس يسهل عملية تقبل الوضع الحضاري الراهن أو النظام الذي تجسده هذه الطقوس. والأطفال والمراهقين الذين يرفضون الانضمام والانخراط في الطقوس يضعون أنفسهم في موقف حرج ومن الممكن أن يصبحوا كبش فداء لهؤلاء الذين تقع على عاتقهم السلبية والعنف في المجتمع. والشباب يتعلمون من أجل التعلم، ومن أجل أن يعيشوا مع بعضهم البعض من خلال الطقوس. تعتبر هذه طرقًا مهمة لاكتساب هذه المهارات اللازمة في مجال العمل، والعائلة، ومجالات اجتماعية أوسع. ودراسة الطقوس التي تخص مرحلة الطفولة والمراهقة، لا يمكن فصلها عن الأبحاث التي تخص مجالات أخرى في مجتمعنا.
وعلى النقيض من أشكال التواصل اللغوية البحتة، فإن الطقوس تُعد ممارسات اجتماعية؛ حيث تقوم الممارسات الجماعية والفردية والطريقة التي يتم فهمها من خلالها، بإنشاء هياكل وتسلسلات هرمية تضم ممارسة الطقوس لعدة نشاطات؛ مثل: الصلوات، الاحتفالات، والاتفاقيات. ومن الطقوس الدينية نذكر المناسبات الانتقالية مثل: الزواج، والولادة، والوفاة، وجميع طرق التواصل اليومي.
إن المناطق التي تَعتبر الطقوس على قدر عال من الأهمية يتم بها تربية الأطفال وتنميتهم علميًا واجتماعيًا. وفي مجتمعاتنا الحالية – يتم بحث قضية الانحلال في الترابط الاجتماعي- حيث تبرز قضايا عديدة على قدر عال من الأهمية منها : الحاجة إلى القيم الاجتماعية، والبحث عن الهوية الحضارية والطقوس المجتمعية. إلى جانب هذا.. نجد أن هناك نظرة أكثر تعقيدًا للطقوس.
لقد كانت قضايا الجمود، والنمطية، والعنف في الطقوس هي المغزى الأساسي لكثير من الدراسات منذ وقت طويل. ولكن في الوقت الحاضر هناك بعض الاستثناءات التي من شأنها أن تسد الفجوة بين الأفراد والمجتمعات والحضارات، وهي أيضًا قادرة على ترسيخ الترابط الحضاري بحكم تقديمها لبعض الأشكال التي توفر الأمان من خلال محتواها الجمالي والأخلاقي. وتبشر الطقوس بقدرتها على تعويض تجارب الخسارة المرتبطة بالحداثة.. على سبيل المثال: فقدان الإحساس بالانتماء للمجتمع، فقدان الهوية والأصالة، وفقدان النظام والاستقرار، كما تبشر بإمكانية تعويض النزعات الفردية والتجريد والمحاكاة الافتراضية التي تنشأ نتيجة تعرية النظم الحضارية والاجتماعية. (Soefner, 1992; Gebauer and Wulf 1998, 2003; Wulf and Zirafs, 2004; Hermes, 2005)
انطلاقًا من أن الطقوس تعتبر ظاهرة اجتماعية معقدة، فهي تمثل محط اهتمام الدراسات في مختلف التخصصات الأكاديمية. و يترتب على هذا حاجة الأبحاث الدولية إلى نظريات مقبولة عالميًا فيما يخص الطقوس، بحكم المواقع المتفاوتة التي تشغلها في التخصصات المختلفة حيث يتم تأكيد الجوانب المختلفة اعتمادًا على مجالات البحث، والقواعد، والمنهجية.
على الرغم من ذلك.. فإننا نجد حاليًا إجماعًا بعيد المدى على أنه لا معنى لتقييد ثراء وتنوع مجموعة من وجهات النظر لصالح نظرية واحدة بعينها. ولكن بدلاً من ذلك؛ نحن بحاجة لوضع تشكيلة غنية من وجهات النظر في جدول الأعمال من أجل الكشف عن تعقيدات كل من الطقوس نفسها وغيرها من مجالات البحث.
