الإدارة الصفية (حالات – أسئلة – نشاطات)

المقدمة
تعد التربية والتعليم أساس تقدم الأمم وازدهارها، وفي عصر الاقتصاد المعرفي أضحى الاستثمار فيه هو الشغل الشاغل للتربويين والاقتصاديين على حد سواء، ذلك أن الثورة المعرفية والتكنولوجية جعلت المعرفة هي رأس المال في كل الميادين.
وبالنظر لنظام التربية والتعليم من جوانبه المختلفة نجد أن الإدارة الصفية هي أهم هذه الجوانب فهي تشكل قاعدة هذا الهرم وبدونها لا وجود لهذا النظام أصلاً.
تسعى الإدارة الصفية إلى توفير مناخ يسوده الانضباط الذاتي القائم على شبكة من العلاقات بين المعلم والطلبة من جهة، وبين الطلبة أنفسهم من جهة أخرى، ترتكز هذه الشبكة من العلاقات على منظومة من القيم الاجتماعية الإيجابية والتواصل والاتصال الفعال، وتعنى بحاجات الطلبة وجوانب التباين بينهم، كما تتوخى الإتقان من خلال الحوار والمناقشة، إنها نظام (System) يسعى إلى تحقيق الأهداف بكل فاعلية وإلى تحسين حياة الفرد لأقصى درجة ممكنة.
ومن هنا جاء هذا الجهد المتواضع في إعداد وتنظيم هذا الكتاب الذي يتضمن أغلب ما يفترض أن يتناوله مدرس مساق إدارة الصفوف وتنظيمها لطلبة معلم الصف في كليات التربية في الجامعات الأردنية لا سيما وأنني قمت –كعضو هيئة تدريس- بتدريس هذا المساق على مدى أحد عشر فصلاً متصلة.
يتألف الكتاب من ستة فصول:
الفصل الأول: مقدمة في الإدارة، حيث يتناول المفاهيم والنظريات الأساسية في الإدارة وأنماطها ومستوياتها.
الفصل الثاني: مدخل إلى الإدارة الصفية ويتضمن تعريفات لبعض أنواع الإدارة مما له ارتباط في التربية والتعليم، ويتعرض لأنماط الإدارة الصفية مبرزاً خصائص الإدارة الصفية الفاعلة، وخصص عنوان خاص لإدارة التفكير في الإدارة الصفية الفاعلة لما للتفكير من دور في تفعيل مهمة المعلم وتحقيق النتاجات المرغوبة وتحسين حياة الفرد.
الفصل الثالث: التفاعل الصفي، وقد تضمن ركائز التفاعل الصفي مبيناً أهمية التواصل والاتصال الفعال بالإضافة إلى أشكال الاتصال ومعانيه ومهاراته ومبادئه ونظرياته وأنماطه والعوامل التي تؤثر فيه، كما تعرض لنظام فلاندرز في رصد التفاعل الصفي اللفظي.
الفصل الرابع: الأدوار الحديثة للمعلم في إدارة الصف، والذي اشتمل على تفريق بين الإدارة الصفية القديمة والإدارة الصفية الحديثة، وتناول بشيء من التفصيل أدوار المعلم في الغرفة الصفية التشاركية، وتعرض إلى كفايات المعلم والمعايير المهنية للمعلمين، كما تضمن عملية التنظيم التي يقوم بها المعلم من حيث الوقت والبيئة الفيزيقية والمناخ النفسي الاجتماعي والوسائل التعليمية والتقويم، ذلك أن التعليم هو عملية تنظيم أصلاً، وأخيراً تناول دور المعلم كقائد أخلاقي في تنمية الطلبة، ودوره في ممارسة التأمل وتشجيع الطلبة على ممارسته لأهميته في تقويم الذات وإدارتها.
الفصل الخامس: إدارة النظام في الغرفة الصفية فقد اعتبر أن انضباط الطلبة وحسن إدارتهم يعتمد بالدرجة الأولى على كفاية المعلم وإتقانه لعملية التدريس فتناول نظريات التعلم وخصائص المرحلة النمائية التي يمر بها طلبة المرحلة الأساسية، بالإضافة إلى بعض السلوكات التي ترتبط بمراحل النمو المختلفة، كما تطرق إلى دور العواطف (emotions) والثقة (Trust) بالقيادة الأخلاقية وإدارة النظام في الغرفة الصفية، ثم تعرض للضبط والانضباط وبعض المناحي والاتجاهات المختلفة في الانضباط الصفي بالإضافة إلى بعض العوامل المؤثرة في الانضباط الصفي وبالذات تقدير الذات والدافعية، وأخيراً تم ذكر بعض التقنيات في التعامل مع مشكلات السلوك عند الطلبة.
الفصل السادس: والذي كان عن تعليم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد كانت الفلسفة وراء الاهتمام بمثل هكذا موضوع تمشياً مع الاتجاهات السائدة بمراعاة الفروق الفردية ودمج الكثيرين من هؤلاء الطلبة في الغرف الصفية العادية. بالإضافة إلى أن الخبرات التربوية الطويلة للباحثة في مجال التعليم والإدارة والإشراف والمناهج وعلى المستويين مستوى وزارة التربية والتعليم والمستوى الجامعي أبرزت هذه الخبرات أهمية وعي المعلم بحاجات وخصائص الطلبة بطيئي التعلم والفئة القليلة المهمشة من الموهوبين والمتفوقين والمبدعين بالإضافة إلى ذوي بعض الإعاقات حيث أن هناك بعض الطلبة في الصفوف العادية لديهم ضعف في حاسة ما مثلاً لكنه لم يصل لدرجة الإعاقة الشديدة بحيث يلتحق بمدارس خاصة بالمعاقين أو لم تتوفر له الفرص في ذلك.
وقد ذيل كل فصل بحالة (Case) لها ارتباط بمادة الفصل وجاء في نهايتها عدد من الأسئلة بهدف المزاوجة بين المادة النظرية والتطبيق العملي.
كما انتهى كل فصل بعدد من الأسئلة الموضوعية (اختيار من متعدد) يختبر فيها الطالب نفسه بعد الانتهاء من قراءة الفصل.
وقد ورد بين ثنايا المادة عددٌ كبير من الأنشطة جاء الكثير منها بهدف تنمية قدرة الطالب على البحث والتعلم الذاتي وتغطية بعض الأمور المهمة والتي لم يتسع المجال للتعرض لها، كما جاء القليل منها لتقويم فهم الطالب ومدى استيعابه، كما جاء في نهاية الكتاب بعض السطور من السيرة الذاتية للباحثة.
آمل أن أكون وفقت في إعداد وتنظيم هذا الكتاب ليكون رفيقاً للمتعلمين والمعلمين.
وأسأل الله التوفيق
د. سهام محمود خصاونة