المقدمة
التعبير هو نشاط لغوي دقيق، وممارسة مستمرة، وقدرة على السيطرة على اللغة ووسيلة للتفكير، والاتصال، والتفاعل، والتفاهم، وهو مخزون لغوي من القراءة، والاطلاع والخبرة المتراكمة فهو الإبانة والإفصاح عما يجول في خاطر الإنسان من أفكار ومشاعر وتفاعل مع الآخرين يفهمه، ويفهمونه عبر لغة معينة شفوياً أو كتابياً.
فالتعبير فن، ومهارة شأنه في ذلك شأن بقية مهارات اللغة الأخرى، وهو عامل مهم في عملية الاتصال؛ فالإنسان صغيراً كان أم كبيراً بحاجة ماسة إلى التعبير عن أفكاره وحاجاته ومشاعره ليفهمه الآخرون ويعبر به عن نفسه أيضاً.
لقد أصبح التعبير رياضة للذهن، فالأفكار والمعاني غالباً ما تكون غامضة وغير محددة في الذهن، والإنسان عندما يضطر إلى التعبير فهو يضطر إلى أعمال الذهن لتحديد الأفكار والمعاني وتوضيحها والتعبير عنها شفهياً أو الكتابة عنها تحريرياً.
والتعبير على الصعيد المدرسي نشاط لغوي مستمر فهو ليس مقرراً في درس التعبير بل أنه يمتد إلى جميع فروع اللغة العربية داخل الصف أو خارجه وكذلك يمتد إلى المواد الدراسية الأخرى ففي فروع اللغة تكون إجابة الطالب عن أسئلة في القراءة فرصة لممارسة التعبي،ر وفي شرح الطالب بيتاً من الشعر هو تدريب على التعبير وفي إجابة الطالب عن أسئلة حول نص في الإملاء يتحقق التعبير، ومع ذلك فإن إجادة التعبير والمهارة فيه لا تتحقق إلا بالممارسة المستمرة، والتدريب المتواصل لذا يعد التعبير البعد المعرفي وهذا البعد يرتبط بتحصيل المعلومات، والحقائق، والأفكار، والخبرات ولا يتم ذلك إلا بالقراءة المستمرة المتنوعة الواعية. إن التعبير بعد ذلك يستمد أهميته من كونه وسيلة الإفهام ومن كونه متنفس الطالب بالتعبير عما تجيش به نفسه، ومن كونه يوسع دائرة تفكير الطالب، ويعوده التفكير المنطقي ويعده للمواقف الحيوية التي تتطلب فصاحة اللسان، والقدرة على الارتجال.
إن مجالات التعبير التحريري كثيرة، بعضها يجده الطالب في المدرسة، وبعضها تزخر به الحياة وتزدحم فيها أذهان الطلاب، ومن هذه المجالات كتابة الرسائل، والمذكرات والتقارير، والملخصات، وشرح بعض الأبيات الشعرية ونشرها وإعداد الكلمات وكتابة محاضر الجلسات، والاجتماعات، وتحويل القصة إلى حوار تمثيلي، والإجابة عن أسئلة الامتحانات.
لقد أكدت الدراسات المختلفة ضعف الطلبة في التعبير بل أن بعض الدراسات أثبتت قصوراً شديداً في التعبير لدى المتعلمين في المراحل الدراسية كافة، وقد شخص المهتمون أخطاء التعبير في التفكير، والأسلوب، وكثرة الأخطاء النحوية، والإملائية يزاد على ذلك أن الطلبة كثيراً ما يظهر عجزهم في التعبير بسبب ابتعادهم عن معالجة الفكرة الرئيسة في الموضوع أو اعتمادهم مقدمات طويلة مملة مما يؤدي إلى تشتت الذهن وتشويه الأفكار.
وانطلاقاً من هذه الأهمية فإن المؤلف ارتأى أن يبحث في هذه المشكلة التي تواجه الطلبة، ووضع الأساليب الصحيحة في التدريس الفعال لتلك المهارة المهمة في اللغة العربية، فبرزت الحاجة إلى أن يخوض في هذا الموضوع الفعال- ووضع بين أيدي الباحثين والقائمين بالعملية التعليمية هذا الكتاب الذي في أصله رسالة ماجستير بحث في هذه المهارة .
تضمن الكتاب ستة فصول هي:
الفصل الأول: وهو مدخل إلى التعبير تطرق إلى اللغة، والفكر، واللغة القومية، ولغتنا العربية عند غير أهلها واللغة العربية والتحديات، وعرج إلى منزلة التعبير في اللغة العربية وأنواع التعبير، والتعبير والتفكير، وتعليم الأنماط اللغوية، ومجالات التعبير الكتابي وأنهى هذا الفصل بتعريفات تربوية لمهارة التعبير.
الفصل الثاني: فلسفة التعبير وواقع تدريسه تضمن، فلسفة التعبير، والهدف من تدريس التعبير، والكتابة والتفكير ثم الكتابة والتحدث والتعبير عملية اتصال وتقسيمات التعبير، ومهاراته المطلوبة ثم انتهى إلى واقع تدريس التعبير، وأسس تعليمه وتصحيح موضوعات التعبير والأسس التي يستند إليها المعلم في تصحيح التعبير التحريري.
الفصل الثالث: دراسات علمية تربوية في التعبير: تضمن هذا الفصل دراسات عربية ودراسات أجنبية تناولت التعبير وقد ناقشها المؤلف ناقداً لمواطن القوة والضعف في هذه الدراسات.
الفصل الرابع: مشكلات تدريس التعبير في المرحلة الثانوية، تضمن أدوات الدراسة للتوصل إلى تحديد مشكلات تدريس التعبير، وبين مجتمع البحث، وعينته وتطبيق الأداة والوسائل الإحصائية التي استخدمت للتوصل إلى النتائج.
الفصل الخامس: نتائج الاستبانة، تضمن عرضاً لنتائج الاستبانة في مجالات الأهداف، واختيار موضوعات التعبير التحريري، وطرائق وأساليب التدريس المستخدمة، ومدرسي واللغة العربية الطلبة، وتصحيح موضوعات التعبير التحريري.
الفصل السادس: الخاتمة ومنه توصل المؤلف إلى توصيات، ومقترحات لدراسات مستقبلية في هذا الميدان اللغوي المهم.
المصادر
وختاماً يأمل المؤلف أن يكون هذا الكتاب رفيق الباحثين، ومؤلفي مناهج اللغة العربية والدارسين لمهارة التعبير، لهذه المهارة، أسأل المولى عز وجل أن ينور بصائرنا لما فيه خير لغتنا وأمتنا إنه سميع مجيب الدعاء.
المؤلف