التفاعل والطقوس:
تُبنى المجتمعات بشكل فعال عبر وسائل التواصل اللفظية وغير اللفظية. وتُعتمد الطقوس على مراحل عديدة كما كان سابقًا، عن طريق التدرج في الأداء ابتداءً بالترابط والألفة، ومن ثم يتولد التضامن والاندماج المجتمعي. ولا تُميز المجتمعات باستخدام معرفة جماعية رمزية مشتركة فقط، بل باستخدام الأفعال والسلوكيات الحضارية أيضًا؛ والتي تُجسد من خلالها المعرفة في الطقوس، ومن خلالها يتم التعبير والاستنساخ والتخطيط لنظام مجتمعي معين (Wulf 2006 b). وتعد المجتمعات مجال عمل درامي يظهر للضوء من خلال أداء رمزي لمجالات الحياة المختلفة عن طريق الطقوس.
يتواصل البشر ويتفاعلون مع بعضهم البعض من خلال ممارسة وأداء الطقوس. وبعض الطقوس ــــــ مثل أعياد الميلاد المجيدة، وحفلات أعياد ميلاد الأطفال، أو بعض الاحتفالات بأول يوم في المدرسة والاحتفالات الصيفية في المدرسة ــــــ تَستخدم لغة الجسد وتُعتبر أدائية وتعبيرية ورمزية فعالة ومُستندة إلى قواعد معينة. كما يمكن وصفها بأنها متكررة ومتجانسة وهزلية وبيانية وتشغيلية. (Wulf et al., 2001, 2004, 2007, 2010). إن الطقوس عبارة عن قوالب مؤسسية، حيث يتم تمثيل وأداء المعرفة والممارسات الجماعية المشتركة، ويتم تأكيد الطريقة التي تقوم الأنظمة الاجتماعية والحضارية بها بتقديم وتفسير نفسها. (Wulf 2002, 2005, 2009)
هناك نقطة بداية ونقطة نهاية للطقوس، وبذلك فهي تضع التواصل والتفاعل في إطار زمني معين. وتحتل الطقوس مكانًا معينًا في المواقف الاجتماعية التي تقوم ــــــ بدورها ــــــ بتجسيد الطقوس وتشغيل المؤسسات والمنظمات. كما تمتلك الطقوس خصائص معينة فهي واضحة وتُحدد من خلال الطريقة التي تُمثل من خلالها (Goffman 1974). إن اختلاف الطقوس بين موقف اجتماعي وآخر، والفروقات بين البشر، والمواقف التي تقحم فيها ــــــ تعتبر محطًا للبحث والنقاش.(Wulf and Zirafs, 2004, 2005)
الطقوس كأداء تمثيلي:
تُعتبر طبيعة الطقوس الأدائية مادة أساسية في بحثنا (Wulf, Gohlich and Zirafas, 2001; Wulf and Zirfas, 2007; Alexander, Anderson and Gallegos, 2004) نحن ننظر إلى كيفية تطور أداء الطقوس في عالم تنشئة الأطفال؛ ويأتي على هذا النحو إيجاد مكانها في العالم، وكيف يتم ربطها باللغة والخيال، والطريقة التي من خلالها يمكن لطابعها الخاص أن يكون ممكنًا باستخدام أنماط حضارية واجتماعية، وكيف تعود صفته الشبيهة بالحدث إلى طبيعته التكرارية.
نحن نهدف إلى عرض أثر الطقوس المتأصلة، والتي تم تحديدها سابقًا، بناءً على أن ممارسة الطقوس مبنية على تصرفات معتادة اُكتسبت عن طريق الجسد وعن طريق عمليات المحاكاة المشتمَلة في أداء المشهد. تم رسم الحدود، وإنشاء المواقف، وتحديد المهارات، مما يتيح فرصة أكبر لعمليات القبول الاجتماعي، وجودة الأداء التي تُسهم بشكل كبير في خلق التماسك الاجتماعي. إذا تم بناء الحياة الاجتماعية بناءً على تصرفات الأشخاص في المواقف المختلفة وخلق الهياكل المُؤسّسِيّة التي تبني الحياة الاجتماعية من خلال وضع العلامات والتصنيف والتنظيم، فنحن نتحدث عن طقوس الأفعال التأسيسية (Bourdie). جميع هذه الممارسات تلعب دورًا مُهمًا في مجالات المجتمع والتعليم.
