الإعلام والإتصال البيئي والسكاني

المقدمة
ليست التربية البيئية حديثة العهد، فلها جذورها القديمة في مختلف ثقافات الشعوب. فالهندوسية تدعوا الى العطف والحنان تجاه كل الكائنات الحية، وجوهر القيم الأخلاقية البوذية يبدو في العزوف عن قتل المخلوقات الحية، الأديان السماوية لعبت دوراً كبيراً في تحسين علاقة الإنسان بما يحيط به، فالأخلاقيات المسيحية تدعوا الى الرحمة في التعامل مع الطبيعة و حسن استغلالها بحكمة، و في الإسلام فإن استحلاف الإنسان على الأرض يقتضي الرحمة و ينهي عن التخريب والفساد، يقول تعالى في القرآن الكريم (ولا تفسد في الأرض بعد إصلاحها).
وما أعظم قول جان جاك روسو، الذي خاطب الإنسان المتعب، الذي أنهكته متاعب الحياة بقوله:” عد الى الطبيعة واستلقي في أحضانها”.
كما يقول علماء الاجتماع والتربية والنفس:” الإنسان ابن البيئة” والبيئة بمفهوم العام ، تشمل الجوانب الطبيعية والاجتماعية والثقافية والتربوية.
كما أصبحت مسألة المحافظة على البيئة ، مسألة حيوية، بل مسألة تربوية، تعتمد بالدرجة الأولى على توعية الإنسان وإكسابه اتجاهات إيجابية في التعامل مع البيئة.
وأيضاً دخلت التربية البيئية في المناهج الدراسية ، حيث تركزت الجهود على الدور الاجتماعي / البيئي للمؤسسات التربوية .فالعلاقة بين الإنسان والبيئة ، علاقة تبادلية – تلازمية، باعتبار الإنسان المكّون الحيوي الأساسي في هذه البيئة.
التربية مفهوم واسع وعميق، شامل ودقيق، وقد قال عنها أرسطو أنها “الغرض من التربية هي إعداد العقل لكسب العلم.
لقد برز دور الإعلام في مجال البيئة والتربية البيئية/ السكانية ، مع تفاقم المشكلات البيئية حيث برزت أهمية وضرورة المشاركة الفعالة لكافة فئات الشعب في الجهود الرامية إلى التقليل من المخاطر المرتبطة بتلك المشاكل، بناءً على ذلك فقد تم التأكيد على أهمية التربية والثقافة والإعلام في إعداد الإنسان المؤهل القادر على ضمان تنفيذ خطط التنمية بالشكل عند جميع السكان في تجنب مخاطر تدهور البيئة، ومواجهة حالات التلوث والعمل على توازن البيئة بالمعرفة البيئة والسلوك البيئي .
وقد ظهر مصطلح الإعلام البيئي وأخذ بالتطور في السبعينات من القرن الماضي فبعدما كان نقلاً للخبر البيئي والإثارة الصحفية للمزيد من المبيعات، أصبح له سياسات وخطط ووظف لتحقيق أهداف مختلفة، والإعلام البيئي هو أداء تعمل على توضيح المفاهيم البيئية من خلال إحاطة الجمهور المتلقي والمستهدف من الرسالة الإعلامية البيئية بكافة الحقائق والمعلومات الموضوعية بما يسهم في تأصيل تنمية البيئة المستدامة وتنوير المستهدفين برأي سديد في الموضوعات والمشكلات البيئية المثارة والمطروحة .
وعليه يمكن القول إن الإعلام البيئي ما هو إلا عملية إنشاء ونشر الحقائق العلمية المتعلقة بالبيئة من خلال وسائل الإعلام يهدف إيجاد درجة من الوعي البيئي وصولاً إلى التنمية المستدامة . يؤكد د.محمد قيراط أيضاً : ( إن وسائل الإعلام تؤدي دوراً محوريا في حياة الفرد والأسرة والمنظمة والمجتمع، وفي بناء الدول والحضارات والمجتمعات، وهي بذلك تسهم في التنشئة الاجتماعية وفي تشكيل الرأي العام والذاكرة الجماعية للمجتمع. كما أنها تؤدي دورا استراتيجيا في التنمية المستدامة بمختلف مجالاتها وقطاعاتها ).
كما يعمل الإعلام على تطوير المجتمع بإبراز القيم والعادات والسلوك التي تنسجم مع تطلعات وآمال الجماهير لبناء مجتمع جديد متطور عقلياً –اجتماعياً – إعلامياً- اقتصادياً – سياسياً – تنموياً – بيئياً- وسكانياً ..الخ.
وأيضاً تكمن أهمية الإعلام في التوعية السكانية من خلال توسيع أفق المواطنين بنشر الحقائق عن المسائل السكانية والتنموية في العالم وتجارب الشعوب في هذا المضمار، فتحطم المسافات وتكسر العزلة بنقل القراء من بيئتهم التقليدية إلى بيئات أكثر تقدماً في الاقتصاد الرقمي (اقتصاد المعرفة) وعصر المعلومات التكنولوجية.
إدخال مادة التربية البيئية والسكانية والإعلامية- والعلوم البيئة –السكانية- الإعلامية في البرامج المدرسية منذ الابتدائية وحتى نهاية المعهد، وكافة كليات الجامعة، والعمل على تطوير البحث العلمي في مجال البيئة والإعلام .
وجميل أن تقترح جائزة (نوبل) للأخلاقيات الإنسانية تجاه الأرض، والطبيعة والبيئة، الخ.
أن تقترح جوائز محلية لمن كتب أو عمل عملاً مميزاً لصالح البيئة المحلية.
وفي الختام فإنني أتحمل مسؤولية أي قصور أو أخطاء وردت في هذا الجهد من الإعداد ، وعذري إنني حاولت وبذلت قصارى جهدي ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والكمال لله وحده، سبحانه وتعالى.
المؤلف
مصطفى يوسف كافي