تمهيد
من المعروف أن القواعد التي تحكم الضريبة العامة تنقسم إلى قسمين قواعد موضوعية وقواعد إجرائية، فالأولى يقصد بها القواعد التي تحكم فرض (ربط) الضريبة أو تحديد الالتزام، والثانية تشمل دفع (تحصيل) الضريبة أو اقتضاء الالتزام وحل منازعاته.
والهدف من هذه القواعد بقسميها هو تحقيق التوازن بين حماية حقوق المكلف وضماناته وتحمل الأعباء المالية على أساس من العدل والمساواة، وحماية حقوق الدولة في اقتضاء الضريبية وتكوين الحصيلة لمواجهة النفقات العامة، وإذا كانت قواعد القانون الضريبي تتناول الخصائص العامة للضريبية من الناحية القانونية أو الشرعية فإن ذلك لا يمنع من أن نظرية الضريبة تتناول جوانب أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وقد جاء هذا الكتاب في عشرة فصول:
الفصل الأول: تعرض لموضوع الإدارة الضريبية وقدم مفهومها وأهميتها وعناصرها وسمات الإرادة الضريبة الجيدة.
الفصل الثاني: اشتمل على تلخيص لقانون ضريبة الدخل رقم 25 لسنة 1964.
الفصل الثالث: تناول تحليل التعديلات التي طرأت مع قانون ضريبة الدخل الأردني رقم 25 لسنة 1964 بموجب قانون رقم 37 لسنة 1985 وقانون رقم 14 لسنة 1995.
الفصل الرابع: يقدم محتوى شاملاً لموضوع الطعن في ضريبة الدخل في التشريع الضريبي الفلسطيني والتشريع الضريبي الأردني والتشريع الضريبي المصري.
الفصل الخامس: تطرق لموضوع الطعن في ربط الضرائب غير المباشرة في التشريع المصري وبين أنواعها.
الفصل السادس: تناول المحاكم الضريبية وقانونية تشكيل محاكم الاستئناف والتمييز كما ورق في ضريبة الدخل الأردني رقم 25 لسنة 1964.
الفصل السابع: يتمحور حول أثر انتفاضة الأقصى مع الحصيلة الزمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية للفترة ما بين 2000-2002.
الفصل الثامن: تركز هذا الفصل مع طرق الطعن في التشريع الضريبي الفلسطيني والمصري والعراقي والسوري والأردني كما تناول الطعن القضائي في التشريع الضريبي الأردني.
الفصل التاسع: اشتمل على طرق التقدير في التشريع الضريبي الأردني رقم 25 لسنة 1959 ورقم 57 لسنة 1983. وطرق التقدير في التشريع المصري والسوري.
الفصل العاشر: وأخيراً قدم حالات عملية في القضاء الضريبي لفائدة الدارسين والباحثين ولتقريب الموضوع من الناحية العملية.
والله الموفق
المقدمة
قد تحصل منازعات بين الإدارة الضريبية وبين الممول بمناسبة قيام الإدارة الضريبية بإحدى العمليات المتعاقبة التي تشارك في ربط الضريبة أو جبايتها. وللوصول أي ربط الضريبة ينبغي توافر الواقعة المنشئة لها وتقدير وعاء الضريبة وتطبيق السعر المنصوص عليه قانوناً على الإيرادات الخاضعة للضريبة عند تحقق الواقعة المنشئة لها. وبعد الانتهاء من إجراءات ربط الضريبة تعمد الإدارة الضريبية إلى تحصيلها، وفي حالة تخلف الممول عن أداء الضريبة المستحقة عليه تقوم الإدارة الضريبية باتباع إجراءات الحجز الإداري والتنفيذ على أموال المتخلفين عن أراء الضريبة بمقتضى طرق إدارية سريعة. ويكون التنفيذ بمقتضى تبليغات تصدر الملزمين قانوناً بتسديد الضريبة للخزانة العامة.
من هنا تبدو أهمية بحث موضوع إدارة المنازعات الضريبية من الناحيتين النظرية والعملية خاصة إذا لاحظنا أن الضرائب بمختلف أنواعها وعلى الأخص الضرائب على الدخل تثير الكثير من المنازعات بين الممولين والإدارة الضريبية نتيجة التدخل المستمر لتلك الإدارة، والإحساس المكلفين بها. فضلا عن أن قوانين الضرائب تتميز عن غيرها من القوانين بأنها تخضع للتعديل والتبديل المستمر مما يؤدي إلى تعدد النصوص وتعقيدها، وصعوبة تفسيرها وتطبيقها وبالتالي جهل الممولين في كثير من الأحيان بها. ويترتب على ذلك قيام الإدارة الضريبية بإصدار تعليمات تفسيرية ليست لها قوة القانون لتفسير النصوص حسبما يتراءى لها مما يدعو الممولين إلى مقاومتها ومن ثم قيام منازعات بينهم وبين الإدارة الضريبية.
وقد حاولت بعض التشريعات الضريبية حل هذه المنازعات عن طريق الإدارة الضريبية نفسها بأن تتطلب من الممول تقديم تظلم إلى مصدر القرار أو إلى رئيسه أو على لجنة إدارية متخصصة، وهي تهدف من ذلك إلى تخفيض العبء على القضاء وإنهاء المنازعات في مراحلها الأولى فضلا عن توفير وقت وجهد الممول، وتكاد جمع هذه التشريعات على استلزام التظلم قبل رفع الدعوى وانتظار نتيجته حتى تتحقق الحكمة من وجوبه.
ومع ذلك لا يصح المبالغة في أهمية هذا الضمان للممول، إذ أن الإدارة الضريبية قد لا تعترف بخطئها وترجع إلى الصواب فضلا عن أن الممولين لا يشعرون بالاطمئنان على حقوقهما إذا ترك أمر البت فيها عند الاعتداء عليهم على حكمه و خصم لهم في نفس الوقت شعاره إن القانون الضريبي يقوم على السلطة.
لذلك كان طريق الطعن القضائي بما يتطلبه من إجراءات هو أنجح الضمانات للممولين فهو يحقق الرقابة القضائية على الإدارة الضريبية عند ممارسة نشاها ومن ثم يضمن حقوق الأفراد ضد ما يشوف قرارات لربط الإدارة وتحصيلها من تعسف أو خطأ ونتيجة لذلك نصت التشريعات الضريبية على إجراءات التقاضي أمام المحاكم في منازعات الضرائب.
وبهذا تنتصر قواعد الأخلاق المالية تلك القواعد التي تقوم على الحريات الفردية والعدالة والمساواة والتي تستمد من مبدأ المساواة بين المواطنين أمام الأعباء العامة وشرعية الضريبة( ).