تتُحدد هوية المجموعة عن طريق وسائل التواصل والتفاعل اللفظية وغير اللفظية والتي يتم تُأديتها في الحياة اليومية. هذا الأداء ــــــ بشكل خاص ــــــ هو ما يحدد هوية أعضاء مجموعة معينة، ويحدد طريقة ترابطهم مع بعضهم البعض؛ حيث يصبحون وحدة واحدة حميمية متماسكة. وهذا يعني أن الجماعات والمجتمعات من الممكن تمييزها عن طريق معرفة رمزية كليّة مشتركة . (Douglas, 1986; Wulf, 2005)
وهم أيضا يُمثلون ويُجسدون هذه المعرفة عن طريق الطقوس التي تؤكد على الترابط الاجتماعي ومحاولة تحسين الوضع الراهن (Liebau, Schumacher, Chilla and Wulf, 2001). وتعتبر المجتمعات ساحات للأداء الدرامي التي يتم بناءها عن طريق الطقوس وأدائها الرمزي (Mannheim,1982). وتقوم هذه الطقوس بإنشاء نظام من التفاعل يتطلب الوحدة في جميع مجالات التفاعل بما فيها الاختلافات. سوف نظهر أنه ــــــ لإنشاء الترابط الاجتماعي عن طريق الطقوس ــــــ يجب الأخذ بعين الاعتبار بأهمية خصائصها وصفاتها باعتبارها شبيهة بالأداء المسرحي. وخاصية الأداء في الطقوس لها ثلاثة أبعاد رئيسية (Fischer-Lichte and Wulf, 2001, 2004):
أولا: يمكن اكتساب الطقوس في البداية كأداء حضاري تواصلي (Singer, 1959)
وهذا يعني أنها عبارة عن نتيجة لعملية التواصل والأداء الاجتماعي للجسد البشري. تنطوي هذه العمليات على مجموعة من المشاهد، حيث يقوم المشاركون في هذه العملية بأداء أكثر من وظيفة. هذه الطقوس قد يتم تفسيرها على أنها نتاج تصرفات حضارية حيث يتم دمج القوى الاجتماعية المتضاربة والمتباينة في نظام حضاري واجتماعي مقبول. (Wulf, 1997, 2002, 2009)
ثانيًا: أن الطابع الأدائي للخطاب له أهمية كبيرة في ممارسة الطقوس (Austin, 1997) في طقوس التعميد، وطقوس الانتقال والتنصيب على سبيل المثال، فالكلمات المحكية أثناء أداء الطقوس تسهم بشكل فعال في الوضع الجديد. هذا الشيء صحيح أيضًا بالنسبة للممارسات الحضارية، حيث تكون العلاقة بين الجنسين معرفة بشكل واضح، حيث إن مخاطبة الطفل على أنه “صبي” أو “فتاة” يسهم في تطوير الهوية الجنسية. (Butler, 1997)
أخيرًا: يضم الأداء أيضًا البعد الجمالي والذي يعتبر عنصرًا أساسيًا في الأداء الفني للطقوس. يشير هذا المنظور الجمالي إلى القيود المفروضة على وجهة النظر الوظيفية البحتة في أداء الطقوس. والبعد الجمالي وحده هو ما يمنع تخفيض مستوى هذه السلوكيات إلى السلوكيات المحددة بتحقيق الأهداف الوظيفية. لذلك فإن البعد الجمالي يذكرنا بأن الطقوس ليست مجرد تجسيد لنية أو فكرة ذهنية معينة على أرض الواقع (Wulf and Zirafs, 2004; Huppauf and Wulf, 2009), حتى لو كان المعنى المقصود من الطقوس سهل التجسيد، فإن الأداء الجسدي لهذه الطقوس يتضمن اختلافات مهمة. من أسباب هذه الظاهرة نذكر: الظروف التاريخية العامة، والظروف الثقافية، والاجتماعية، وأخيرًا: بعض الظروف المتعلقة بتفرد وتميز من يقوم بهذا الأداء. وتفاعل هذه العوامل كافة، تبني الطابع الأدائي للأفعال اللفظية، والاجتماعية، والجمالية عند أخذ البعد الجمالي بعين الاعتبار، وحقيقة أنه يتم تجسيد الطقوس على شكل أحداث وعمليات، وإن حدود القدرة على التنبؤ بها وإدارتها يصبح واضحًا بالإضافة إلى وعينا بأهمية النمط الذي يتم تجسيد الطقوس من خلاله.
