المقدمة
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين .
وبعد:
لاشك في أن الخط العربي هو من أهم موضوعات الحضارة العربية والاسلامية، لكونه واحدا من أبرز مظاهرها وعنصرا من أكثر عناصرها البنيوية حيوية وأوسعها وظيفة فيها ، إذ كان تطور هذا الفن والمعرفة به يواكبان التطورات الحضارية المختلفة التي كانت تحدث في المجتمع العربي والاسلامي على عهود مختلف الدول والكيانات السياسية التي مرت عليه.
وكانت امكانيات هذا التطور توسع باستمرار من دوائر الاهتمام اللغوية والجمالية والاجتماعية بالخط من دائرة كونه كتابة : مجرد مظهر لغوي عادي حامل للنص .. إلى دائرة كونه فناً : تشكيلا بصريا وجماليا .. إلى دائرة كونه ثقافة: ظاهرة اجتماعية مؤثرة في تكوين الشخصية ( القومية والدينية ) وتفاعلات هذا التكوين وظلاله الحضارية والتاريخية .
وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا التطور الوظيفي والفني والمعرفي إلى أن تتعدد مجالات دراسة الخط على نحو مفتوح لتشمل أشكاله وأصولها التاريخية والفنية وطرق أدائها ، ومستلزماته المادية من الورق والحبر والدواة واللِّبَق وغير ذلك، وعلاقاته الحضارية المختلفة بالاشخاص والاحداث والبيئة ونتائجها على الدولة والمجتمع.
وعلى الرغم من عدم استغناء البحث في أي من هذه المجالات عن غيره منها لترابط الموضوع ووحدته العضوية ، يحاول بحثنا المتواضع هذا السعي، بالاستقراء والتحليل، إلى دراسة طبيعة الخط الفنية التي تشتمل تحديدا على الاشكال ( من الأنواع والأساليب ) ودلالاتها الوظيفية، البادية في الوثائق العثمانية.
وإذا كان مفهوم ( الخط ) الذي نحاول التزامه هنا هو مفهوم محدد في الكتابة الفنية Calligraphy ، فان مفهوم ( الوثائق العثمانية ) يفيد العموم والاطلاق لا الخصوص والتحديد على عينة معينة من هذه الوثائق – وان كان البحث المتواضع هذا قد عرض بايجاز لبعض وثائق الخط العثمانية -، وفي ضوء ذلك ، حاول البحث تعقب الخط : أنواعا وأساليب ووظائف حيثما أمكن العثور عليه في أي نوع من أنواع الوثائق العثمانية . وكان ذلك لسببين اثنين:
أولهما – صعوبة الاحاطة بموضوع الخط ومجالاته الواسعة المتسعة .
وثانيهما – صعوبة الاحاطة بذلك الكل الوثائقي العثماني الذي لا يمكن حصره أو حصر بعضه لكونه موزعا في أغلب دور الوثائق والمتاحف والمكتبات العربية والتركية والأجنبية .
ولاشك في أن البحث عن هذه الضالة المحددة في هذه الأرض الواسعة المفتوحة أوفق منهجيا منه في عينة محدودة مغلقة للوصول إلى هدف هذا البحث في الكشف عن الواقع المكاني والوظيفي للخط في هذه الوثائق، تمثيلا لواقع ( الخط ) العام في الحياة العثمانية ، السياسية والادارية والاجتماعية والثقافية وغيرها . وبفضل ما يبديه هذا الواقع من مكانة جليلة للخط العربي في الاعتقاد العثماني: الرسمي والشعبي.. ومن دور وظيفي حيوي وواسع في مختلف جوانب الدولة والمجتمع ومناشطهما ، تبدو دراسة هذا لاخط في الوثائق العثمانية على قدر من الأهمية في التذكير العلمي والموضوعي بضرورة هذا المفتاح الهام للدخول الميسور إلى عوالم التاريخ العثماني المختلفة ، فالالمام بواقع ( الخط ) العثماني العام وأنواعه وأساليبه ووظائفه يكشف – بلاشك – الكثير من المجاهيل التي سدها – على أغلب الباحثين – قصور الوعي بأهمية هذا العامل المساعد أو الجهل به، سيما وان الخط – بوصفه ظاهرة مركبة – يحتاج إلى وعي خاص به ومعرفة متمكنة منه. ان كون الخط العربي هذا ، المدخل الأمين إلى امتلاك ناصية الوثائق العثمانية ، ومن ثم إلى عموم التاريخ العثماني ، يجعل أهميته للدراسات التاريخية الحديثة سببا وجيها لاختياره للبحث الاكاديمي وغير الاكاديمي، فضلا عن كون الخط العربي – بوصفه أثرا – في الوثائق العثمانية موضوعا جديرا بالبحث التاريخي والفني لما تشكله المدرسة الخطية العثمانية من حلقة هامة في سلسلة التطور الفني – التاريخي لفن الخط . ومع ذلك ، يظل اصل اهتمام الباحث المتواضع بهذا الفن وثقافته هو السبب الرئيس في اختيار هذا الموضوع لهذه الدراسة.
