استراتيجيات ما وراء المعرفة في فهم المقروء

لمقدمة
الحمد لله الذي خص الإنسان بنعمة العقل لسياسة النفس ولجم نوازع الشر فيها، وإسداء النصائح، وتجنب القبائح… والصلاة والسلام على خير الأنام أعظم العظام، وأحسن ختام الحبيب المصطفى، وآله وصحبه الأطهار الكرام وبعد:
فإن القراءة مفتاح الكنوز، وسبيل الفوز بالمعارف الإلهية والإنسانية بها يطل الإنسان على ما تنزل في القرآن، وما عمله الآخرون في كل زمان ومكان.
بالأمر بها بدأ التنزيل، وعليها شدد البارئ إذ قال جلّ:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)) العلق: ١ – 4
السورة نفسها التي فيها إشارة لارتباط القراءة بالكتابة إذ لا قراءة من دون مكتوب.
فأيُّ مكانه لهذا الفعل الذي ينال هذا التشديد من الخالق؟!.. الذي به يأمر مبتدئاً التنزيل مكرراً.
إن هذا التشديد من الخالق – جل وعلا- على القراءة دليل قاطع، وبرهان ساطع على دور القراءة في رفد العقل بالعلم والمعرفة، وكونها السبيل اليسير لتحصيل العلم الوفير ليتفاعل معها مقوماً، فآخذاً ومعطياً لا سيما من تلك العلوم التي يفصله عن أصحابها بعد الزمان أو المكان .
وإذا كانت القراءة كذلك فإن دورها يكمن في فهم المقروء، والإحاطة بالمضمون الظاهر فوق السطور، والمكنون منه خلف السطور، وليس من القراءة تلك التي تقف عند نطق المكتوب من دون أن يلج معناه القلوب، ومن العيب أن يقر في الأذهان أن القراءة لفظ وحفظ، إنما هي فهم المكتوب الملفوظ ومعرفة المكنون، وتوظيفه في تعديل السلوك، وبلوغ المقاصد في مواجهة الشدائد، ومن هنا يتقدم فهم المقروء على نطقه لأن الفهم غاية ولفظ المكتوب وسيلة مع أن الوسيلة سبيل الغاية.
وإذا كانت القراءة مهارة من مهارات الاتصال اللغوي فإنها وسيلة لفهم المكتوب وليست غاية بحد ذاتها، وعلى هذا ينبغي أن يشدد المعلمون في تعليم القراءة فيسعون إلى تنمية مهارات الفهم القرائي بأنواعها المعرفية وفوق المعرفية.
و انطلاقاً من الحاجة في تعليم القراءة إلى استخدام استراتيجيات تسهم في تنمية مهارات الفهم القرائي لكي تؤتي عملية القراءة أكلها اهتم المؤلف لتقصي الاستراتيجيات الحديثة في تعليم القراءة من أجل تنمية مهارات الفهم القرائي والتفكير المعرفي، وما وراء المعرفي فجعل كتابة في خمسة فصول هي:
الفصل الأول: القراءة مفهومها ومستويات الفهم فيها
عرض فيه مفهوم القراءة، وآليتها وأهميتها، ومستويات الاستيعاب القرائي والمهارات اللازمة لكل مستوى واستراتيجيات تطوير الاستيعاب القرائي، ومشكلات تعلم القراءة، ومظاهر ضعف المتعلمين في القراءة، وكيفية تطوير الفهم القرائي، وما يفعله المدرس لتنمية مهارات القراءة، وصفات معلم القراءة.
الفصل الثاني: استراتيجيات تعليم القراءة للمبتدئين
عرض فيه: الاستراتيجية التركيبية والطرائق التي تندرج تحتها وخطواتها وميزاتها وعيوبها، والاستراتيجية التحليلية والطرائق التي تندرج تحتها وخطواتها وميزاتها وعيوبها، والاستراتيجية المزدوجة ومراحلها وميزاتها.
الفصل الثالث: استراتيجيات تعليم القراءة من أجل الفهم لغير المبتدئين
عرض فيه: الاستراتيجية البنائية، ودائرة الأسئلة، وحل المشكلات، وتنال القمر، والتلخيص، والعصف الذهني، والمنظمات المتقدمة، والتعلم التعاوني، وخطوات كل من هذه الاستراتيجيات في تعليم القراءة وميزاتها ومبادئها.
الفصل الرابع: التفكير أنواعه ومستوياته والحاجة إليه.
عرض فيه: مفهوم التفكير، ومستويات التفكير الإنساني والتفكير الإبداعي ومهاراته، والتفكير الناقد ومكوناته ومهاراته، ومعاييره، والتفكير الاستدلالي ومفهوم ما وراء المعرفة وأهميتها في تعليم القراءة، ومهارات ما وراء المعرفة، والمبادئ التي يقوم عليها تعليم ما وراء المعرفة، وما يجب على المعلم عند استخدامها في القراءة.
الفصل الخامس: استراتيجيات ما وراء المعرفة في تعليم القراءة.
عرض فيه: اثنتين وعشرين استراتيجية تدريس حديثه لاستخدام ما وراء المعرفة في تعليم القراءة مبيناً مفهوم كل منها والأسس التي تقوم عليها وخطوات استخدامها في تعليم القراءة، وميزات استخدامها وعرض نماذج تطبيقية لبعض منها لأغراض توضيح خطوات استخدامها في تعليم الدرس القرائي.
آملاً أن يكون أسهم في تقديم ما يمكن أن يؤدي إلى تطور مهارات الفهم القرائي وتوظيف مهارة القراءة في تحصل المعارف واستيعاب المواد الدراسية، ورفع مستوى التحصيل لدى الطلبة، وإعانة معلمي اللغة العربية ومدرسيها وطلبة أقسام اللغة العربية في كليات التربية والمعلمين على تبني استراتيجيات فاعلة في تعليم القراءة وتنمية مهارات الفهم القرائي ومن الله التوفيق.
المؤلف