يعد الفرق واضحًا بين النية المقصودة والجوانب المتعددة للمعنى الضمني في الطريقة التي يتم فيها استخدام الجسد لتمثيل الأفعال. يتسبب الطابع الأدائي للطقوس في تفسيرات وتحليلات مختلفة، حيث يقل وقع هذه الأفعال على متلقيها من دون الاختلاف في تفسير الأداء, على النقيض من ذلك، يستمد تأثير الطقوس من حقيقة أنه يتم تفسير الأفعال بطرق مختلفة، من دون أي عواقب اجتماعية لممارستها. ويعتمد التواصل الاجتماعي بشكل أساسي على الطريقة التي يستخدم بها الأشخاص لغة الجسد في تمثيل الأفعال والسلوكيات المعتمدة على الجوانب الحضارية. يشتمل هذا على مقدار المساحة التي يتركها الأشخاص بين بعضهم البعض، والمواقف التي يتم تمثيلها، والإيماءات التي يتم استخدامها. عبر هذه الوسائل. يتبادل الناس الكثير من المعلومات الشخصية لهم والمنهج الذي يتبعونه في حياتهم بالإضافة إلى نظرتهم للعالم وشعورهم به، والطريقة التي يتعاملون بها مع العالم الخارجي.
على الرغم من الدور المركزي الذي يلعبه الأداء الجسدي على تأثير وعواقب الأفعال الاجتماعية، يعتبر هذا النوع من أنواع الأداء مفقودًا في كثير من نظريات الطقوس، حيث يتم تحديد ممثلي الأداء بالجانب المعرفي وتجاهل الظروف الحسية والمواقف الاجتماعية. من أجل تحقيق هذا الغرض، يجب أن نضع بعين الاعتبار كيفية أداء الطقوس، وكيفية ربط الطقوس باللغة والخيال، وكيف يتم تفرد الطقوس من خلال الأنماط الاجتماعية والثقافية وكيف يمكن لهذه الأحداث أن تحدث لمرة واحدة وبشكل متكرر في نفس الوقت.
خلق التماسك الاجتماعي في حياة الشباب من خلال الطقوس:
تشكل دراستنا للطقوس حالة دراسية نظرية يتم من خلالها بحث كيفية خلق الترابط الاجتماعي في الحياة المجتمعية في مجالات التنشئة الاجتماعية الأربعة وهي: العائلة، المدرسة، التجمعات، والإعلام.
تركز هذه الدراسة على الطقوس التي يتم ممارستها يوميًا لـ ثلاثمائة طفل تتراوح أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة، يمثلون عشرين خلفية عرقية مختلفة في إحدى المدارس الابتدائية في مقاطعة برلين.
اُختير ثلاث عائلات من ضمن البيئة المدرسية نفسها، و يمتلك كل منهم بنية أسرية مختلفة: عائلة تضم طفلين، وعائلة تضم ثلاثة أطفال، وعائلة تضم طفلًا واحدًا. تم التركيز على طقوس تناول الطعام من ضمن مجموعة الطقوس العائلية، و كانت طقوس الانتقال في المواقف المدرسية محط اهتمام الدراسة في المجتمع المدرسي. تم دراسة الطقوس في ثلاث فئات تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والثالثة عشرة، بما في ذلك أطفال من مختلف الأصول العرقية والطبقات الاجتماعية. وفي مجال ثقافة الأطفال، تركز دراستنا على الألعاب التي يلعبها الأطفال في وقت الفراغ في الممرات المدرسية والملعب. تمت أيضًا دراسة أثر مشاهدة التلفاز على عمليات بناء المجتمع في ثقافة الطفل من خلال استخدام الفيديو، والتي تعتبر طريقة تم تطويرها لتحقيق هذا الهدف. وأخيرًا: تم إدراج مثال على كيفية اكتساب المعرفة من خلال تعلم المحاكاة خلال ممارسة الطقوس.(cf. Willis, 1999; Woods, 1986, 1996; Woods, Jeffery, Troman and Boyle, 1997; Zinnecker, 2000; Wulf et al., 2001, 2004, 2007, 2010)
تسعى دراستنا لتحقيق العديد من الأهداف؛ فنحن نهدف إلى إعادة بناء الآثار التربوية والتنشئة الاجتماعية للطقوس على المجالات الأربعة في حياة الأطفال. وكانت النتيجة دراسة الحالة الأثنوغرافية لحياة الأطفال داخل المدينة في مطلع الألفية الثالثة، ثم طورنا بعدها مفهومًا متعدد الأبعاد للطقوس مبنيًا على تحليل البيانات. بالإضافة إلى ذلك، سوف نعرض كيفية إنشاء الأفعال للحس التواصلي، وما يمكن فهمه من مصطلح “المجتمع” (في اللغة الألمانية (Gemeinschaft في سياقات متعددة. وأخيرًا: سوف نحاول إعادة بناء طريقة اكتساب الطقوس عن طريق المحاكاة أو التقليد، وكيف تجد البيئة الداخلية للمدينة المصطلحات في هذا الأداء.