ولذلك ، ترك البحث العناية بالخط بوصفه موضوعاً محتوىً في الوثائق إلى العناية المباشرة به بوصفه الأثر الكتابي (graphic) فيها ، فسعى – من الناحية المنهجية- إلى استقراء واستكشاف مافي الوثائق العثمانية ، العامة والخاصة، من أشكال وعناصر خطية عربية ، ومحاولة تحليلها ، مورفولوجياً ، بهدف استبيان مدى وطبيعة الدور الوظيفي لهذا الخط في هذه الوثائق.
ولكن ذلك قد يصبح مبتورا عن أصوله التاريخية والفنية والوظيفية ، إذا لم يسبقه المهاد التاريخي والحضاري والرسمي الذي انطلق منه هذا الخط وتحرك عليه بانفتاح. لذلك جاءت خطة هذا البحث المتواضع في تمهيد وثلاثة فصول متسلسلة المباحث.
بحث ( التمهيد ) في الجذور التاريخية العميقة لعلاقة العثمانيين بالكتابة العربية، وبواكير اتصالهم الحضاري بالخط العربي، وبدايات الاستقرار الوظيفي له في الكيان الحضاري العثماني.
وتبعه ( الفصل الأول ) في ثلاثة مباحث ، عالج المبحث الأول منها الخط في الحقبة قبل العثمانية وبواكير الحقبة العثمانية، وكيفية انتقاله إلى العثمانيين، بعد اندفاع حركة الخط من جهات العالم الاسلامي المختلفة إلى الأناضول والتمركز فيها، وذلك من خلال النظر في الظروف التاريخية والعوامل الحضارية والأصول الفنية التي مهدت جميعا لنشوء المدرسة العثمانية في الخط، وافادتها من الموروث الفني والحضاري لمدارس الخط الرئيسة: البغدادية والشرقية والمصرية وغيرها.
وناقش المبحث الثاني منها طبيعة نشوء المدرسة الخطية العثمانية ، وحقيقة الريادة الفنية والتاريخية لهذه المدرسة، وبالاخص دور كل من الخطاطين الكبار: ياقوت المستعصمي ( ت 698هـ / 1298م ) وعلي بن يحيى الصوفي ( ت بعد 883هـ / 1478م ) والشيخ حمدالله الأماسي ( ت 926هـ / 1519م ) في ذلك.
ويكشف المبحث الثالث من هذا الفصل ملامح المدرسة العثمانية هذه ودورها الفني بالذات في تطور الخط العربي من خلال معالجة طبيعة التعامل العثماني مع موروث ( الخط ) الفني والحضاري، وطبيعة اسهامات العثمانيين في توليد انواع وأساليب ومظاهر جمالية أخرى في مسيرة الخط الفنية .
ويفصل ( الفصل الثاني ) ، بمباحثه الخمسة ، في مكانة الخط العربي ودوره الوظيفي في الدولة العثمانية بمؤسساتها الرسمية والشعبية: السياسية والاجتماعية والدينية والعلمية والادارية وغيرها .
