يشهد العالم تحولات وتغييرات كثيرة في تركيب المجتمعات والمنظمات تمثلت بالنمو الاقتصادي السريع والمتسارع والتكنولوجيا الهائل والخصخصة والعولمة ودخول كثير من الدول النامية مرحلة التصنيع واعتماد اسلوب التنمية والتطوير نحو مستقبل افضل , وهذه التغييرات لم تحدث نتيجة لزيادة راس المال او استخدام التكنولوجيا في المنظمات فحسب، بل بالدرجة الاولى من خلال القوى البشرية العاملة في هذه المنظمات , فالعنصر البشري المؤهل والمدرب الكفؤ هو اهم عناصر الانتاج.
وينظر الى المنظمة على اعتبار انها جهد جماعي لتحقيق هدف مشترك , وبالتالي تحتاج المنظمات على اختلاف انواعها الى العنصر البشري – تنظيم انساني- من اجل توجيه اعمالها وتوفير الخدمات الانسانية والمادية اللازمة لتحقيق الاهداف التنظيمية , ولكن تواجه منظمات الاعمال مشاكل وازمات عديدة تترواح من زيادة الكفاية الانتاجية الى زيادة التفاعل الايجابي مع البيئة الاجتماعية التي تعمل بها تلك المنظمات. وقد وجد ان العنصر الانساني يلعب دورا رئيسيا في جميع المجالات لحل تلك المشاكل, اذ اثبتت الدراسات والتجارب في المجتمعات المتقدمة ان القوى البشرية المؤهلة وطريقة سلوكها في بيئة العمل هي اداة الابداع الرئيسية, واداة التغيير والتطوير والتحسين , واداة المنافسة الايجابية مما اوجد الحاجة لدى الجميع من اداريين واكاديميين وباحثين الى الاهتمام المتزايد بدراسة السلوك الانساني , وهذه الحاجة اعطت اهمية خاصة لدراسة السلوك التنظيمي وتحويل منظور المنظمات تجاه الفرد وعلاقته بالجماعة والبيئة التنظيمية الداخلية والبيئة الاجتماعية الخارجية. وابرز مثال على ذلك نظام الادارة اليابانية الذي يدور حول فلسفة ادارية وثقافة تنظيمية مؤداها خلق العامل السعيد في عمله من خلال تطبيق مبدأ “الرعاية الشمولية” وذلك برعاية شؤون الفرد العامل داخل المنظمة وخارجها.
يتألف هذا الكتاب من ثلاثة عشر فصلاً.يتناول الفصل الاول فيها مفهوم السلوك التنظيمي واهميته واهدافه وعناصره والنماذج الافتراضية لدراسة السلوك الانساني. اما الفصل الثاني فيتناول التعلم التنظيمي باعتباره من المواضيع التي بدأت تحظى باهتمام المنظمات وخاصة في القرن الحالي وبعد نجاح المنظمات التي تبنت تطبيقه إذ انه يمثل تشخيص وتحديد واكتشاف مواطن الخلل والقصور في أدائها بهدف مواجهة تحديات البيئية سريعة التغيير ووضع الحلول للمشكلات والبدائل المتاحة للتحسين المستمر لنموها وبقائها ومنافستها للغير، بصورة مستمرة من خلال عملية التعلم التنظيمي, وناقش الفصل مفهوم التعلم التنظيمي واهميته والعوامل المؤثرة فيه وانواعه ومستوياته واستراتيجياته.
ويتناول الفصل الثالث التغيير التنظيمي من خلال مفهومه واهميته وانواعه ومجالاته وادارة التغيير التنظيمي ومقاومته.
ويناقش الفصل الرابع ادارة المعرفة اذ ايقنت المنظمات أخيرا أهمية إدارة المعرفة بوصفها الموجود غير الملموس حيث إن كل المنظمات تمتلك المعرفة لكنها لم تستخدمها أو إنها استخدمتها لكن بأسلوب غير مناسب أو إن أفرادها لم يستطيعوا الوصول إليها واكتشافها وعرض الفصل مفهوم ادارة المعرفة واهميته واهدافه ومكوناته ومتطلباته وانواعه وعملياته.