الأسرة كوحدة أدائية:
من أجل فهم ديناميكية الطقوس في الحياة الأسرية، اهتمت الدراسة بدراسة طقوس تناول الطعام. تم التعامل مع الفروقات العمرية خلال دراسة طقوس وجبة الإفطار. مارست العائلة دورها كمجتمع معياري يقوم بوضع المعايير والقواعد الخاصة به. تؤكد العائلة على كونها مجموعة متماسكة اجتماعيًا من خلال ممارسة الطقوس. يتم تصوير التفاعل بين أفراد الأسرة خلال الحياة اليومية للعائلة. تم إدراج واكتساب أدوار مختلفة مثل العلاقة الأُسَرِية الحميمة والتضامن، والتي تم تصويرها من خلال أفعال أدائية. نحن نستخدم مواد أثنوغرافية مفصلة بهدف إعادة بناء الطريقة التي يتم من خلالها تشكيل الأسرة وتماسكها وتحولها من خلال أفعال الطقوس والأداء الرمزي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العائلات تعتبر متجانسة وغير متجانسة في الوقت ذاته. إذا تعرض تماسك الأسرة للخطر، فإن أفراد الأسرة يقومون بإجراءات معينة بهدف الحفاظ على تماسكها. وذلك من خلال تمثيل معرفة جماعية مشتركة بين أفراد الأسرة فتصبح الأسرة عبارة عن مساحة مسرحية، حيث تُحدث الطقوس نظامًا معياريًا يتمثل في السيطرة عليها وضبطها من خلال الأنماط النموذجية المعتادة للسلوك الذي تعرضه. عُرضت ثلاثة أنماط من طقوس تناول الطعام: الطقوس التي يتم من خلالها ملاحظة الاختلافات الفردية والتعامل معها ومعالجتها، طقوس المساحة أو الانتقال زمانيًا أو مكانيًا أو حتى اجتماعيًا، وطقوس الترابط التي يتم من خلالها تغلب الأسرة على الأزمات الحياتية.
الطقوس في الحياة المدرسية اليومية:
تعتبر الطقوس الصغيرة محط الدراسة، وذلك عندما يتعلق الأمر بإعادة بناء عالم المدرسة أثنوغرافيًا. يمثل الطفل دورين في المدرسة- ذلك الدور الذي يقوم به مع أصحابه، والدور الذي يقوم به مع الأطفال في الصف- وهو ينتقل ذهابًا وإيابًا بين كلا الدورين. تركز دراستنا على الانتقال من مرحلة الطفل الذي يلعب في الملعب إلى مرحلة التلميذ ضمن مجموعة من الزملاء والعكس.
تتمثل أهداف الدراسة في إعادة بناء الطقوس التي تظهر خلال مرحلة من التطور، وبيان مدى إسهامها في خلق التماسك الاجتماعي لدى الأطفال. تتم ترجمة هذه النشاطات عبر لغة الجسد، وتعابير الوجه والإيماءات، وطريقة أداء النشاط. كما يتم تصنيف الهوية الجماعية والتعامل معها عبر هذه الأفعال والنشاطات والمعرفة العملية الواجب توافرها لأدائها وتمثيلها. تفتح طبيعة هذه النشاطات -التي تمتاز بالمرونة- الطريق للعفوية والإبداع في السلوكيات اليومية. واهتمت الدراسة بنقطة التحول من وقت الفراغ إلى وقت الحصص الصيفية.