أما ( الفصل الثالث ) فيختم البحث كله بالدراسة المباشرة لموضوع الخط العربي في الوثائق العثمانية في ثلاثة مباحث مختصة مسبوقة بمبحث خاص يلقي نظرة عامة وشاملة على طبيعة الوثائق العثمانية وخصائصها. ويستكشف المبحث الثاني من هذا الفصل أنواع الخط وأساليبه المستخدمة في هذه الوثائق، يليه المبحث الثالث الذي حاول استظهار وظائف هذه الأنواع والأساليب ودلالات استخدامها العثماني الموحية بخصوصية المستوى الرسمي والشعبي لهذا الاستخدام في الدولة والمجتمع، كما يدل عليها المظهر الخطي في هذه الوثائق ، الذي حاول المبحث الأخير من الفصل الثالث تحليل بعض عناصره آخذا ( الطغراء ) بوصفها أحد أبرز العناصر والاشكال الخطية في الوثائق العثمانية مجالا للدراسة والتحليل .
ولاشك في أن هذه البحث لم يصل إلى هدفه المتوخى عبر هذه الخطة من الفصول والمباحث بسهولة ويسر، بل واجهته صعوبات عدة لعل من أبرزها: قلة المصادر والمراجع ، المباشرة وغير المباشرة ، المكرسة لدراسة الخط العربي في الوثائق العثمانية أو المعنية بها ، لذلك لجأ البحث إلى الاستعانة بمصادر الخط ومراجعة التركية ( العثمانية واللاتينية ) والفارسية والانكليزية والفرنسية والالمانية وغيرها، فضلا عن المصادر والمراجع العربية لفن الخط. لا لكون هذه المصادر والمراجع المتخصصة تساعد على تعزيز دراية الباحث التفصيلية بالخط وجوانبه المختلفة بما يؤمن – قدر الامكان – صحة الاستقراء ودقة الوصف وسلامة التحليل، حسب، بل ولكونها أيضا تحوي الكثير من الوثائق العثمانية المختلفة التي تمثل أرضاً خصبة لاستثمار مادتها في بناء البحث وتكامله ونضجه ، مما يخفف من صعوبة حصر دراسة الموضوع في نطاق محدد، كمياً ونوعياً، من الوثائق الحية والأصلية لتعذر التوفر والاطلاع المباشرين على مثل هذه الوثائق – إلا قليلا – في فترة اعداد هذا البحث على الاقل. ولذلك كله، كانت مصادر الخط ومراجعه المختلفة المعين الأساس له، على ان أي تحليل دقيق – مهما يكن عاجلا – لمصادر هذا البحث لا يمكن أن يغفل أهمية موارده الاخرى.
كان بعض أهم الكتب والدراسات والوثائق التي استعان بها البحث، في اضاءة جوانب الموضوع المحتملة من مفهوم الخط وطبيعته وثقافته وفنه وتاريخه ومكانته ودوره الوظيفي العام أولا والخاص بالوثائق العثمانية ثانيا ، يتمثل في الآتي :
– مجموعة المصادر العربية الأساس في مجال الخط ، التي لا يمكن الاستغناء عنها أو تجاوزها في دراسة التطورات التاريخية والفنية والوظيفية للخط، ومن أبرز ما في هذه المجموعة :
1-الفهرست ، لابن النديم ( ت 385هـ/995م ).
2-صبح الأعشى في صناعة الانشا ، للقلقشندي ( ت821هـ/1418م ).
3-لمحة المختطف في صناعة الخط الصلف ، لحسين بن ياسين بن محمد الكاتب (ق 8 هـ / 14م ).
4-جامع محاسن كتابة الكتاب ، للطيبي ( ت908هـ / 1502م ).
– مجموعة المصادر العثمانية والفارسية الأساس في مجال الخط ، التي قدمت المزيد من المعلومات عن الخطاطين العرب والفرس والاتراك وأعمالهم، بما لا يغني عنها في دراسة تطورات السند الفني – التاريخي لهؤلاء الخطاطين ونشوء المدارس الفنية المختلفة في الخط . ومن أبرز ما يمثل هذه المجموعة :
1-رسالة القاضي أحمد بن مبرمنشيء ( ت 1015هـ / 1606م ).
2-تحفة الخطاطين لسليمان سعد الدين مستقيم زاده ( ت 1202هـ / 1788م).
3-الخط والخطاطون لحبيب افندي الاصفهاني ( ت 1311هـ / 1894م ).
