المقدمة
بات تأثير تكنولوجيا المعلومات يظهر للعيان بشكل مباشر أو غير مباشر، وجميع أوجه الحياة المعيشية المختلفة، إذ أن مفهوم أو مصطلح تكنولوجيا المعلومات أضحى يلامس أو يلقى على مسامع جميع الناس، سواء في البيت أو في الشارع أو في المدرسة أو في الجامعة…الخ. حيث لم يعد هناك إنسان لم يسمع بمصطلح تكنولوجيا المعلومات. إن الغالبية من قطاعات الشعب تعاملت، والقسم الآخر في طريقه للتعامل مع هذا النوع من التكنولوجيا؛ لأنها باتت الرئة التي يتنفس عبرها المجتمع، ولذلك أصبحت موجودة في كل مكان تقريباً، أضف على ذلك، إن الجميع أصبح في حاجة لخدمات تكنولوجيا المعلومات، وبالتالي أضحى لها تأثير أو أثر عميق علينا جميعاً.
لا شك أن التطور التكنولوجي قد لعب دوراً كبيراً، بل ورئيساً في بناء الحضارة الإنسانية، لا سيما حضارة القرن العشرين، وكان هذا التطور السبب في كل التحولات العميقة التي شهدتها مجالات الإنتاج والخدمات، كما ساهمت التكنولوجيا بشكل عام، وتكنولوجيا المعلومات بشكل خاص، في رسم ملامح تحول المجتمعات التقليدية في الدول الصناعية الحديثة إلى مجتمعات أكثر تقدماً، مما انعكس هذا التطور بدوره على سلوك الفرد، وبالتالي على الحياة الإنسانية.
تشكل التغيرات المهمة التي شهدها، ولا يزال يعيشها ويشهدها اليوم تحت مظلة تكنولوجيا المعلومات، العامل الرئيس، بل المؤثر على البيئة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، لقد بات واضحاً وملموساً أثر التغير السريع الذي خلقته تكنولوجيا المعلومات في المجتمع وفي أغلب قطاعات الخدمات المتعارف عليها، بل متوقع لها أثر أكبر وأشمل وأعمق في المستقبل العاجل أو الآجر. ولذلك يمكن القول: إن واحدة من أهم المميزات التي تتمتع بها تكنولوجيا المعلومات بأنها تكنولوجيا (تمكينية)، وهذا يعني أنها تمنح هامشاً كبيراً وقدرة للابتكارات؛ ولذلك يتوقع المهتمين بقضايا كنولوجيا المعلومات بأن تأثيرها في المستقبل سيكون ملحوظاً بشكل أكبر وأوسع.
إذن تعد الثورة المعلوماتية من أهم ما يميز القرن العشرثين ولا سيما العقود الأخيرة منه. فقد تطورت أنظمة المعلومات والاتصالات بصورة كبيرة جداً، وبدأ في ظلها عصراً جديداً يعتمد بشكل كبير على المعرفة العلمية مرفوقة بالتكنولوجيا في إدارة الأجهزة والقيام بالعديد من الأنشطة الحياتية.
تتمثل أهمية تكنلوجيا المعلومات، في كونها تعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة، وفي الآن ذاته، على الاستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة بوتيرة سريعة، بل أنّ الأمر يصل إلى أكثر من ذلك، حيث إن أهميتها تكمن في خصوصيتها وانفرادها عن الثورات التكنولوجية التي سبقتها، فهي لا تعتمد على المواد الأولية أو الطاقة أو الأسواق أو غيرها من عوامل الإنتاج، بل إن عمودها الفقري ومحركها الأساس هو العقل البشري، وبذلك يتوقع لها مستقبلاً أن لا تكون كسابقتها (أي الثورة التكنولوجية) حكراً على المجتمعات المتقدمة من الناحية (الجغرافية والسكانية) ولا سيما ونحن نعيش الآن تحت بداية انهالة للحدود الجغرافية، إذ نستطيع القول: إن العالم أصبح عالم بلا حدود وفق مفهوم الحدود السياسية المتعارف عليها.
هنا لا بد من الإقرار بأن عملية ملاحقة ودراسة المجالات التي استخدمت فيها تكنولوجيا المعلومات، وكذلك التي يمكن أن نستخدم فيها مستقبلاً، تبقى مجرد محاولة تكتنفها العديد من الصعاب لا سيما إذا أردنا الإلمام بها بشكل واسع وعميق وشامل؛ وذلك يعود إلى حقيقة مفادها: إن تكنولوجيا المعلومات من حيث أهميتها باتت يغلب عليها طابع التعقد كلما تطورت أكثر فأكثر، وربما دراستها بشكل مفصل ودقيق، قد يحيطها غموضاً، في الوقت الذي نحاول فيه نتتبع أثرها في المجالات التي طبقت فيها، ولهذا نستميح القراء عذراً عن القصور في هذه المحاولة.
يهدف هذا الكتاب إلى وضع تصور أمام القراء العرب من متعلمين ومثقفين، ولو بصورة محدودة للأثر الذي تركته وستتركه تكنولوجيا المعلومات في المجتمع، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وبالتالي فإن الكتاب يهدف أيضاً إلى محاولة نشر الوعي التكنولوجي بين الناس من خلال بث ثقافة تكنولوجيا المعلومات من خلال الأعمال التي يمكن أن تؤديها، الإيجابية منها والسلبية على حدٍ سواء.
