الطرائق الأساسية في المختبرات التعليمية 3/1

المقدمة
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد،
تشهد الساحة التربوية في عصرنا الحاضر اهتماماً كبيراً بتقنيات التعليم؛ إذ أصبحت المناهج الحديثة في الأردن والوطن العربي والعالم تولي استخدام التقنيات التربوية أهمية بالغة لما لها من دور كبير في ترجمة النظريات والقوانين إلى واقع ملموس يشعر به الطالب ويعيشه، فتلاشت النظريات التربوية القديمة التي كانت تعتمد تلقين المعلومات، وتعتبر المعلم محور العملية التربوية، وحلّت مكانها نظريات حديثة تؤمن بالتجريب العلمي العملي، وتتخذ من الطالب محور العملية التربوية، فأصبح دور المعلم إشرافياً وإرشاديا ، كما وفرت هذه النظريات للطالب سبل البحث والتنقيب وسبر أغوار العلوم بنفسه للوصول إلى الحقيقة، وأوجدت له كل المقومات اللازمة لإنجاح بحثه من مناهج وتقنيات وأجهزة حديثة متطورة.
ولما للمختبرات التعليمية من أهمية بالغة في توضيح المفاهيم العلمية وترجمتها إلى واقع ملموس باعتبارها إحدى مقومات التقنيات التربوية الحديثة الأساسية، ونظراً للنقص الواضح في الكتب والمراجع المتخصصة في هذا المجال في المكتبة العربية كان من الضروري إعداد كتاب يشتمل على أهم ما يحتاج إليه الزملاء المعلمون وفنيو المختبرات ليكون بمثابة الدليل والمرجع لجميع المراحل الدراسية.
وقد اطلعت في أثناء إعدادي خطة هذا الكتاب على معظم مناهج العلوم في الدول العربية للإلمام باحتياجاتها في هذا المضمار، ليخدم هذا الكتاب جميع الزملاء المعلمين في الأقطار العربية كافة.
يقع هذا الكتاب في جزئين، يحتوي كل منهما على بابين، يتحدث الباب الأول عن الإدارة والسلامة في العمل المخبري، ويتضمن فصولاً أربعة، تتناول بالتفصيل إدارة المختبر بالشكل الذي يخدم العملية التربوية، ويجعل المختبر المدرسي مرفقاً مهماً من مرافق المدرسة التي لا غنى عنها، لخدمة مباحث العلوم. كما تناول هذا الباب الخدمات الأساسية في المختبرات المدرسية ومخاطرها وكيفية العناية بها. ولما لموضوع السلامة العامة من أهمية قصوى في هذا المجال، ولتجاهل الكثير من فنيي المختبرات هذا الموضوع عن غير قصد، فقد أفردت له فصلاً كاملاً تحدثت فيه وبإسهاب عن كل ما وجدته ضرورياً للعمل المخبري من أمور السلامة العامة، ومتطلباتها، فضلاً عن الحوادث التي قد تقع في المختبرات التعليمية وكيفية إسعافها. أما الصيانة الأولية لأجهزة المختبر فقد أفردت لها فصلاً آخر من هذا الباب، تحدثت فيه عن أنواع الصيانة والأعطال التي قد تصيب الأجهزة المخبرية، وإجراءات الصيانة الأولية التي يستطيع فني المختبر القيام بها لإعادة تشغيل الجهاز.
أما الباب الثاني فقد تناولت فيه مختبر الفيزياء لما لهذا المختبر من أهمية كبيرة في التجريب العملي. يقع هذا الباب في ثلاثة فصول، تحدثت في الفصل الأول منها عن إرشادات السلامة في مختبر الفيزياء. وتحدثت في الفصل الثاني عن تجهيزات مختبر الفيزياء وأفضل الطرق المتبعة في تصنيف هذه التجهيزات للحفاظ عليها أطول فترة ممكنة. أما الفصل الثالث من هذا الباب فتناولت فيه كيفية استخدام بعض الأجهزة المخبرية الخاصة بمختبر الفيزياء، وكيفية العناية بها وصيانتها، بشيء من التفصيل، وقد حاولت قدر الإمكان أن أتحدث عن أكثر الأجهزة والأدوات استخداماً في هذا المختبر، فضلاً عن أهم الأمور التي يحتاج إليها من يستخدم هذه الأجهزة لتكون دليلاً وموجها له إلى الاستخدام الأفضل لهذه الأجهزة.