– مجموعة المراجع العربية الحديثة والمعاصرة ، التي اخذت في غالبيتها طابع الشمولية في تناول جوانب الخط المختلفة، وبالذات التاريخية منها، مما أوقع أغلب هذه المراجع في التكرار، الفاضح أحياناً لوصوله لدى البعض حد النقل الحرفي، والسطحية وعدم التمحيص ، فضلاً عن احتواء العديد منها على الاخطاء العلمية، الفنية والتاريخية، في هذا المجال. ولكن ذلك كله لا يقلل من أهمية هذه المراجع لأن مكتبة الخط العربي ماتزال دون سعة هذا الموضوع ودون أهميته الثقافية والتاريخية والعلمية.
ولعل من أبرز المراجع العربية الحديثة والمعاصرة هي :
1-كتب المهندس ناجي زين الدين المصرف : المصور والبدائع والموسوعة، التي تعد جميعها أوسع الكتب العربية والأجنبية الجامعة لاشكال ونماذج الخط من الآثار والوثائق المختلفة على الاطلاق، إذ يحوي المصور مثلا أكثر من (757) شكلاً في الخط، ويحوي البدائع أكثر من (777) شكلاً آخر، مما يجعلهما بالذات أضخم سفر مصور جامع للخط لا غنى لأي باحث في الخط عن الاستعانة بها وبتعليقاتها على الحقائق التاريخية والفنية والوظيفية لهذا الفن بعامة، وفي المجال الحضاري العثماني بخاصة.
2-تاريخ الخط العربي وآدابه، للشيخ محمد طاهر الكردي المكي.
3-نشأة وتطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي، للباحث المصري المعروف في هذا المجال فوزي سالم عفيفي.
إن سعة اهتمام هذين الكتابين وتعدد مجالات موضوعاتهما التاريخية والاجتماعية وغيرهما ، فوتت الفرصة عليهما في الدراسة العميقة لواقع (الخط) العثماني وتطوره، فجاءا فقيرين في مباشرة موضوع هذا البحث .
وهناك كتب أخرى عديدة تشابه هذين الكتابين في ذلك.
– مجموعة المراجع التركية والفارسية الحديثة والمعاصرة، التي بدت للباحث -على الأقل – أكثر عمقا وشمولا ودراية ومباشرة لموضوع الخط من أغلب تلك المراجع العربية. على الرغم مما اتسمت به بعض هذه المراجع التركية والفارسية من ضيق النظرة وبعض المغالطات التاريخية. وكانت هذه المراجع – التركية بالذات – معيناً مهماً للباحث في تغطية الكثير من أحوال الخط العثمانية المختلفة، مما ساعد في التحليل الفني والتاريخي لتحولاته الحضارية والمطردة.
ومن أبرز هذه المراجع التي كانت معيناً لهذا البحث:
1-فن الخط، من اعداد الباحث التركي المتخصص بالخط مصطفى أوغر درمان، وشاركه في التمهيد التاريخي المؤرخ التركي نهادجتين. ولأهمية هذين الباحثين في الدراسات المتخصصة بالخط، جاء الكتاب أحدث كتب الخط منهجاً وأوسعها موضوعاً وأعمقها تحليلاً وأكثرها تمثيلاً، فقد شمل موضوعه تاريخ هذا الفن في نشأته المبكرة وتطوره الفني والوظيفي وصولاً إلى المدرسة الخطية العثمانية ، فعرض لظهورها وتكامل ملامحها الفنية ورجالاتها الذين كانوا على صلة وطيدة بالدولة والمجتمع العثمانيين، فضلاً عن كون هذا الكتاب – في الأصل – اضمامة خطية فنية رائعة لما تضمنه من اللوحات البديعة خطا وزخرفة وتذهيبا وطباعة.
2-مفتاح قراءة الكتابات القديمة ، للباحث والخطاط التركي المعروف محمود يازير الذي كان قد عمل طويلا على كتابات الوثائق العثمانية وخطوطها من خلال عمله في ادارة ارشيف الأوقاف العثماني ، فجاء كتابه هذا ادق الدراسات العلمية الحديثة دراية بالجوانب الفنية لأنواع الخط العربي وأساليبه المستخدمة في الوثائق العثمانية. وقد انعكس ذلك من خلال التحليل التقني لاشكال الحروف المفردة والمتصلة للخطوط العربية الأساسية: الثلث والنسخ والاجازة والديواني والتعليق والرقعة والسياقة، واعادة تركيبها بقصد توفير الامكانية القرائية لها على هذه الوثائق وعلى غيرها.
