المقدمة
كل دولة على قدر من التنظيم العام يكون لها دستور يحكمها وينظم سلطاتها. وتسمى مجموعة القواعد التي تتعلق بالشؤون الدستورية العامة باسم “القانون الدستوري” ومما لا شك فيه ان لكل مجتمع مهما اختلفت درجته من الحضارة أيدلوجية خاصة، يستمدها من الظروف التاريخية والدولية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والفلسفية التي تسيطر عليه.
وعلى ذلك فالنظام السياسي الذي يحكم أي مجتمع يستلهم في احكامه وتنظيماته الايديولوجية التي تقوم عليها الدولة.
ويعد القانون الدستوري الاساس في البنيان القانوني للدولة الذي تتدرج في ظله بقية القواعد القانونية، فالقواعد الدستورية تحدد الفلسفة الرسمية للتشريع في الدولة وهو حين يحدد الإطار القانوني العام لنشاط الدولة، ويضع الضوابط الاساسية لوظيفة الحكم وسير السلطات العامة فيها فأنه يأخذ مكانه في القمة من كل النظام القانوني.
ومن الناحية السياسية فأن القانون الدستوري هو تنظيما للظواهر السياسية في حياة شعب معين، وعليه فأن الواقع الدستوري يعد مؤشر صادق للدلالة على حيوية الحياة السياسية لشعب معين ، فصياغة قواعد الدستور لاتعد عملية قانونية فنية بحته وانما هي تتأثر باعتبارات الواقع السياسي لشعب معين في زمن معين ، فالدستور يحدد المقومات الاساسية لحياة الدولة وافراد شعبها حكاما ومحكومين في ضوء فلسفة معينة يمليها الواقع السياسي ورغبة واضعي الدستور في تحقيق الانسجام بين ظاهرة السلطة السياسية ومفهوم الحريات العامة طبقا للفلسفة السياسية التي يعتنقونها والنظام السياسي الذي يميز كل دولة عن الاخرى يمكن التعرف عليه من دستورها، فالدستور هو الذي يبين نظام الحكم فيها ووسائل ممارسة السلطة ومركز الفرد منها ، ومدى حقوقه والتزاماته.
وجاءت اقامة، قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية سنة 2004 والدستور الدائم لسنة 2005، في ظل النفوذ والهيمنة الأجنبية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003، بحد ذاته، كارثة في تاريخ العراق لقيامها على أسس تتناقض والمبادئ الدستورية التي استقرت عليها اغلب دساتير العالم المتدن، وأبرزها قيم المواطنة التي تعد أبرز وأهم اسس الدساتير.