المقدمة
حمداً للهِ حقَّ الحمد على نعمائه، وصلاةً وسلاماً على نبي الرّحمة والبيان، وعلى آله وصحبه، ومَنْ عملَ بسنته وهديه، وتبعه إلى قيام السّاعة.
وبَعْدُ، فتأسيساً على قوله تعالى (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ولأنّي عِنْدَما وجدْتُ نفسي أقومُ بتدريس مادة البلاغة، لأحد المعاهد العليا لإعداد المعلمين في المدارس الثانوية للجماهيرية العربيّة الليبيّة، صارَ لزاماً عليَّ شرعاً ويقيناً أنْ أُهيء ما يمكنُ الإفادة مِنْهُ في تسهيل موضوعات البلاغة العربية وتقريب فهمها إلى أذهان الطلبة باعتماد الأمثلة الموضحة للمفهومات البلاغية إلى جانب الإكثار من التطبيقات المحلولة بَعْدَ كلِّ موضوع.
وعليه سار منهاج ما قدمته في أربعة فصول:
دار الأَوّل منها حول المصطلحات الأوليّة التّي ينبغي للذي يُريد أنْ يتعرف على الموضوعات البلاغية أَنْ يطلّع عليها. وعلاقة ما عُرضَ بالمنهج النقدي العربي، والفرق بين المفهومين عَبر التطور الزّمني علاوة على الفوائد والأهداف، ومصادرها في أمهات ما تركه المسلمون من فكرٍ لم يكن ليستهان به في خضم الدّراسات الأَدبيّة العالميّة.
وسار الفصل الثّاني: فيما عُرف بعلم المعاني، وما قيل فيه لغة واصطلاحاً فضلاً عن توضيح مستفيض لأقسامه في خبر وإنشاء، وأضربِ الخبر واتجاهاته.
ثّمَّ كان الفصل الثّالث: الذي حُدّدَ مسارهُ في علم البيان، ومفهوماته، فدار الكلام فيه على المجاز وأنواعه، والتشبيه وأصنافه، والكتابة وأقسامها، وتلك رأيتها أهم الموضوعات التي دارت حولها أغلب أركان ذلك المفهوم البلاغي.
أما الفصل الرّابع والأخير: فقد حاوَلْتُ فيه ما يمكن أن تتجسد فيه الفائدة في علم البديع، والابتعاد عن النّوافل فأقررته في جناس وسجع بصفتيهما مثالين من المحسنات اللفظية، وفي طباق، ومقابلة، وتورية بكونها أمثلة للمحسنات المعنوية، وكلّ ما عُرض لم يبتعد في تحديده عن تطبيقات محلولة، ولا يترك الذكر أنّ سبب التأليف لم يكن ليبتعد عمّا سبقه من جهود العلماء القدماء فضلاً عن أصحاب الكتب المحدثين، وذلك هو جهدهُ، فإنْ أصاب، فمن هدي الله وتوفيقه، وإِنْ كانت الأُخرى فهو قد بذل ما سعت به قدرته وخبرته، وحسبه المثابرة والجد، وصواب القول، وشكراً للّهِ على عونه وهدايته أولاً وآخراً.
د. حميد آدم ثويني
