أساسيات الإقتصاد الإسلامي

المقدمة
إن الإسلام عقيدة شاملة تستند إلى مفهوم وحدانية الله والدعوة إلى تحقيق الأخوة والمساواة والعدالة بين البشر. والإسلام يزود البشرية بنظام إقتصادي فريد يرتكز على الإستفادة من الموارد المحدودة التي امتنّ بها الله علينا في المجتمع، لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين وتوفير وسائل عيشهم الشريف. وللإسلام نظرة فاحصة إلى الثروة بين أيدي الناس على أنها وديعة أو أمانة من الله؛ فالثروة ليست مُلكًا للإنسان فهو مؤتمن عليها، وعليه واجب تنميتها بالطرق المشروعة.
لقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين إنطلاقة جديدة في الفكر الإقتصادي الإسلامي، تدعو إلى المبادرة في إصلاح الهياكل الإدارية والإقتصادية والمالية في الدولة الإسلامية من أجل خلق نظام إقتصادي لا ربوي يحقق لها الكفاية الإنتاجية والعدالة الإجتماعية. كما برزت إلى حيز الوجود في مختلف أرجاء العالم مجموعة من المصارف والمؤسسات المالية والإستثمارية التي تمارس أعمالها على أساس التمويل بأسلوب المشاركة وصيغ التمويل الإسلامية الأخرى كبديل عن الأساليب الربوية.
وإنني أقدم هذا الكتاب للقارئ والطالب الجامعي والمدرس والباحث والمستثمر لتوجيه اهتمام كل منهم نحو مبادئ الإقتصاد الإسلامي لتعميق فهمهم لقواعده ومرتكزاته وآفاق تطبيقه.
كما آثرنا في هذه الدراسة التحليلية أن نسلط الأضواء على قضايا مختارة من النظام الإقتصادي الإسلامي.
ويحتوي هذا الكتاب على عدة فصول. وقمنا بتخصيص الفصل الأول لشرح بعض المفاهيم الأساسية في علم الإقتصاد بشكل عام، في حين تم تخصيص الفصل الثاني لشرح المفاهيم في الإقتصاد الإسلامي.
وتناولنا في الفصل الثالث توضيح مفهوم الرِّبا وآثاره الإقتصادية والإجتماعية، وأضفنا ملحقا بنظريات سعر الفائدة في النظام الرأسمالي.
أما الفصل الرابع فخصص لموضوع الإنتاج وعناصر الإنتاج وعوائدها في الإقتصاد الإسلامي. وفي الفصل الخامس تناولنا شرح المشكلة الإقتصادية وأساليب مواجهتها. وبحثنا موضوعي الإستهلاك والإستثمار والضوابط الإسلامية لهما في الفصلين السادس والسابع.
وفي الفصل الثامن قمنا بشرح النظام المصرفي الإسلامي والصيغ الإسلامية لتمويل الإستثمارات، وأسس السياستين النقدية والمالية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة في المجتمع الإسلامي.
وشرحنا في الفصل التاسع سوق المنافسة الكاملة والمفهوم الإسلامي لها.
وتم تخصيص الفصل العاشر لتحليل نماذج وأسواق الإحتكار المختلفة. وفي الفصل الحادي عشر أوضحنا الأسس العامة لتدخل الدولة الإسلامية وأسس تدخلها في الإقتصاد الإسلامي.
واشتمل الفصل الثاني عشر على مناقشة مفاهيم التنمية الشاملة وعقباتها والمنظور الإسلامي لبلورتها.
وأخيراً خصص الفصل الثالث عشر لشرح المفاهيم الخاصة بالتأمين التجاري والتأمين التعاوني الإسلامي.
وختاماً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الجهد إسهاماً متواضعاً في سد الفراغ الذي تشكو منه مكتبة الإقتصاد الإسلامي، وأن يكون إضافة نوعية وإثراء للمكتبة العربية والإسلامية.
وآمل أن يكون هذا الكتاب حافزاً للباحثين والإقتصاديين والمتخصصين في الفقه الإسلامي، للعمل الدؤوب المستمر في الدراسات الإسلامية والمصرفية والمالية لإيجاد حلول إسلامية لقضايا الإقتصاد الإسلامي المعاصر.
وأدعو الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والسداد
والله ولي التوفيق
الدكتور محمود حسن صوان