أداء GoGo في ساحة اللعب:
يطور الطلبة من ثقافتهم الجماعية بشكل كبير أثناء اللعب مع زملائهم أو أصدقائهم. فيتم تجسيد العديد من الألعاب في الممرات المدرسية، بحيث تسمح بالتعبير عن النظرة الحضارية للأطفال لمناطق داخل المدينة. تتميز هذه المناطق بكثافة سكانية عالية وتجانس الأطفال من أصول عرقية وخلفيات عائلية مختلفة. تتمحور الدراسة الحالية حول كيفية تصرف الأولاد والبنات خلال عملية اللعب، والتي تتضمن تغييرًا مستمرًا في مجموعات اللاعبين والمتفرجين. تم التركيز على لعبة الـGoGo التي تعتبر مفضلة لدى الأطفال في الوقت الذي تجرى فيه الدراسة. تتكون اللعبة من تجمع مجموعة من اللاعبين في مكان معين، تبادل لأدوار اللعبة، وقواعد اللعبة المعتمدة، واعتماد البراغماتية في وضع القوانين، وأسلوب الحركة واللعب الذي تتميز به المجموعة. يعتبر كل من أداء الدور، وتبادل الأدوار، والفوز في اللعبة أشكالًا لطقوس التبادل الاجتماعي، وينتج عنه عدم التغيير المستمر في المجموعة الأساسية. يتركز اهتمامنا حول العلاقات بين كلا الجنسين وحول الطريقة المتبعة للأداء في هذه اللعبة، والتي ــــــ في المقام الأول، ولكن ليس دائمًا ــــــ تلعب بمبادرة من الأولاد.
إنشاء هوية المجموعة من خلال الإعلانات التلفزيونية والعروض الشعبية:
تعد وسائل الإعلام الحديثة -خصوصًا التلفاز- جزءًا آخر للحياة، حيث تعد الطقوس مهمة، ويتم تمثيل نشاطات وعمليات الطقوس على التلفاز كما يجسدها الممثلون وكما تملي علينا توقعاتنا في الحياة الواقعية. وتعتبر عمليات الطقوس المرتبطة بوسائل الإعلام أحد المظاهر التي تدل على أننا نعيش في عالم تهيمن عليه وسائل الإعلام. يتم فهم واستيعاب الواقع الاجتماعي الذي تجسده ممارسات الطقوس في وسائل الإعلام ضمن المعرفة الحضارية للأطفال من خلال عملية التعلم باستخدام المحاكاة. وبعد ذلك فهم يستفيدون من هذه المعرفة في الأمور المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية الخاصة بهم. وبهدف إظهار كيفية لجوئنا إلى وسائل الإعلام في الحياة اليومية، قام فريق البحث بتطوير طريقة تجريبية للإعادة بناء هذه الممارسات. تم إنشاء ورش عمل فيديو حيث يطلب من الطالب استذكار وتمثيل بعض مشاهد من الفيديو الذي تم عرضه، خلال هذه العملية يمثل الطالب الطقوس التي تعتبر مألوفة لديه من خلال مشاهدة التلفاز ويستخدمها كنموذج يحتذيه عندما يعزم على إنشاء قيمه الخاصة. تعتبر العروض التلفزيونية التجارية والعروض المتضمنة لمحادثات بين الأشخاص من أهم العروض الموجهة للطفل من بين جميع أنواع البرامج التي تسهم في تشكيل عالمهم المفاهيمي. يتم القيام بعمليات بناء للمجتمع بشكل مكثف في أثناء اللعب بين الأطفال خلال عملية تمثيل الفيديو، بغض النظر عن الأصول العرقية، يعتمد الطلبة على عالم مفاهيمي جماعي تم اكتسابه عن طريق مشاهدة التلفاز في أثناء إنجاز مهمتهم. يقوم الشباب بتكييف الطقوس التي اكتسبوها بطريقة المحاكاة من خلال التلفاز ودمجها مع مشاهد مستوحاة من خيالهم الخاص، بغرض القيام بالأداء الأساسي الذي يتعامل مع قضايا الشباب في هذه المرحلة من مراحل تطورهم.
