مقدمة
من المعروف أن الفضاء الإعلامي المعاصر وتقنياته المتطورة واكب تاريخاً مجتمعياً متغيراً. بدأ باول الثورات الإعلامية والإتصالية باستخدام الإشارات الجسدية إلى اللفظ الصوتي، ثم ظهور الكتابة وأدواتها التي سهلت التواصل الإخباري. وأدى اكتشاف الطباعة والتي مكنت من إصدار الصحف وطباعة الكتب.. أما بزوغ الكهرباء فقد ساعد على نقل المعلومات لمسافات بعيدة( البرق).
وفي عصر ( الفضاء) أصبح من الممكن نقل الصور والمكالمات من رواد الفضاء أثناء رحلاتهم المكوكية إلى الأرض.. ثم اختراع الهاتف.. تليها فكرة التحميل على الموجات الكهرومغناطيسية ليبدأ البث الإذاعي.. ثم التفكير بإرسال الصور المتحركة (التلفزيون) لتنقل عبر البث الفضائي التلفزيوني للأقمار الصناعية.
إن التقدم الهائل الذي حققه الإنسان في عالم( الإعلام) ربط العالم برباط وثيق قرب القاص والبعيد ألغى حدود العزلة التي فرضتها قيود( الدولة).. وفتحت السماوات واخترقت بفعل الآلة الإعلامية..
وأضحى الإعلام السلاح الذي يصوب في عقول الرأي العام..ليخترقه.. على حد تعبير المثل القائل” العيار الذي لا يصيب يدوش” .. وهنا.. قد يقتل الرأي.. أو يثور أو يتقبل ما يصوب إليه.. من إعلام سياسي موجه أو دعاية مضادة وكرد فعل.. فإن الرأي العام.. يشارك في صنع القرار السياسي.. وبات يعلم.. كيف تصاغ العملية السياسية..الموجهة إليه.. والإعلام .. أداة اجتماعية.. فالعلاقة بين الإعلام والنظم الاجتماعية هي علاقة تبادلية، فالمجتمع ينشأ النظام الإعلامي.. ويقوم الأخير بدوره في تطوير المجتمع أو تغيره.
ويساهم الإعلام في تفعيل العلاقات الدولية.. إذ نتج من هذه العلاقة بعض التشابك والتداخل بين المصالح القومية للدول.. وزاد اعتمادها على بعضها في مجال حماية أمنها القومي أو دعم مكانها الاقتصادي أو الدفاع عن معتقداتها السياسية والأيدلوجية. هذا فضلاً عن التعاون في المجالات الفنية والعلمية والثقافية.. كل ذلك بفعل الزيادة الهائلة في حجم الاتصال بين الدول ونيجة للثورة التكنولوجية في وسائل الإعلام الدولي وأساليبه.
لقد عملت ( الثورة الإعلامية) كما قلنا على إزالة الحواجز بين الدول حيث أضمن الخطاب الدولي بتقنياته المتعددة من الضرورات العصرية التي تسهم في توسيع مساحة البث والاستقبال وفي تحقيق الصلة بين الأمم.
وقد وظفت وسائل الإعلام الدولي من قبل المؤسسات والأفراد والحكومات لتحقيق أهدافها في التأثير على المتلقين من الجمهور.
ويعرف العالم حجم تأثير الإذاعات الدولية الموجهة في أزمان الحرب وفي السلم وكيف أنها ساهمت في اختراق الحواجز بين الدول وجعلت السلاح المعنوي يتقدم المعارك تمهيداً لتحقيق النصر المادي.
وصار العالم( قرية صغيرة) تلاشت فيه الحدود القومية وألغت الحواجز بين الحضارات وتداخلت ثقافات وتشكلت آراء وقبلت موازين قوى دولية بل اقتلعها من جذورها.. وانهارت جدران وسياسات وخلع رؤساء وتدخلت جيوش وصورت ضربات السلاح على أهداف مستهدفة، وشاهد الملايين حروبا حقيقية بلا مونتاج ولا( مقص الرقيب) كل ذلك بفعل إشارات البث الفضائي التلفزيوني المباشر الذي يعد أقوى وأخطر( ثورة إعلامية في عصرنا الحديث) كتابي (إعلامنا المعاصر وتقنياته الحديثة) قسم إلى.. فصول عدة..
تناول الفصل الأول: ( الإعلام الاجتماعي) العلاقة التبادلية بينهما وأثر بعضهما على الآخر.. وأساليب التأثير الإعلامي في المجتمع.. ونظمه.. ووظائفه العامة.
الفصل الثاني.. ( الإعلام السياسي) ويتناول العلاقة المتفاعلة بين السياسة والإعلام.. وتوظيف الإعلام في العملية السياسية من خلال الأدوات الإعلامية المهمة واستعراض نماذج من الإعلام السياسي كالدعاية والتضليل واستخدام الإعلام الخارجي والثقافي في تحسين صورة الدولة.في المبحث الأول.
الإعلام والرأي العام في المبحث الثاني. والعلاقة بين ظاهرة الرأي العام.. واعتبارها ظاهرة سياسية وأثر الإعلام في صقلها وتفعيلها.
الإعلام والعلاقات الدولية في المبحث الثالث. حيث يتحدث المبحث عن العلاقة بين الإعلام والعلاقات الدولية.. وتأثير وسائل الإعلام في تفعيل هذه العلاقة.. وكيف ساهمت هذه الوسائل في فتح الحدود الدولية.
أما الفصل الثالث.. الإعلام الدولي ووسائله الحديثة.. تناولنا في المبحث الأول.. مفهوم الإعلام الدولي.. وعوامل التأثير فيه..
أما المبحث الثاني..فقد استعرضنا الوسائل الدولية الإعلامية: من صحافة (طبعات دولية) وإذاعة دولية وتلفزيون دولي..
والتجديدات الحاصلة في هذه الوسائل.. كما استعرضنا مفهوم( البث التلفزيوني المباشر) والقنوات العالمية والعربية ونماذج منها.. واختتمنا الفصل بسؤال.. البث الفضائي غزو أم حضارة.؟
لقد حاولنا في هذا الكتاب أن نعطي تسميات عديدة للإعلام المعاصر.. وواكبنا التجديدات الحاصلة في تقنياته المذهلة ربما ساهمنا في إضافة شيء جديد.. لموسوعتنا الإعلامية المتجددة
والله الموفق
مجد هاشم رؤوف