التجربة العلمية وتنمية التفكير العلمي

المقدمـة
يتأرجح التعلم بين اتجاهين أساسيين أحدهما معرفي والآخر سلوكي.
ولا يمكننا من تحديد مفهومه بصورة دقيقة ما لم نتطرق ونناقش هذين الاتجاهين، فأصحاب الاتجاه المعرفي يرون بأن التعلم مرتبط بشكل كبير بالبناء المعرفي للفرد، وهنا يقول (فتحي مصطفى الزيات،1995: 315): “ظل علماء النفس لعدة عقود ينظرون للتعلم بوصفه تغييرا في السلوك الملاحظ الناتج عن الممارسة ومع تزايد سيادة الاتجاه المعرفي لم ينكر علماء النفس المعرفي أن التعلم هو تغيير في السلوك الملاحظ أو القابل للملاحظة لكنهم يرون أن هذا التغير ناتج عن التغير في معرفة الفرد أو بنائه المعرفي من حيث كم المعرفة، أو المعلومات وكيفية تنظيمها”.
مما سبق نقول أن التعلم هو تلك العمليات العصبية الداخلية التي لا يمكن ملاحظتها بل يستدل على حدوثها.
أما الاتجاه الثاني فينظر للتعلم على أساس أنه تعديل في السلوك عن طريق الخبرة والمران وفي هذا الصدد يؤكد (وجيه محجوب،1989: 12): “التعلم ناتج عن ممارسة الإنسان للتدريب والتكرار، أو الملاحظة، أو وقوع الفرد في خطأ يتم تصحيحه وهذا ما نطلق عليه بمحاولة الخطأ والصواب”.
ولكن مع ذلك يظل التعلم عملية نفترض وجودها لأننا لا نراها بل نستدل عليها من خلال الأداء.
إن تطرقنا لمفهوم التعلم يعود أساسا إلى أن تعلم التفكير العلمي لابد أن يكون عن بصيرة وأسس واضحة ذلك أن التعلم الذي يحدث فجأة لا يمكننا أن نسميه تعلما، كما أن التعلم الذي يكون عن ممارسة وتدريب خاطئين لا يمكننا أيضا أن نصفه بالتعلم ودليلنا في ذلك هو أننا نبذل جهدا ووقتا أطول في تصحيح التعلم إذا ما تم بصورة خاطئة.
لقد تبلور في الأدب التربوي المتعلق بتنمية قدرات التفكير اتجاهان أيضا:
الأول: ينحو إلى تصميم برامج خاصة لتنمية التفكير.
والثاني: ينحو إلى تنمية قدرات التفكير عبر المنهج.
فالاتجاه الأول يعتمد:
أولا: على تسريع التفكير أو بمعنى تدريس العلوم من أجل مسارعة نمو قدرات التفكير العلمي الذي طبق في بريطانيا باسم برنامج (CASE) حيث يعتمد هذا المشروع على افتراض ضمني مفاده أنه إذا تمكنا من تنمية قدرات التفكير في مجال العلوم فإن الأمر ينجر بعد ذلك إلى مجالات عدة.
ثانيا: نجد برنامج مهارات التفكير الذي ظهر في أمريكا عام (1995) المعروف باسم (THINKING SKILLS) أي تنمية قدرات التفكير في المراحل الابتدائية الأولى والتركيز على التعلم الذاتي.
الاتجاه الثاني يحاول:
دمج مهارات التفكير عبر المناهج الدراسية المشكلة للمرحلة التعليمية، بمعنى آخر تتكامل المناهج والمواد في تنمية قدرات التفكير العلمي لدى الطلاب.
إن تعلم قدرات التفكير العلمي أمر مؤكد وبالغ الأهمية بل بات مجالا خصبا من مجالات البحوث التربوية في عالم اليوم مما حدا بالنظم التعليمية التي تسعى إلى تطوير نفسها أن تعنى بالمهارات الأساسية واللازمة للمتعلمين، لكن المناهج الدراسية اليوم تلمح إلى ضرورة تنمية مهارات التفكير لكنها إشارات لا تتجاوز الكلمات إلى التنفيذ ولا يكاد يكون هناك دليل واحد يوضح كيف ينمى التفكير العلمي لدى الطلاب وتطوير قدراتهم في العملية التعليمية – التعلمية مما ترك الباب مفتوحا لكثير من الاجتهادات، وفي هذا الإطار نحاول أن نرى هل لممارسة التجربة العلمية في مادة علوم الطبيعة والحياة من أثر إيجابي في تنمية قدرات التفكير العلمي لدى عينة من تلاميذ وتلميذات السنة الأولى متوسط، وذلك من خلال تتبع نظري جاء في حدود أربعة فصول أملتها ضرورة الدراسة بداية من فصل يتناول المتغير المستقل المتمثل في التجارب العلمية إلى كيفية تذليل صعوبات تدريس مادة علوم الطبيعة والحياة بالمرحلة المتوسطة في فصل ثاني، أما الفصل الثالث فحاول الإحاطة بالمتغير التابع في الدراسة من خلال التطرق إلى أنواعه وسبل تطويره في حين جاء الفصل الرابع لمحاولة الربط بين متغيري الدراسة، فعنون بالتجارب العلمية وعلاقتها بالتفكير العلمي في محاولة للإجابة عن التساؤل المطروح على الأقل في الشق النظري.
وتدعيما للدراسة النظرية جاء الجانب الثاني معنونا بالميداني تطرقنا فيه إلى منهجية البحث والإجراءات الميدانية، وبعدها جاء عرض النتائج وتفسيرها في فصل أخير.