الدور الذي تلعبه المحاكاة في الطقوس:
انطلاقًا من نظرتنا للطقوس على أنها أشكال من الإجراءات العملية، سنقوم هنا بدراسة كيفية اكتساب هذه المعرفة والأفعال. عندما نقوم بإعادة بناء الطقوس الدينية في العالم الاجتماعي نلاحظ أن معرفة الطقوس والقدرة على تطبيقها في الواقع العملي يتم اكتسابها عن طريق المحاكاة. إذًا فإن السؤال الأساسي الذي نحاول الإجابة عنه هو: كيف يتم اكتساب المعارف العملية من خلال الإشارة إلى النماذج؟ تلعب الطبيعة المسرحية للأفعال الطقسية، وحقيقة أنه يتم تمثيلها باستخدام الجسد دورًا مهمًا في كونها راسخة الجذور كالأعمال الاعتيادية. تأتي كفاءة الطقوس قبل كل شيء من خلال استحواذ المحاكاة لحركات وإيماءات معينة. علاوة على ذلك، فإن الطابع الأدائي للمعرفة الطقسية يتيح لنا من خلال المحاكاة الوصول إلى عناصرها الجسدية والرمزية. وإن استيعاب المحاكاة في المعرفة الطقسية هو مسألة استخدام الحواس بطريقة عملية. وهكذا فإنه يتم إنشاء هوية مجموعة معينة وتأكيدها وتعديلها من خلال الطابع المشترك في شيء معين. ( Wulf, 2005; Gebauer and Wulf, 1995, 1998, 2003; Wimmer, 2006)
خلق الترابط الاجتماعي من خلال الطقوس:
إن الطبيعة الأدائية للطقوس تتمركز في قلب هذه الدراسة. يثير هذا بعض القضايا التي تستحق البحث والاستكشاف. فيما يلي عناصر رئيسة في هذه الدراسة، ومن الممكن أن يتم اعتبارها إسهام في نظرية الطقوس.
(Kreinath, Snock, and Stausberg, 2006)
من ضمن هذه العناصر ما يلي: تعقيد ترتيبات الطقوس، الطبيعة الأدائية للأفعال الطقسية، الطبيعة الجمالية لأداء الطقوس، الطبيعة الجسدية والمؤثرة للأفعال الطقوسية، دور عمليات المحاكاة في تمثيل الطقوس، الدور الضمني لترتيب الطقوس، دراسة المشاهد المرئية في أداء الطقوس، تمثيل الطقوس الصغيرة، وما هو مقدس في ترتيبات الطقوس.
المدينة كمكان للأداء:
سوف نعرض في هذا الجزء الأخير المدينة كمكان يعيش فيه الأطفال حياتهم وبالتالي يمكن رؤيتها كمكان للأداء، وهذا شيء مهم لفهم طبيعة حياتهم في المدرسة وعائلاتهم ومجموعات الأقران، وأيضا سلوكهم تجاه وسائل الإعلام. تسهم الهندسة المعمارية للمدينة وبنية الصف وتنوع الحضارات وتاريخها وعاداتها في تشكيل حياة الأفراد في المدراس والعائلات في دراستنا هذه. تتشكل حياة الأفراد من خلال البيئة والجو، والذي يتم إعادة تشكيله وإعادة بناءه عن طريق سكانه. استطاع بعض الكتاب مثل Geogre Simmel 1995)) أن يتوصل ــــــ وبشكل سريع ــــــ إلى أهمية هذا المكان. تؤكد الدراسات المعاصرة على وجهة النظر هذه، وتلهمنا إعطاء الطابع الأدائي للبيئة وجوّها ما يستحقه. ولذلك فإن التعامل مع الجيران والبيئة المحيطة هي عوامل أساسية ومؤثرة في عالم الأطفال.
أساليب أثنوغرافية:
نحن نستخدم أساليب أثنوغرافية تتيح لنا إيجاد الأجوبة عن أسئلة الدراسة في حين نبقى قريبين من بنية حقل الدراسة وتصورات ممثلي أفعال الطقوس ( cf. Troman, Jeffrey, and beach, 2006) علاوة على ذلك .. يتيح لنا إعادة بناء وتقييم المواد التجريبية توسعة نطاق هذه الأسئلة. تشكل النظرية الأسسية مع مقترحاتها فيما يتعلق بالنظرية –كممارسات- مصدرًا مهمًا من مصادر الإلهام . (Glaser and Strauss, 1969; cf. Strauss and Corbin, 19990, 1994)
لا يمكن لتصوراتنا بخصوص العلاقة بين الطقوس والطريقة التي تتشكل بها هوية المجموعة عن طريق الأداء أن تُبْنى وتُفَسر إلا من خلال الطرق الأثنوغرافية.( Wulf, Gohlichk, and Zirfas, 2001; Wulf and Zirfaz, 2004, 2007; Borneman and Hammoudi, 2009)
تتعرض الانعكاسات المنهجية للخطر خلال هذه العملية من قبل المواقف التي أدت بنا إلى تغيير افتراضاتنا. من الضروري التأكد من طريقة إعادة بناءنا للمواد وطريقة فهمنا لها وكيفية ربطها بالأسئلة المنهجية في الدراسة ( Woods, 1986, 1996; Woods, Jeffry, Troman and Boyle, 1997; Wulf, 2003).
