المقدمة
يتألف هذا الكتاب من مجموعة من الدراسات المنشورة التي تسلط الضوء على الأدب ونقده في قديمه وحديثه؛ ارتأت الباحثة أن تجمعها في مؤلف واحد لغرض في محاولة متواضعة لإفادة الباحثين.
وتبتدئ هذه الدراسات بدراسة عن (الشعر النسوي وأغراضه في العصر العباسي) التي تحاول التوغل في ماهية اللغة الشعرية كما هو الحال في الدراسة التي تليها:(الأداء اللغوي بين المعجمية والشعرية في شعر المعتمد بن عباد) ومعرفة اختلافاتها الجوهرية عن لغة الأداء اليومي العادي والوصول إلى نوعية مكونات الأداءين، ومن ثم، كيفية توظيف لغة الأداء اليومي المعجمي هذه في الشعر وتحولها إلى أداء تعبيري خاص بالمعجم الشعري، وهذا التوغل البحثي حاولته الدراسة عن طريق تأمل العينة المبحوثة وملاحظة النزعات التي تسم الأداء التعبيري الخاص بهذه العينة والنابعة بكل تأكيد من الأداء اليومي المعجمي والظروف البيئية والخارجية المحيطة بعينة الدراسة للتوصل إلى النتيجة التي نبتغيها بصورة تطبيقية تقدم إدراكا للمفاهيم والتصورات الخاصة بالأداءين المعجمي والشعري للغة، ولكن كانت النتائج بصورة أوضح في الدراسة الثانية من الأولى وذلك لكون الشعر النسوي لمجموع الشواعر قليل ومتفرق مقارنة بشعر المعتمد بن عباد.
وقد حاولت دراسة (نظرية التلقي والتأويل في التراث النقدي العربي) أن تتبع نظرية التلقي والتأويل الأدبية في التراث الأدبـي والنقـدي العربـي القديـم، وهذا التوغل البحثي تم عن طريق مجموعة من المصادر التي أولت عنايتها لهذا الجانب، لذا عمدت إلى الإفادة منها للتوصل إلى النتيجة التي تبتغيها، ومن ثم، تبيان التحققات التواصلية بين هذه النظرية والتراث العربي القديم من جوانبها الأهم الذي تستند عليه هذه النظرية وهو التلقي على تنوعه واختلاف تأويلاته إن كان ذلك متواجدا في التراث العربي، مما يمكن أن يسهم بصورة بسيطة في محاولة تقديم إدراك للمفاهيم والتصورات الخاصة بهذه النظرية عبر تطبيقها على عينات من النقد العربي القديم واكتشاف مدى التطابق بينهما، على أن الهدف من هذا التتبع هو ربط الماضي بالحاضر على حداثته.
في حين قامت دراسة(نظرية التلقي والتأويل من منظور نظرية الأدب/ رواية (الإرهابي) لجون أبدايك اختيارا) بتقديم تمثلات نظرية التلقي والتأويل من وجهتها الأدبية مع الإشارة إلى أصولها الفلسفية، وهذا التوغل البحثي في دراستنا تم عن طريق تطبيق هذه النظرية في الأدب الروائي / رواية الإرهابي لجون أبدايك اختيارا، وذلك لبيان مدى الفروقات بين هذه النظرية التي تهتم بالقارئ والمتلقي والنظريات الأخرى التي تهتم بالمؤلف أو الـتي تهتم بالنـص، ومن ثـم، تبيان التحققات التواصلية الثرية من جوانبها التأويلية نظرا لطبيعة هذه النظرية.
أما دراسة (البناء اللغوي في قصيدة الومضة العراقية/ كاظم الحجاج اختيارا) فقد عنيت بتقديم تمثلات البناء اللغوي لقصيدة الومضة العراقية عبر العينة المختارة، وذلك التوغل البحثي تم عن طريق التعريف والخصائص المتعارف عليها لغوياً ودلالياً من الناحية النظرية ومحاولة تطبيقها إجرائياً على العينة، ومن ثم، تبيان التحققات التواصلية بين النظري والتطبيقي بالاعتماد على الجوانب التأويلية.
وتكشف لنا النصوص الشعرية في دراسة(المجموعة الشعرية(مقاطع مطوقة) للشاعر شوقي عبد الأمير بين تحولات الزمان وثبوتية المكان) بميول كاتبها نحو التركيز على تجليات(المكان/الزمان) وتحولات أحدهما نسبة إلى ثبوتية الآخر، وتمييز دلالاتهما الرئيسة ومقصدياتهما، من أفعال تحقق التواصل وتنجزه عبر فضاء هذا المفهوم ومجموعه المتكون من: (الزمان/المكان)؛ إذ يساعد على إدراك المواقف والتصورات التي تختزلها النصوص الشعرية في متوالياتها، كما وتكشف لنا النصوص الشعرية بميول كاتبها بتطبيق هذه المتوالية المكانية والزمانية بين الأدب الواقعي والأدب العبثي وما تضمنته من أساليبهما الخاصة ورؤاهما، فيتحول الفضاء النصي الشعري إلى فضاء متراوح بين النوعين الأدبيين بما يحتويه من مقومات واقعية ومقومات عبثية تتمحور معاً وبالدرجة الأساس نفسها فتشكل نصوصاً واقعية وأخرى منتمية إلى اللامعقول مبرزة ما يدور في من احتمـالات التشفير الإحالية.
أما دراسة (الفضاءات الزمكانية ودلالاتها/ رواية (الفتنة) لكنعان مكية اختيارا) فقد تمثلت بمفهوم الزمكانية (الكرونوتوب) في كونه مفهوما يعود في أصوله إلى الباحث الروسي باختين , ويشكل هذا المفهوم إسهامات جوهرية في بناء الرواية , وتمييز دلالاتها الرئيسة ومقصدياتها , لما يمتاز به من أفعال تحقق التواصل وتنجزه عبر فضاء هذا المفهوم ومجموعه المتكون من: (الزمان/المكان)؛ إذ يساعد على التيمات التي تختزلها الرواية في متوالياتها.