أما الجزء الثاني من هذا الكتاب فيحتوي أيضاً على بابين: أولهما الباب الثالث والذي تناولت فيه مختبر الكيمياء، ويقع في أربعة فصول، تحدثت في الفصل الأول منها عن إرشادات السلامة في مختبر الكيمياء. أما الفصل الثاني فتناولت فيه تجهيزات مختبر الكيمياء وأموراً عدة تهم فني المختبر، منها: الإشارات التحذيرية التي توضع على عبوات المواد الكيميائية ومدلولاتها، فضلاً عن المواد الكيميائية المستخدمة في المختبرات التعليمية من حيث مواصفاتها، والإشارات التحذيرية الخاصة بكل مادة، وكيفية حفظها وتصنيفها، واحتياطات السلامة في تخزينها، وتعريف العديد من المواد الكيميائية ومركباتها، ليتمكن فني المختبر من تعرف المواد الكيميائية عند شرائها. أما الفصل الثالث من هذا الباب فقد خصصته للحديث عن بعض الأجهزة المستخدمة في مختبر الكيمياء، من حيث كيفية استخدامها وحفظها وصيانتها عند الحاجة. وتناولت في الفصل الرابع أهم المهارات الأساسية الضرورية لفني المختبر في مختبر الكيمياء، ومن أهمها: كيفية تعرف المواد الكيميائية، فضلاً عن تصريف الفضلات الكيميائية، وكيفية تنظيف الأدوات الزجاجية، وتشكيل الزجاج لما لهذه المهارة من استخدامات عدة في العمل المخبري، وكيفية التخلص من بقع المواد التي قد تنسكب على الملابس.
وخصصت الباب الرابع والأخير من هذا الكتاب للحديث عن مختبر الأحياء. يقع هذا الباب في أربعة فصول؛ تحدثت في الفصل الأول منها عن إرشادات السلامة في مختبر الأحياء. أما الفصل الثاني فتحدثت فيه عن تجهيزات مختبر الأحياء للمرحلتين الأساسية والثانوية مدعمة بالصور، فضلاً عن كيفية تصنيفها وحفظها. وتناولت في الفصل الثالث بعض الأجهزة التي تستخدم بكثرة في هذا المختبر. وأخيراً تحدثت في الفصل الرابع من هذا الباب عن أهم المهارات الضرورية التي على فني المختبر أن يتقنها في مختبر الأحياء، وقد تناولتها بشيء من التفصيل لأهميتها، وهذه المهارات هي: تنظيف الأدوات وتعقيمها، الصبغ: آليته وكيفية تحضير الأصباغ، وتحضير الشرائح المجهرية، وزراعة البكتيريا، فضلاً عن كيفية تحضير العينات وحفظها.
وقد حاولت أن أضمن كتابي هذا معظم ما رأيته ضرورياً للعاملين في حقل المختبرات التعليمية، سواء أكانوا طلاباً أم معلمين، فضلاً عن بعض المهارات التي قد تفيد المتخصصين؛ كالتشريح والتحنيط وتحضير الشرائح.
وقد ألحقت بهذه الطبعة من الكتاب مجموعة من الملاحق جاءت في نهايته، حاولت جاهداً أن أضمنها ما ارتأيت أنه ضروري للعمل المخبري، حيث شملت هذه الملاحق مجموعة من النماذج الخاصة بتوثيق أعمال المختبر التعليمي ، فضلاً عن موجز النظام الدولي لوحدات القياس (SI) وقواعد استخدامه، لما لهذا النظام من أهمية كبيرة في حياتنا اليومية سواء في المدرسة أم خارجها، بالإضافة إلى ملحق الكواشف،وآخر خاص بالمواد الكيميائية المستخدمة في المختبرات التعليمية، وملحق الخواص الفيزيائية لبعض المواد الكيميائية.
آملاً أن أكون قد وفقت في طرح الموضوعات بالشكل الذي يخدم الهدف الذي من أجله تم إعداد مادة هذا الكتاب.
وقبل أن أختم أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان والتقدير لكل من ساهم في إنجاح هذا الجهد المتواضع، والذي أرجو أن يخدم أهداف العملية التربوية في وطننا العربي الكبير بالشكل المطلوب، ويساهم في تقديم النفع والفائدة للمكتبة العربية، وزملائي المعلمين، وأبنائنا الطلبة، أينما كانوا من المحيط إلى الخليج.
وختاماً أرجو الله أن يكتب لي به صدقة جارية تنفعني، وتنفع أبنائي وأحفادي من بعدي.
والله ولي التوفيق
المؤلف
جميل نعمان شاهين