وبين الفصل الخامس العدالة التنظيمية اذ تعد ضرورة أساسية في نجاح المنظمة وقدرتها على انجاز المهام الموكلة إليها على أحسن وجه، الأمر الذي ينعكس أثره على الفعالية الكلية للمنظمة،لان العدالة التنظيمية توثر بشكل أو أخر على العاملين في المنظمة،فكلما كان شعور العاملين بالعدالة التنظيمية عاليا أدى ذلك إلى زيادة ولأئهم ألمنظمي والذي ينعكس بدوره على أدائهم في المنظمة وتناول الفصل مفهوم العدالة التنظيمية واهميته وابعاده.
أما الفصل السادس ناقش الولاء المنظمي من خلال مفهومه واهميته وخصائصه والعومل المؤثرة عليه وابعاده.
ويتناول الفصل السابع القيادة الادارية وانماطها وتاثيرها على سلوك الافراد وذلك لان طبيعة القيادة والاشراف تحدد بدرجة كبيرة طبيعة ونمط استجابة المرؤوسين لرؤسائهم على مختلف المستويات وبين الفصل مفهوم القيادة الادارية واهميته وكذلك الفرق بين القائد والمدير اذ ان ليس كل مدير هو بالضرورة قائد وكذلك ناقش مفهوم الانماط القيادية وتطبيقاته.
ويتناول الفصل الثامن موضوعاً على درجة كبيرة من الاهمية وهو تاثير الصراعات والمنازعات على مختلف المستويات: الفردية, والجماعية, وعلى مستوى التنظيمات, على سلوك العاملين اذ لابد للمدير من تفهم حقيقة حتمية وجود الصراع بحكم اختلاف الافراد وتنوع مداركهم ومصلحهم ويعرف هذا الفصل ايضاً مفهومه واهميته ومكوناته وانواعه ومجالاته واسبابه ومراحله واستراتجيات ادارته.
اما الفصل التاسع ناقش موضوع الابداع المنظمي من خلال مفهومه واهميته ومراحله وانواعه ومصادره .
ويتناول الفصل العاشر موضوع الثقافة التنظيمية لما لها من دور في تشكيل شخصيات وسلوكيات الافراد العاملين في مختلف التنظيمات , فالثقافة التنظيمية جزء من الثقافة الاجتماعية العامة وتمثل شانها في ذلك شأن الثقافة الوظيفية والفلسفة التي تحكم انماط العمل, واسلوب القيادة ومختلف السلوكات الاخرى.ولابد للادارة من الاهتمام بادارة الثقافة التنظيمية من اجل تشكيل منظومة القيم الايجابية في بيئة العمل لتحل محل القيم التقليدية السلبية الواجب نسخهاوتطرق الفصل الى مفهوم الثقافة التنظيمية واهميته وخصائصه وعناصره ومصادر الحصول عليه.
وبين الفصل الحادي عشر اهمية الاتصالات وتأثيرها على استجابة العاملين وسلوكياتهم , من خلال الادراك النوعي لعملية الاتصالات الصحيحة , التي تهدف الى احداث تأثير واستجابة بين اطراف عملية الاتصال اكثر من كونها عملية تسير باتجاه واحد ويعرف الفصل ايضاً طرائق الاتصال وانواعه واهدافه وعناصره.
اما الفصل الثاني عشر فيتناول الحوافز فعلى المنظمة السعي إلى رضا العاملين وتحسين أدائهم ورفع إنتاجيتهم وأن تقوم بالاهتمام بحاجات الأفراد ومحاولة إشباعها من خلال تقديم الحوافز المختلفة لتغيير سلوكهم نحو الافضل , وناقش الفصل الحوافز واهميته والاسس التي على اساسها تمنح الحوافز وانواعه وشروطه ومراحله.
ويتناول الفصل الثالث عشر وهو الاخيرالمناخ التنظيمي حيث يشير إلى القيم السائدة في المجتمع وتأثيرها على العملية الإدارية أو السلوك الإداري للموظفين بالتحديد, وإلى المفاهيم الإدراكية, والشخصية التي يحملها الأفراد حول الحقائق التنظيمية الموضوعية, والمتمثلة بالهيكل التنظيمي, ومستويات العمل, ونمط القيادة, والقوانين والقواعد الموجودة, أومجموعة الخصائص المميزة للبيئة الداخلية ذات التأثير على السلوك الأداري.
وفي الختام فلابد من القول بانه مهما كانت الجهود في هذا الكتاب فلن تكون جهوداً كاملة, فالنقص من صفات البشر, والكمال لله عز وجل وادعوه ان يكتب لنا الاجر في هذا العمل في الاخرة, اذ انه نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين.
المؤلف