إذا كان الكتاب في مجمله يتعرض إلى الأثر الذي خلفته تكنولوجيا المعلومات في المجتمع بشكل عام، فإنه يدعو في الآن ذاته العالم العربي لدراسة الآثار المحتملة لتكنولوجيا المعلومات، ومحاولة وضع أو طرح رؤية جديدة لعالمنا العربي وللتحديات التي تواجهنا من الآخر بفعل امتلاكه لتكنولوجيا المعلومات، ولهذا جاء الكتاب بعيداً عن وضع تصوراً للجوانب والتقسيمات الفنية لماهية تكنولوجيا المعلومات.
أما بعد، فإن هذا الكتاب موجه ويهم جميع المهتمين والمراقبين والمتابعين لشؤون وقضايا تكنولوجيا المعلومات بشكل عام، من حيث الجوانب العملية منها، كذلك فإن الكتاب يهم طلاب المكتبات والمعلومات بشكل خاص. ويهم هذا الكتاب المثقف العربي بشكل أعم، ولهؤلاء جميعاً أقدم كتابي هذا، ويحذوني الأمل في أن يجد هذا الكتاب مكانه له لدى القراء، وأتمنى أن ينال إعجاب ورضا القراء.
أما عن محتواه، فقد سعى هذا الكتاب في فصله الأول والذي جاء بعنوان “مجتمع المعلومات: أبعاده وسماته”،وقد تضمن على ثمانية أجزاء: الأول منها يتطرق إلى (المجتمع المعلوماتي المعاصر)، أما الجزء الثاني فقد أشار إلى (أبعاد المجتمعما بعد الصناعي: مجتمع المعلومات). في حين حمل الجزء الثالث (سمات مجتمع المعلومات). أما الجزء الرابع فتطرق إلى (نجاح تكنولوجيا المعلومات في مجتمع المعلومات). في حين تناول الخامس إشارة إلى (الواقع المعاصر للمعلومات في المجتمع المعلوماتي)، بينما تطرق السادس إلى (المهن المعلوماتية في المجتمع المعلومات) وراء الجزء السابع يبين (الهجرة نحو الآخر: الغربة والاغتراب في مجتمع المعلومات)، وثامناً وأخيراً خصص لتوضيح(لمعايير مجتمع المعلومات وتكنولوجيا المعلومات)، والجانب الآخر أشار إلى (العلاقة بين المجتمع والتكنولوجيا)، في حين تضمن الجانب الثالث إبراز (العلاقة بين المجتمع وتكنولوجيا المعلومات). وأشار الجانب الرابع غلى (تكنولوجيا المعلومات والمجتمع: رؤية مستقبلية).
بينما جاء الفصل الثالث بعنوان (الآثار الاجتماعية لتكنولوجيا المعلومات في المجتمع) متناولاً تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في مجالات الحياة المختلفة. وقد ضمن المجالات الآتية:
1. تكنولوجيا المعلومات والتعليم.
2. تكنولوجيا المعلومات والقانون: آليات الضبط الرسمي.
3. تكنولوجيا المعلومات والإدارة: الإدارة العكسية للمجتمع.
4. تكنولوجيا المعلومات ونهاية الجغرافيا: عالم بلا حدود.
5. تكنولوجيا المعلومات والطب.
6. تكنولوجيا المعلومات والتجارة الحديثة: التجارة الإلكترونية.
7. تكنولوجيا المعلومات والبنوك: النقود الإلكترونية.
8. تكنولوجيا المعلومات والسلطة.
9. تكنولوجيا المعلومات والحروب العسكرية.
أما الفصل الرابع فحمل عنوان “تكنولوجيا” المعلومات ودورها في ارتكاب الجرائم” وقد تضمن عدة فقرات أهمها “رؤية لنقمة ثورة المعلومات”، وكذلك فقرة “أين يكمن خطر تكنولوجيا المعلومات؟”، والفقرة الثالثة جاء مشيرة إلى “جرائم تكنولوجيا المعلومات” في حين فقرة أخرى وضحت “الظروف البيئية لارتكاب الجرائم”، أمّا لاحقتها فقل وضحت “مرتكبي جرائم تكنولوجيا المعلومات”، هناك فقرة بينت “كيف يتم ارتكاب جرائم تكنولوجيا المعلومات؟”، والفقرة الأخيرة برّزت “أنواع جرائم تكنولوجيا المعلومات”.
أما الفصل الخامس فقد تناول “أساليب تكنولوجيا المعلومات في مكافحة الجرائم الإلكترونية”، واشتمل على عدة أجزاء منها: “الأخلاق والمبادئ أولاً”، والجزء الثاني كان “اعترافات بصعوبة الموقف ولكن”، في حين الجزء الثالث بيّن “من هُم الذين يجب ملاحقتهم؟”، أما الجزء الرابع فقد اشار إلى أساليب تكنولوجيا المعلومات في مكافحة الجرائم”.
أخيراً جاء الفصل السادس “العرب وتحديات تكنولوجيا المعلومات: رؤية نقدية للواقع العربي”، متضمناً عدة جوانب منها: “العرب وإشكالية تكنولوجيا المعلومات”، أما الجانب الثاني فقد بيّن “العرب وتحديات تكنولوجيا المعلومات”، بينما الجانب الثالث أشار إلى “العرب والتجربة اليابانية: آليات ودروس” في حين كان الجانب الرابع مشيراً إلى “أسباب التخلف العربي في مجال تكنولوجيا المعلومات”، أما الجانب الخامس والأخير فقد وضّح “الشروط اللازمة للنهوض بالواقع العربي”.
في الختام نسأل الله التوفيق
المؤلف