3-أنواع الخط التركي لسهيل أنور ، وخطاطو عهد الفاتح لاكرم حقي ابيوردي، والخطاطون الأتراك لشوكت رادو، وأواخر الخطاطين لابن الأمين وغيرها من المراجع التركية الحديثة التي تسلط الضوء على مختلف قضايا الخط والخطاطين في الدولة العثمانية.
4-اطلس الخط والخطوط لحبيب الله فضائلي، والخطاطون المجيدون : خطاطو النستعليق لمهدي بياني، اللذان عرضا الكثير من قضايا الخط التاريخية والفنية من وجهة نظر معينة شابها بعض الضيق والتحيز والتعصب ازاء هذا الموضوع برمته.
– مجموعة المراجع الأجنبية ، الانكليزية والالمانية والفرنسية ، من أمثال:
1-فن الخط الاسلامي للمستشرقة الألمانية آن ماري شيمل المتخصصة في الثقافة الاسلامية بعامة والتصوف بخاصة، فأفادت كثيرا منهما في التحليل الصوفي للخط وأعماله ونشاط رجاله العثمانيين.
2-الطغراء لفرانز باينغر ، الذي يعد كتابه هذا أول دراسة مفصلة للطغراء العثمانية ، فتحت المجال أمام الآخرين للتوغل في دراسة هذا الموضوع.
– مجموعة الدراسات والبحوث والمقالات ، المنشورة في المجلات العلمية والثقافية، المتخصصة وغير المتخصصة، العربية والاجنبية، التي تشكل موارد أساسية ومهمة للبحث. ونخص منها هنا دراسات الباحثين العراقيين الكبيرين: عباس العزاوي ويوسف ذنون، اللذين يعدان أكثر المعنيين بالخط اطلاعاً وتوفراً على أهم وأكثر وأوسع كنوز المعرفة الخطية بمختلف اللغات، وأكثر المختصين المعاصرين بالخط عناية به ومتابعة له ولاهله ولفعالياته ولاعماله المختلفة. ولذلك كله قدم هذان الباحثان أكثر بحوث الخط الحديثة والمعاصرة شمولية ورصانة وجدة، وقد افدنا من بعضها الكثير في اضاءة بعض الجوانب الهامة من الموضوع.
– مجموعة الوثائق العثمانية العامة ووثائق الخط والخطاطين الخاصة التي لا غنى لأي بحث في الخط عنها ، لما تقدمه من الدليل القاطع على موضوعية هذا البحث أو ذاك. ولذلك استعان الباحث بما استطاع الوصول إليه من الاطلاع على مثل هذه الوثائق ، أصلية ومصورة.
لقد آثر الباحث أن يكون هذا العرض التحليلي الموجز لموارد بحثه مقصورا – بعض الشيء – على بعض أهم كتب الخط، على أن هناك العديد من المصادر والمراجع الأخرى، من خارج مكتبة الخط ، التي استعان بها البحث لاضاءة بعض الجوانب اللغوية والتاريخية والفنية والدينية والآثارية وغيرها المتصلة بالخط. ونود أن نشير هنا بشيء من التميز والتقدير إلى الدليل الأرشيفي – المعلوماتي الأوسع للوثائق العثمانية المحفوظة بدار الوثائق التابع لرئاسة الوزراء باستانبول، الذي أعده مركز الابحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية ونشره بالتعاون مع مركز الوثائق والمخطوطات بالجامعة الأردنية تحت عنوان ( الارشيف العثماني ).
وفي ختام مطاف هذه المقدمة ، ما من بدّ للباحث الا التذكير بأنه ، مهما بذل من جهد واحاط من معرفة ونجح في تحليل واستخلص من نتائج، يظل بحثه المتواضع هذا عملاً انسانياً ناقصاً يعتريه القصور والخطأ والنسيان، اذ ان الكمال لله وحده. ولذلك فهو – وحده – يتحمل عثرات عمله هذا وهناته بصدر رحب وقلب مفتوح، وحسبه في ذلك كله قصد المساعي الى الخير والمجتهد في العلم ، والله من وراء القصد.
د.ادهام محمد حنش