خلال جهودنا لفهم ديناميكية سلوك الطقوس، أخذنا بعين الاعتبار تحليل التسلسل ( Overmann, 2000 )، والذي ساعدنا على فهم الطبيعة التسلسلية للعمل البشري وفهم أهمية بنية المعنى الكامنة في السلوك والدور المهم للأزمات في إطار سيناريو الحالات الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك فقد أسهم النظر إلى تحليل السرد (Schutz, 1983)، وتحليل المحادثة العرقية المنهجية (Eberle, 1997)، بحث السيرة الذاتية ( Kruger and Marotzki, 1998; Dolery-Momberger, 2000)، والأثنوغرافيا ( Geertz, 1973; Spindler, and Spindler, 1987; Schechner, 1977; Beach, 1993; SEE, 2004ff; Walfors, 2008; Bornemann and Hammoudi, 2009)، في الأسلوب المنهجي للدراسة. تلعب العناصر البناءة دورًا مهمًا في الدراسة، مما أدى إلى تأكيد استنتاج مفاده أنه يتم استبدال الحقيقة الاجتماعية الواحدة بحقائق مختلفة كإصدارات أخرى للعالم من خلال سكانه. تم الكشف عن الاتفاقيات الطبيعية كنصوص بُنِيت بشكل منهجي. قد تصبح فكرة الهياكل الكامنة للمعنى مثل الأهداف، نظرًا للواقع الذي يمكن إثباته بصورة موضوعية، موضعًا للشك ( Flick, 2000, 2006). لقد تطورت هذه النظرة المعرفية أيضًا، في هذا السياق، من خلال النظرة الثاقبة لطبيعة المعرفة التاريخية والثقافية، والتي تعد محط اهتمام علم الأنثروبولوجيا التاريخي الثقافي وعلم الأنثروبولوجيا الثقافية التاريخية في التعليم ( Wulf, 2009, 2002).
تُعد المنهجية الأثنوغرافية الأنسب لدراستنا لأن تمثيل الحياة الاجتماعية هو محط اهتمامنا في هذه الدراسة، وسوف يلعب تحليل المشاركة، والتحليل المدعم بالفيديو، بالإضافة إلى طريقتنا الخاصة في التفاعل مع الفيديو، دورًا مهمًا في الدراسة. إن المشكلات المنهجية المتأصلة في المراقبة التشاركية باتت مألوفة جيدًا، تلك التي تصاحب الملاحظات المدعومة بالفيديو لا تعد مألوفة بشكل كبير، وحقيقة أن الشخص يقوم بتسجيل الطقوس تحول عمليات الطقوس بشكل واضح ويجب أخذ هذا في الحسبان. هناك حاجة ملحة لمزيد من الدراسات والأبحاث التي توفر فهمًا دقيقًا لهذه العمليات، والتي تعتبر نتيجة بَدَهيّة لطبيعة تسجيل الطقوس ( Denzin, 2000; Kruger, 2000;Zinneker, 2000). إن الحاجة المتزايدة للصور والدور الليقوني للدراسات التاريخية، والعلوم الاجتماعية جميعها تشير إلى أننا بحاجة إلى تطوير أداء ليقوني في مجال الأنثروبولوجيا البصرية ( Mollenhauer and Wulf, 1996; Schafer and Wulf, 1999; Knoblauch, Schnettler, Raab and Soeffner, 2006; Pink, 2007; Bohnsack, 2009; Huppauf and Wulf, 2009).
وبالنظر إلى القيود المتأصلة في منهج من مناهج البحث ومزايا وعيوب المناهج المختلفة للبحث التشاركي، وأكثر خطوات مناسبة تستخدم طرق متداخلة لتحليل عملية الطقوس، أي من خلال التثليث (Flick, 2000). وبالتالي؛ فإننا استخدمنا تسجيلات لمحادثات ونقاشات لمجموعات مقابلات ( Bohnsack, 1997; Weigand, and Hess, 2007). في مختلف زوايا دراستنا، وتم استغلال هذه الطرق بأشكال مختلفة، وذلك حسب طبيعة الأسئلة في كل مجال، وظروف الدراسة المختلفة. وكنتيجة، فإن تعدد المنهجية لإعادة بناء مناهج الطقوس يفتح طرق جديدة لمقارنة أشكال مختلفة من الخلق الأدائي للترابط الاجتماعي.