المقدمة،،،
تعتبـــر عقـــود الاســـتهلاك مجـــالاً رحبـــاً لاســـتغلال المهنیـــین لوضـــعیتهم المتمیزة للمسـتهلكین مـن خـلال الشـروط التـي یضـمنو نها عقـودهم حیـث لا یملـك المســتهلك إلا الخضــوع لهــذه الشــروط التــي تغلــب بشــكل غیــر معقــول مصــالح المهنیین على مصالح المسـتهلكین، كمـا هـو الحـال فـي عقـود بیـع وشـراع السـلع والخــدمات والمنتجــات وعقــود أداء أو تقــدیم الخــدمات وعقــود النقــل بوجــه عــام وعقـــود التـــأمین، هـــذه الوضـــعیة بـــرزت مـــن خـــلال التحـــولات الاقتصـــادیة والاجتماعیة التـي ازدادت حـدتها منـذ بدایـة القـرن العشـرین الـذي میزتـه ثـورة فـي إنتاج السلع والخدمات مما أفرز فجـوة بـین المهنیـین والمسـتهلكین فظهـرت بـذلك الحاجة إلى حمایة الطرف الضعیف – المستهلك -. ومـن هنـا جـاءت الحاجـة إلـى حمایـة المسـتهلك وضـرورة التـدخل لإعـادة التــوازن بــین طرفــي عقــد الاســتهلاك، إلا أن فكــرة حمایــة المســتهلك واجهــت
معارضـة قویـة مـن بعـض الفقـه الـذي یـرى فیهـا مساسـاً بالحریـة التعاقدیـة، فمـا دامت إرادة المتعاقدین صحیحة فلا یجوز المسـاس بالعقـد المبـرم، فـإذا كـان مـن حـق أطــراف العقــد أن یبرمــوا العقــد مــن عدمــه، فمــن حقهــم مــن بــاب أولــى أن یبرموا العقد بثمن مرتفع أو بشروط تعطـي المهنیـین میـزات إضـافیة فـي مواجهـة المسـتهلك، كمـا یـرى أصـحاب هـذا الاتجـاه أن الطـرف الأخـر قـد یكـون مهنیـاً ذا قــوة اقتصــادیة ضــئیلة والأجــدر أن یــتم حمایتــه فــي مواجهــة المهنیــین الــذین
یتمتعون بقوة اقتصادیة كبیرة لكن یرد على ذلك بأن المستهلك یجـد نفسـه مجبـراً علـى إبـرام هـذه العقـود على هذا النحـو، حیـث أن وجـود المحتـرفین والمهنیـین الأقـوى اقتصـادیاً ومهنیـاً مـن المسـتهلك أو المحتـرف، والـذین لهـم تفـوق تفاوضـي تجـاه المسـتهلك، یجعلـه یقبــل بكــل ذلــك، بحیــث لــو لــم تجــد هــذه الظــروف لأبــرم العقــد علــى نحــو
مختلـف ، ویـرى الأسـتاذ Kessler Friedrich أن المسـتهلكین الزمـوا بالتعاقـد، فهـــم لـــم یوافقـــوا بـــل اجبـــروا علـــى التعاقـــد، وذلـــك للحصـــول علـــى المنتجـــات والخدمات .
هــذه العقــود أصــبحت تحمــل شــروطاً موحــدة ونموذجیــة، محــررة مســبقاً ومعدة مـن قبـل جهـات مختصـة تضـع فیهـا نصـوص لمواجهـة كافـة الاحتمـالات وفـي مواجهـة جمیـع المسـتهلكین، تلـك الشـروط قـد تـرد بطریـق الإحالـة لوثـائق تكــون مــن عــدة نســخ، ممــا یصــعب الإطــلاع علیهــا وقــراءة كافــة بنودهــا، وقــد تكون معلقة في أماكن إبرام العقد، وتتضـمن فـي الوقـت نفسـه السـرعة ، إلا أنهـا تشـكل خطـورة علـى المسـتهلكین، الـذین یـذعنون تمامـاً للعقـد دون معرفـة بكافـة الشــروط، وبالمقابــل فــأن هــذه العقــود تكــون مصــاغة بشــكل واضــح بالنســبة (3 (للمهنیین الذین یستخدمونها في أعمالهم وبشكل متكرر. ولقـد بلـغ عـدم المسـاواة بـین طرفـي عقـود الاسـتهلاك ذروتـه مـع سـیادة المـذهب الفـردي الـذي ابتـدع جملـة مـن الوسـائل والمبـادئ التـي تسـمح بتكـریس عد المساواة في جمیع الحالات، والتي من أهمها كما اشرنا سـابقاً، مبـدأ سـلطان الإرادة، فـي مجــال العقـود، مــن هنــا یتضـح ان المــذهب الفــردي لـم یأخــذ بعــین الاعتبـار اخـتلاف الأشـخاص عـن بعضـهم الـبعض، خاصـة وان هـذا الاخـتلاف في تزاید مستمر كلما زادت المجتمعات تقدما، ومن ثـم لجـأ المحتـرفین إلـى إیـراد شــروطهم التــي تخــدم مصــالحهم فــي هــذه العقــود، لیتحــول