تمهيد
تعد مشكلة التهجير من أصعب وأعقد المشاكل الاجتماعية التي تواجهها البشرية والتي تأتي عادةً بسبب الكوارث الطبيعية والبشرية وما يترتب عليها من تهجير واضطهاد في بقاع متعددة من المعمورة، مما يجعل حقوق الإنسان هي الضحية الرئيسية في كل شيء. (الزغل والطعاني وعثامنة، 2006، ب د)
وبما أن منطقتنا العربية كانت وما زالت من أكثر بقاع الأرض عناءً من تبعات تلك الكوارث، حيث كانت دولة فلسطين أكبر مثال لهذه التبعات فالتقت مصالح الأضداد عليها حين ساوم اليهود الأوروبيين على أرض الميعاد كما يدعون، بسبب موقعها الإستراتيجي ولمكانتها الدينية لجميع الأديان السماوية، ليخرجوا من أوروبا ويخلصوا بلدانها من المسألة اليهودية ويحققون المصالح الأوروبية بالسيطرة على العالم العربي والممرات المائية (الدغستاني، 2010 ، ص8)، ويذكر هربرت سايديونام بأنه” لولا اليهود ما كان ليكون انتداب بريطاني على فلسطين” (غوجانسكي، 1987، ص98).
وبتاريخ 15/5/1948 وهو يوم ولادة الدولة اليهودية وما سبقه بفترة وجيزة، بدأت أقسى وأعنف موجات التهجير وأكثرها اضطهاداً للفلسطينيين، حيث تم تهجير شعب بأكمله من أرضه وفقدانه بذلك وسائل كسب رزقه، وقد استمرت تلك المأساة أيضا في العام 1967 لتبدأ رحلة اللجوء الفلسطيني في الشتات.
ولمعرفة اليهود لأهمية المرأة في الأسرة العربية والدور الكبير الذي تلعبه في حشد الهمم والعناية بالجرحى وعائلات المقاتلين فقد كانت هي هدفهم الأسمى في مخططاتهم، فكانت المرأة من أهم الشرائح المتأثرة من هذا التهجير المأساوي، حيث كان عليها مواجهة تزايد حاجاتها الإنسانية المختلفة للقيام بنفسها وبيتها وأطفالها، والواقع المرير من حيث اختلاف العادات والتقاليد والأديان في البلد المستضيف وحتى داخل بلدها الأم مع الثقافة الجديدة الدخيلة عليها من المحتل .
ونتيجة لسياسة الإبعاد الجماعي والتهجير والظروف القاسية التي يعيشها اللاجئين الفلسطينيين اكتسب الفلسطينيون المساندة الدولية، الأمر الذي دفع بالأمم المتحدة الاهتمام بحقوق الشعب الفلسطيني ووجوب حمايتهم ومحاولة إيجاد حل لهذه المأساة، بدأً من القرار رقم (181) للعام 1947 والخاص بتقسيم فلسطين لدولتين ومروراً بالقرار (194) في العام 1948 والمتضمن حق عودة اللاجئين وصولاً لاتفاق اوسلوا عام 1993 ، كما قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء هيئة خاصة (الأنروا) باللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار رقم (302) للعام 1950 (الحداد، 2009، ص7-9).
وبدأ في النصف الثاني من القرن الماضي تزايد الاهتمام في قضية حقوق المرأة بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكلِ خاص، لاسيما من المنظمات الدولية والأهلية بقضايا المرأة نتيجةً كون المرأة تعد من أكثر المتأثرين بنتائج الحروب والكوارث، عدا عن العادات والتقاليد الموروثة، وبدء الدول بالسعي لانتهاج الديموقراطية في سياستها، بالإضافة للفهم الخاطئ لديننا الإسلامي الحنيف بما يخص حقوق المرأة ، وكان من القرارات التي اتخذت لنصرة حقوق المرأة :
1- الإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 سنةً دولية للمرأة
2- اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة عام 1979
3- مؤتمر المرأة العالمي في بكين عام 1995 وما ترتب عليه من تشكيل اللجان في الكثير من الدول لمتابعة الالتزام بتوصيات المؤتمر وتطبيقها. (الزغل والطعاني وعثامنه، 2006، ص349-350)
كما أن الشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي تتكون من ثلاثة وثائق هي: (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) نصت على حقوق الإنسان وحريته الأساسية وعدم التمييز بين البشر والمساواة بين الجنسين، كون هذه المتطلبات الإنسانية هي المثل الأعلى الذي تنشده الأمم والشعوب كافة (الجارحي، 2003، ص4)، إلا أنه ومع الأسف فإن العادات والتقاليد لا تزال في بعض المجتمعات تجعل من الأعراف وغيرها قوانين منظمةً لها .
وكون بناء الإنسان في هذا العصر الحديث يحتاج إلى جهدِ كبير وتكلفة عالية لا تستطيع الدولة وحدها القيام به، ولذى فإن مؤسسات المجتمع المدني تلعب دوراً مهما في للمساعدة في ذلك من خلال مساهمتها في إيجاد توازن بين سلطة الدولة وسلطة الشعب، بما يضمن حقوق الأفراد ويدافع عن الفئات المهمشة في المجتمع، ويفعل سير الحراك السياسي والاجتماعي في الاتجاه الصحيح، مع العلم بأن هذه المؤسسات ليست بديلاً عن الدولة وليست مرادفاً لها كذلك، بل هي عون ومساهماً فاعلاً إلى جانب الدور الكبير الذي تقوم به الدولة (العابدين، 2011، ص5-8).
وإذا أردنا أن نصف عالم اليوم الذي أصبحت فيه وسائل الإعلام أحد أهم المكونات الأساسية المُتحكِّمة في حركة الإنسان، فإن أبلغ ما يقال فيه أنه ذلك العالم الذي يلتغي فيه حاجزي الزمان والمكان، وهذا ما يستدعي تكثيف الجهود في كيفية توظيف هذه التكنولوجيا الهائلة في خدمة القضايا المجتمعية المهمة، ولاسيما قضية المرأة التي هي جزء لا يتجزأ من المجتمع ككل، ولأنها ليست قضية تحرر فحسب، وإنما قضية مجتمعية قومية، وقضية تنموية بالمعنى الواسع لهذا المفهوم الذي يضع في اعتباره المشاركة في اتخاذ القرار، والقيام بالمسؤولية وتحملها (رمزي، 2004، ص15-16).
ولأهمية موضوع الإعلام والدور الذي تلعبه المنظمات الدولية الإنسانية والمؤسسات الأهلية في تشكيل اتجاهات الرأي العام في كافة مستوياته، فإنه على تلك الجهات أن تلعب الدور المسؤول في إظهار الحقيقة التي تعيشها المرأة الفلسطينية اللاجئة، وأن دورها في حماية حقوق الإنسان ليس وظيفة إضافية. “فإنه لا حقوق للإنسان بدون إعلام و لا إعلام بدون حقوق الإنسان” (سميسم ، 2011) .
أهم المصطلحات الإجرائية للدراسة