العقــد وفــق هــذه المعطیــات مــن أداة عدالــة إلــى أداة ظلــم وجــور، الأمــر الــذي یطلــب ضــرورة التدخل ورفع الظلم وإعادة التوازن. ویمثـل المسـتهلك الـذي أنتجـه المجتمـع الاسـتهلاكي كـل أفـراد المجتمـع، حتــى المحتــرفین أو المهنیــین فــي مجــال معــین فهــم مســتهلكین فــي مجــالات أخــرى، وبالتــالي تــدخل حمایــة هــذا المســتهلك فــي مجمــل الالتزامــات العامــة للدولـة، بـل أصـبحت حمایتـه فـي الوقـت الـراهن تشـكل أهـم الواجبـات الأساسـیة للدولـــة المعاصـــرة، والتـــي یقـــع علـــى عاتقهـــا مســـؤولیة ضـــمان تقـــدیم الســـلع والخــدمات إلــى المســتهلكین فــي منــأى عــن أي تعســف أو إجحــاف مــن جهــة (2 (المحترفین. كـم و تنبـع أهمیـة حمایـة المسـتهلك مــن أن أحـد أثارهـا المباشـرة هـو دفــععجلة التنمیة للإنتاج القومي، وذلك لأن رفع مستوى الإنتاج مـن النـواحي الفنیـة والبیئیـة والاجتماعیـة یـؤدي إلـى زیـادة الطلـب علـى هـذه المنتجـات لتسـتطیع هـذه المنتجــات الوطنیــة أن تحــل محــل المنتجــات المســتوردة مــن الخــارج والمنافســة لهـا، وهـذا مـن شـأنه أن یعـزز تنـافس السـلع الوطنیـة فـي السـوق المحلـي وكـذلك مزاحمـة السـلع الأجنبیـة فـي الأسـواق الخارجیـة، وهـذا یـؤدي إلـى تحسـین منـاخ الاســتثمار والعمــل علــى تســهیل اكتشــاف المزایــا التنافســیة للســلع المنتجــة ممــا یساعد على عمل إعادة توزیع الموارد وزیادة التنمیة في البلاد. وفي هذا الإطار تنبهت غالبیة التشـریعات المعاصـرة إلـى ضـرورة التـدخل لحمایة المستهلك، ولم تكتفي بالقواعد لعامـة الـواردة فـي القـانون المـدني، وكـذلك المتعلقـة بعقـود الإذعـان، كمـا سـبق لنـا الإشـارة إلیـه، بـل كرسـت ذلـك مـن خـلال قـوانین خاصـة بالاسـتهلاك، فـي حـین أن بعضـها الآخـر اكتفـى بالقواعـد العامـة
ولم یصدر تشریعات خاصة بالمستهلك الذي یمثل الحلقة الأضـعف فـي العلاقـة الاقتصـادیة، الأمـر الــذي سـنتناوله تفصــیلاً عنـد الحـدیث حــول موقـف القــانون المقارن من فكرة حمایة المستهلك. وبـذلك سـنتناول الشـروط التعســفیة فـي عقـد الاســتهلاك فـي هـذا الفصــل بالدراسة من خلال فصلین على النحو الآتي:
الفصل الأول: الطبیعة الخاصة لعقد الاستهلاك
الفصل الثاني: الحمایة القانونیة والقضائیة في مواجهة الشروط التعسفیة
في عقود الاستهلاك.
تم إضافة “النظام القانوني لعمليات زرع الأعضاء البشرية” إلى سلة مشترياتك. عرض السلة
التعسّف في العقود الإذعان – عقود التأمين وعقود الاستهلاك (دراسة مقارنة) الجزء الثالث
$20.00
عدد الصفحات: 311
سنة الطبع: 2020
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 3
لون الطباعة: ابيض
القياس (سم): 17×24
الوزن (كغم): 0.654
الباركود: 9879957187194
الوزن | 654 جرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
رمز المنتج:
978-9957-18-719-8
التصنيف: القانون
الوصف
منتجات ذات صلة
الأحكام القانونية للضريبة على المبيعات الجزء الأول ( الضريبة على المبيعات ومشكلاتها التطبيقية )
$12.00
الأزمة الاسيوية اشكالية النظام الدولي الجديد
$6.00
الادلة الرقمية في اثبات الجرائم الالكترونية في التشريع الاردني -دراسة مقارنة
$15.00
التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات في العقود الدولية
$17.50
التنظيم القانوني للاخبار والاخبار السري – دراسة مقارنة
$7.00
الضمان الاجتماعي – المفهوم ومجالات التطبيق
النظام الاداري للحركة الفلسطينية الأسيرة
$17.50
تنفيد العقوبات السالبة للحرية – دراسة مقارنة
$15.00